استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله فيكم، وجزاكم خيرًا.
عندي 3 أسئلة:
1- أنا شاب عمري 26 سنة، أعمل مع عدة مؤسسات خاصة، وبحمد الله عز وجل دخلي الشهري ممتاز، وأحمد المولى على هذه النعمة، أبذل الجهد والوقت لشراء شقة، ومن ثَمّ أتزوج، ومن المتوقع أن أتِمَّ الأمر -بإذن الله- نهاية العام القادم، إذا حافظت على ذات الاجتهاد.
أنا اليوم في حيرة من أمرى، فلديّ فرصة من الدولة للابتعاث للخارج، ولا أعلم ماذا أفعل؟ إذا خرجت للدراسة، فالمنحة تكفي احتياجي للدراسة، وإن عدتُ بعد 3 سنوات، فإنّ إعادة فرص العمل مجددًا قد لا تكون متوفرة.
2- كنت خارج المدينة، وقامت أمي بالخطبة لي، وبعدها بشهور سيكون عقد القران، إلى الآن لا أعرف شكل الفتاة، ولم أتحدث إليها، وأحدث نفسي أنني أريد العفة، وسأقبل بها كيفما تكون، فهل هذا الأمر سيلقي بظلاله على علاقتنا في المستقبل؟ وهل ترونه طبيعيًا؟
3- لديّ إحساس داخلي يؤثر على نفسي كثيرًا، وهو الشعور أني مكروه من الناس، ودائمًا ما أطالع تعليقات أبناء بلدي على مواقع التواصل، فأجدها تتلخص: في القدح والسب والشتم من دون سبب، فكيف أتعامل مع هذا الشعور؟ وكيف أصل لمرحلة اللامبالاة؟ فهذا الموضوع بالذات يؤرقني، ويجعلني تعيسًا، وهو الذى يرجح لي كفة الخروج للدراسة.
شكرًا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تميم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلًا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه.
بخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه، فإنا نجيبك من خلال ما يلي:
أولًا: إننا نحمد الله إليك أن رزقك هذا العقل، ووفقك في عملك، وإنا نسأل الله أن يزيدك توفيقًا وسدادًا.
ثانيًا: لا شك أن الدراسة أمر نافع ومهمّ، سيما وأنت لا زلت إلى حد ما صغيرًا، وتستطيع أن تنجز ذلك في هذا الوقت، ولكن على المرء ألا يكون عاطفيًا، لا بد من الموازنة بين ما هو صالح وفاسد، لا بد من الموازنة بين ما هو صالح لي، وما هو أصلح، وهذا يتحدد إذا نظرت إلى أهدافك وحددتها بعناية.
ثالثًا: لا نعلم ما الذي تضيفه لك الدراسة في واقع عملك؟ وهل عند عودتك سيكون الأمر أكثر فائدة لك؟ وهذا ينبغي أن تضعه في حسبانك، فأنت تدري ما لا تستفيد منه في واقعك أو ما لا يحتاجه مجتمعك، أو ما لا يحتاجه عملك القائم الآن.
رابعًا: الدراسة لن تكون وسيلة إلى الادخار إلا إذا عملت، وهذا يتطلب منك جهدًا مضاعفًا، هل سيؤثر ذلك عليك أم لا؟ أنت من يحدد.
خامسًا: ندعوك إلى استشارة أهل التخصص قبل اتخاذ أي قرار، ومع ذلك الاستخارة، وما خاب من استخار، ولا ندم من استشار.
أما سؤالك الثاني: فإننا ننصحك أن تذهب إليها، وأن تراها، فإن ذلك أحرى أن تدوم العلاقة بينكما على خير، وبعد ذلك استخر ربك، وبعد ذلك توكل على الله.
أما سؤالك الثالث: فإننا ننصحك أن تهمل هذه التفاهات، وألا تلتفت للخلف، واعلم أن الناجح يكون له أعداء، وطعنات الخلف تفيد أنك في المقدمة، فلا تنظر خلفك.
أما كيفية اللامبالاة: فتكون بالثقة بالنفس، والثقة إحساس داخلي؛ أي أنك تستشعره داخل نفسك، ليتترجم إلى مواقف ثابتة وحركات مستقيمة، وتقبُّل للخطأ الموجود بكل أريحيّة، ساعتها سيتصرف الإنسان بشكل طبيعي دون قلق أو رهبة، فتصرفاته هو من يحكم عليها وليس غيره، فهو يعتقد أنه لا اعتبار للناس عند الحديث عن خِلقته التي خلقه الله عليها أو طريقته التي يتحدث بها، إذ هو مقتنع تمامًا أن الله كرّم الإنسان وأحسن خلقه، وأنه بهذا المفهوم يحب نفسه على ما هي عليه، وإنما الاعتبار -نعني اعتبار كلام الناس- يكون في السلوك، هنا فقط يُقبَل حديثهم أو انتقادهم من حيث المبدأ، والتفكير في جوانب صحة حديثهم من عدمه.
سادسًا: حتي تعود الثقة إلى مكانها لا بد أولًا من التعرف على الأسباب التي تضعف الثقة بالنفس وهي كالتالي:
– تهويل الأمور وتضخيم المواقف؛ بحيث تشعر أن من حولك يركزون على ضعفك، ويراقبون كل حركة غير طبيعية تقوم بها، وهذا وَهْمٌ، وعلاجه هو الانشغال بالأهداف، والتغافل عن سفاسف الأمور.
– اعتبار نقد الناس هو المعيار الحقيقي لصوابك أو خطئك، وهذا خلل خطير، فالمعيار الحقيقي هو الأصول والمبادئ المتعارف عليها شرعًا، وليس حديث الناس.
– كثرة التفكير في كل انتقاد، وهذا أيضا خطأ؛ لأنه قد يتطور الأمر إلى أن يصل إلى حد احتقار ذاتك، وهذا أمر غير مقبول، فانتبه له.
سابعًا: بالطبع سينتج عن الثلاثية السابقة، الخوف والقلق من أي فعل تقوم به، أو أي حركة تصدر منك، وهذا يُشعرِك دومًا أنك مصدر إزعاج لنفسك أولًا، وللآخرين ثانيًا.
ثامنًا: يكمن العلاج بعد ذلك في عدة أمور:
– من المهم أن تقتنع نفسك بأنك طبيعي، وأن الخلل الموجود الذي تعاني منه هو عارض، وله علاجه، ولا ينبغي القلق منه أو التركيز عليه.
– لا اعتبار لكلام الغير، وكرر دومًا لنفسك: أحب نفسي على ما أنا عليه، ولا عبرة بكلام الغير.
– نرجو منك أن تتعرف على بعض الإخوة الصالحين، وخاصة من الذين جمعتهم المساجد، وكلما كانوا أكبر منك سنًا كان أفضل.
– نوصيك بتنويع اهتماماتك، ومن ذلك العمل الاجتماعي، اجتهد أن يكون لك دور في مساعدة الآخرين عبر أي جمعية أو مؤسسة تهتمّ بهذا الشأن .
– تذكر دائمًا أن معيار تفاضل الناس عند الله لا يكون إلا بالتقوى والعمل الصالح، ولا عبرة بغير ذلك.
في الختام، أنت إنسان طبيعي، وتحتاج إلى مجاهدة نفسك.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يسعدك في الدارين، والله الموفق.
منقووووووووووول