تخطى إلى المحتوى

أعاني من خوف مستمر وفقدت الرغبة في الحياة

أعاني من خوف مستمر وفقدت الرغبة في الحياة
استشارات طبيه علميه طب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حالتي بدأت منذ كان عمري 13سنة، صدمت بموت زوج عمتي، وأول مرة في حياتي أحضر عزاء، وبعدها أصابني خوف شديد، وأحسست أنني سوف أموت، وطبعا تعديت الأزمة -والحمد الله-، والله شفاني منها -ولله الحمد-، وأكملت حياتي طبيعية جداً.

ولما كنت في مرحلة الثانوية مررت بتجربة عاطفية فاشلة وسيئة، مما أدى إلى اعتزال الناس، وصرت أخاف ولا أنام، وانقطعت عن دراستي لمدة 3 سنوات، وذهبت إلى طبيب نفسي، وأعطاني حبوب بيروكسات وحبوباً للنوم remeron، -ولله الحمد- تحسنت حالتي، فقد كنت آخذ حبوب النوم لأنني لم أكن أستطيع أن أنام إلا بها، ولمدة سنتين أو أكثر.

أكملت دراستي حتى وصلت للمرحلة الجامعية، وبعد سنتين من الدراسة، ومنذ 3 شهور أصابتني حالة أخرى فجأة من دون مقدمات، ومن دون سبب، وأنا في مناسبة شعرت بوجع في رأسي وخفقان في قلبي وتوتر شديد لدرجة أنني خرجت من مكان جلوس النساء للخارج، ولكن أكملت المناسبة ورجعت إلى البيت، وبعدها كان يأتيني خوف وتوتر، ورجعت استخدمت حبوب البروكسات، لكن لا فائدة، كانت الحالة تزيد يوماً بعد يوم، والخوف يشتد أكثر، والوسواس يزداد، وباتت حالتي سيئة.

وفي أحد أيام رمضان كنت أفكر كثيراً بأنني لا أستطيع مواجهة الناس، وأنني سأتعب وسأنهار، فأصابتني آلام شديدة في البطن وخفقان في القلب وضيق في التنفس، كدت أموت منها، وكنت أبكي وأصيح وكأنني سأموت، وأخذت الحالة تزداد أكثر، وكنت آخذ حبوب البروكسات إذا أحسست بتعب، فصرت أخاف أن أخرج من البيت وأواجه الناس، ولا أستطيع الكلام معهم ولا أحس بالحياة، ولا بطعمها، فقدت إحساسي بالحياة، وتأتيني حالات هيجان وخوف من كل شيء، حتى عند شرب الماء، أو قول كلمة، أو حركة.

وكانت تزداد الحالة سوءا يوماً بعد يوم، وذهبت إلى طبيب نفسي آخر، وأعطاني حبوباً شبيهة بالبيروكسات وهي cipralex، ولكن كنت أتعب منها أكثر، وتزداد الحالة سوءا أكثر وأكثر، وكنت أبكي أو أصمت فقط، ولم أستطع الرجوع إلى الجامعة، لأنني لا أستطيع أن أتكلم مع الناس ولا أحس بنفسي، وكأنني ميتة فقط تتنفس، وذهبت إلى المشايخ أيضاً، ولكنهم قالوا إنني بخير.

تركت كل الأدوية منذ شهر وأكثر، وحالتي تزداد سوءا أكثر، والتفكير والوسواس يقتلني، وحتى الأكل لا آكل، وخسرت كثيراً من وزني، ولا أشتهي الأكل أبداً، وتأتيني أفكار سوداوية بأنني سأظل هكذا إلى أن أموت، ولن أرتاح، وأنني إذا خرجت ستأتيني الحالة مرة أخرى، ولا أهدأ حتى وأنا في البيت، ولما أفكر بأنني سأخرج من البيت أو أتكلم مع أحد، فإن حالتي تزداد سوءا أكثر وأكثر.

قاطعت صديقاتي وحتى إخوتي وأخواتي وأهلي وقريباتي، لا أتكلم معهم، أحس بأنني أتدمر كل يوم عن السابق، حتى بدأت أيأس من حياتي، وأدعو على نفسي بالموت لأرتاح ويرتاح الجميع مني، وليس عندي قوة ولا إصرار ولا حتى عزيمة، لأنني فقدت إحساسي بالحياة والأمل والتفاؤل، فقط أبكي أو أظل صامتة، وكلما بكيت تزداد الحالة أكثر، وأظل ساكتة أصارع ما بداخلي، لأنه يخنقني ويحرقني، وأحس بأشياء هستيرية وخيالات، وشيئاً يحرقني من الداخل.

حاولت الخروج، لكنني كنت أتعب أو أبكي حتى أرجع إلى البيت، ولا أحس بفرح أو أي شيء، وكأنني جثة هامدة فقط تتنفس، فقدت إحساسي حتى في نفسي أو في من حولي، وصرت أخاف من كل شيء أراه أو أسمعه، كالأصوات العالية، أو منظر في التلفاز، أو في حياتي، ولا أستطيع أن أعيش حياتي أو أتكلم أو أقول أو أفعل أي شيء، أو أن أسمع قصص الأشخاص وأسماءهم، ولو كان بسيطاً جداً، ونومي أصبح قليلاً.

أتمنى أن أجد الحل عندكم، لأنني أفكر في الانتحار ولكن أتردد وأخاف من الله ونار جهنم، وكل تفكيري أنني مجنونة أو سأجن وسأدخل مستشفى المجانين، وكل يوم يأتيني وسواس جديد، ولن ألقى علاجاً لحالتي هذه، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وداد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك الصحة والعافية.

حالتك واضحة جدًّا، وهي أنك الآن تعانين من قلق المخاوف الذي يحمل الطابع الوسواسي، وقد بدأت معك الحالة في وقت مبكرٍ نسبيًا، وأتصور أنه بعد وفاة زوج عمتك – عليه رحمة الله – وأنت في تلك السن الصغيرة، مثَّل هذا الحدث حدثًا حياتيًا ضخمًا جدًّا بالنسبة لك من الناحية النفسية، وتولَّد عنه القلق والخوف، ومن ثم تطورت الحالة إلى وساوس، والوسواس بطبيعته يُشعر الإنسان بالكدر وبالحزن والكرب، والتشتت الذهني واضطراب الذاكرة وعدم الارتياح العام، قطعًا أيضًا يُزعج الإنسان.

أيتها الفاضلة الكريمة: ليس هنالك ما يدعوك للتفكير في الانتحار، أنت شابة من فتيات الإسلام، أنت لديك أسرة، أنت في عمر صغير، أنت لديك طاقات نفسية وجسدية، وإن وجدت مشاكل وصعوبات فلكل شيء حلٍّ -إن شاء الله تعالى-.

إذًا يجب أن يكون النهج المتفائل هو نهجك، ولا تحكمي على نفسك بمشاعرك أو بأفكارك السلبية، إنما بأفعالك، وحين تكونين منجزة من خلال اجتهادك في دراستك، وأن يكون لك وجودًا حقيقيًا داخل أسرتك، وأن تكوني فاعلة ومتواصلة واجتماعية مع صديقاتك، ونشطة في محيط جامعتك، هذا يُغيّر من فكرك السلبي ومشاعرك المضطربة، ويجعلك -إن شاء الله تعالى- تكونين في أحسن حال.

إذًا أنت محتاجة لإعادة نظر، إعادة تغيير نمط الحياة، وهذا كله من خلالك أنت، فالله تعالى حباك بالطاقات وبالمقدرات، وإن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم، فاسعي وغيّري نفسك فكريًّا وفعليًّا على الأسس التي ذكرتها لك، وأنت -إن شاء الله- مقتدرة جدًّا.

العلاجات الدوائية لا بأس بها، وأعتقد أن عقار (زولفت) والذي يُعرف باسم (سيرترالين) سيكون الأنسب بالنسبة لك، البروكسات والسبرالكس كلها أدوية ممتازة، لكن حين يجتمع القلق والوساوس والمخاوف والاكتئاب، أنا دائمًا أرى أن السيرترالين هو الأفضل، فشاوري طبيبك، أو اذهبي إلى طبيبة الرعاية الصحية الأولية، ويمكن أن يُوصف لك السيرترالين إذا تم الاتفاق عليه.

بما أنه لديك شيء من الحساسية نحو الأدوية أريدك أن تبدئي بجرعة صغيرة جدًّا، نصف حبة من السيرترالين – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يتم تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، استمري عليها لمدة شهرين، ثم اجعليها حبتين ليلاً، وهذه الجرعة وسطية، حيث إن الجرعة الكلية أربع حبات في اليوم، لكنك لن تحتاجي لهذه الجرعة الكبيرة، تناولي الحبتين لمدة شهرين، ثم اخفضيها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الالتزام بالعلاج الدوائي بجرعته وبالصورة التي وُصف بها هو الذي يفيدك -إن شاء الله تعالى-، لأن هذه الأدوية لديها ترتيب، يُوجد استقلابًا، يوجد تمثيلاً أيضيًّا، هنالك بناء كيميائياً، لا بد أن تعطي العلاج فرصة، وتطبقي ما ذكرته لك من إرشاد، و-إن شاء الله تعالى- ستصلين لمرحلة العافية والمعافاة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

منقووووووووووول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.