استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أعلم إذا كان سؤالي هنا له حل صراحة، ولكن ما دفعني لذلك المعلومات الدينية الصحيحة والنفسية والعلمية التي تقدمونها هي التي جعلتني أطرح سؤالي هنا، ألا وهو:
هل الإنسان يشعر بقرب أجله قبل أن يموت؟ هل ذلك الشعور إنذار من الله عز وجل أم وسوسة من الشيطان؟ أم هي علامات حقيقية بالفعل لكل شخص ينتابه هذا الإحساس قبل موته؟ فنسمع كثيرًا في هذه الأيام بأن توفي فلان وفلان، وكأنه كان يشعر بقروب موته، وفعل أفعالاً ما كانت بنفسه قبل موته، ويتسامح من فلان وفلان قبل موته، فهل بالفعل هي حقيقة أم ماذا؟
ملاحظة: أنا كثير الخوف، ولكن عند الاطمئنان أرتاح وتذهب الأفكار فوراً، وقليل جداً ما تعاودني بعد فترة شبه طويلة أو لا تعود، أيضًا لدي أعراض التوهم المرضي، وأيضًا أخشى الأمراض الخبيثة -عافانا الله وإياكم منه- وبكل صراحة أنا مقصر بحق الدين، ومع الله، وكل ما أنوي الصراط المستقيم أعود للكسل من جديد.
ما أود أن أعرفه وبكل وضوح وصراحة أريد أن أعرف هذا الشعور بالاقتراب للموت عندما أستيقظ في الصباح حتى منتصف الليل الآن حقيقي أم ماذا؟
وجزاكم الله خيرًا شكراً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك أيهَا الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك ثقتك فينا وثناءك علينا، كما نشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يمُنَّ علينا وعليك بالتوبة النصوح، ويأخذ بأيدينا إلى كل خير.
نحن ننصحك أولاً – أيهَا الحبيب – نصيحة من يُحب لك الخير ويتمنى لك السعادة، أن تبادر بالتوبة إلى الله تعالى، وتحمل نفسك وتُجاهدها على أداء فرائض الله، واجتناب ما حرَّمه عليك، فهذا أفضل ما يتقرب به المتقرب إلى الله تعالى، كما قال سبحانه في الحديث القدسي: (وما تقرَّب إليَّ عبدي بأفضل مما افترضته عليه).
واستعن بالله سبحانه، واطلب منه أن يأخذ بيدك، وإذا علم الله منك صدق التوبة والإنابة فإنه سيتولى عونك، فإنه لا يردُّ من دعاه، لا سيما إذا دعاه دعوة مُضطر، وقد علَّمنا الله تعالى وأمرنا بأن ندعوهَ بطلب الاستعانة في كل يومٍ وليلةٍ سبع عشرة مرة على الأقل، وذلك في كل ركعة من ركعات صلاتنا المفروضة، بقولنا: {إياك نعبد وإياك نستعين}.
فالعبادة لا تتم إلا بعونٍ من الله تعالى، فالجأ إليه سبحانه أن يُعينك، وقد قال جل شأنه: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا وإن الله لمع المحسنين}.
ودع عنك ما يحاول الشيطان أن يُوهمك به بأنك لا تقدر على التزام التوبة ولا تستطيع القيام بطاعة الله، فهذه كلها أوهام يُحاول الشيطان أن يغرسها في قلبك ليحول بينك وبين الطاعة.
واعلم علم اليقين أن الله لا يُكلفك إلا ما تقدر عليه، فكل ما أمرك به الله لك القدرة على فعله، وحيث علم سبحانه وتعالى أن العبد لا يقدر على شيء رخَّص له بعض الرخص، وذلك في كل مقام بحسبه.
فاعزم العزم المؤكد على امتثال ما أمرك الله به واجتناب ما نهاك عنه، وسترى الخير الكثير، وستنفتح لك أبواب الطمأنينة والراحة والسعادة، فإن الحياة الطيبة تكفل الله تعالى بأن تكون في ظلال الإيمان والعمل الصالح، وكلُ من أخطأ هذا الطريق فإنه لن يهنأ بعيشٍ، فقد قال الله جل شأنه: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا} وقال سبحانه في المقابل: {من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبةً}.
وأما ما ذكرته من الشعور بالموت، فإن الموت من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ونحن نرى في أرض الواقع أن الناس يموتون وهم لا يعلمون متى سيموتون، وعلى الإنسان العاقل أن يستعدَّ للموت بما ينفعه عند الله تعالى، فإن الموت حق، ومجرد التخوف منه أو تذكره دون عملٍ جادٍّ نافعٍ، مجرد التذكر لا يُفيد، فالعالم كله يؤمن بالموت ويرى الموت وهو يحصد الأرواح أمام العيون، ولكن المؤمن يتخذ من ذلك التذكير واعظًا ودافعًا له نحو العمل الصالح.
وكن على ثقة من أنك إذا شغلت نفسك بالعمل الصالح من صلاةٍ وذكرٍ لله تعالى، وحضور مجالس العلم والذكر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصلة الأرحام، وبر الوالدين، وإعانة من يحتاج إلى إعانة، وغير ذلك من الأعمال الصالحة، كن على ثقة من أن هذه الأعمال ستضفي على حياتك الهدوء والطمأنينة والراحة، وحينها لن يكون ذكر الموت مُزعجًا لك، فإن الإنسان إذا عمل العمل الصالح أحبَّ أن ينتقل إلى الله تعالى ليُجازيه بذلك العمل.
نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك إلى كل خير.
منقووووووووووول