هو قريب وبعيد، معنا ولكنه خارج إطار هذا الزمن، ليس ذنبه إذا وُلد على هذه الحالة وليس ذنب احد إذا كان يشكل علامة فارقة. صحيح ان طفولته كُتب لها ما لم يُكتب لغيره من الاطفال، لكن هذا لا يجعله طفلاً مهمشاً بعيداً عن عالمه الصغير داخل هذا العالم الكبير.
الطفل المتوحد يسكن ضمن عقارب الساعة، ساعته التي تتوانى عن أنظار من هم حوله لكنه يعي تماماً ما تمثله من أهمية بالنسبة له. فالتوحد هو تحدّ عالمي يتطلب اجراءً عالميا حيث تتكاتف الجهود بغية الوصول الى خيوط رفيعة تظهر الاسباب الحقيقية الكامنة وراء مرض التوحد.
تشخيص وعوارض
تعتبر حالة التوحد إضطراباً في النمو يؤدي الى مشاكل في التواصل الاجتماعي اللغوي والبصري، وفي القدرة على التفاعل مع الآخرين. ويظهر الاشخاص الذين يعانون تلك الحالة اهتمامات رتيبة، نمطية ، حركات غير هادئة وتصرفات متكررة. ليس هناك أسباب واضحة لمعظم حالات التوحد، ويعود بعضها الى خلل في الجهاز العصبي او الى سبب وراثي جيني او الى عوامل بيئية. تظهر عوارضه مثل عدم التجاوب مع الآخرين، وضعف في القدرة اللغوية في السنوات الاولى من حياة الطفل.
وفي ظلّ غياب شبه تام للإحصاءات الرسمية، تبقى حالات التوحد مجهولة في خبايا وطن يرزخ تحت الاهمال الطبي. وقد أثبتت الدارسات العالمية ان العلاجات السلوكية إذا طُبقت على نحو صحيح، فإنها قادرة على تحسين حال الطفل بشكل ملحوظ. لذلك فإن الكشف المبكر والعلاج الفاعل من شأنهماتحسين أحوال المتوحد بشكل كبير.
ومن أبرز العوارض التي يمكن ان تساعد على تشخيص التوحد:
– الصعوبة في الانخراط والتفاعل مع الآخرين
– يقاوم تغيير الروتين
– يتصرف الطفل كأنه أصمّ
– يقاوم التعليم
– يشير بالإيماءات
– فرط الحركة
– إنعدام التواصل البشري
– يطيل البقاء في اللعب الانفرادي
– تدوير الاجسام واللعب بها
لا بدّ من معرفة انه هناك درجات في التوحد. الدرجة الاولى تتمثل بالطفل الذي يعيش في عالمه الخاص. فهو لا يتفاعل مع محيطه لأنه لا يدرك انه بإستطاعته التأثر على الاشخاص المحيطين به. وبالرغم من صعوبة او انعدام التواصل معه يمكنكم ترجمة وتفسير احاسيسه من خلال لغته الجسدية. اما الدرجة الثانية فتتلخص بالطفل الذي يستدعي الآخرين. فهو يستطيع ان يفهم ان أفعاله لها تأثير على محيطه، يأخذ وجود الآخر بعين الاعتبار ويطلب منه المساعدة مثلا: بالجرّ، الألعاب الجسدية.
في حين تتمثل الدرجة الثالثة بالطفل الذي يتواصل بشكل أولي. فهو يتفاعل في مواقف ممتعة ومشجعّة، ويطلب اشياء مهمة بالنسبة اليه او يرغب بها. إنه يتواصل عن قصد ولكن هذا التواصل محدود بالطلب من الآخر ان يلبي حاجاته. وأخيرا الدرجة الرابعة تتحدث عن الطفل الذي يشارككم التواصل. يتفاعل مع محيطه ويستعمل الكلام كوسيلة للتواصل ولكنه لا يفهم او يستوعب بعد كل أصول التواصل والخطاب في المواقف الغير مألوفة.
سُبل التواصل
المراقبة والملاحظة: عندما تراقبون ولدكم يمكنكم ان تلاحظوا أسلوبه الخاص في التعبير عن حاجاته ومشاعره. بذلك تتعرفون عليه بطريقة سليمة ( ماذا يحبّ، ما الذي يجذب انتباهه، ما الذي يزعجه…)
الانتظار: بعد فترة المراقبة لا تتسرعوا بردّة فعلكم بل اعطوا لولدكم الفرصة والوقت الكافيين ليعبّر بأسلوبه الخاص. هذا الأسلوب يمكن ان يكون حسيّاً او لفظياً أو كليهما معاً.
الإستماع ومحاولة الفهم: لفهم ولدكم، من المهم الإستماع الى كل ما يحاول أن يقوله أو ان يعبّر عنه بطريقة مباشرة او غير مباشرة، لكي تستطيعوا فكّ رموز رسالته من المستحسن ان لا تتكلموا كل الوقت.
القيام بردّة الفعل: بعد المراقبة ، التمهل، الاستماع ومحاولة فهم تعبير ولدكم، يمكنكم التدخل للتجاوب معه ومجاراته من خلال مشاركته في إهتماماته في المرحلة الاولى، يمكنكم تقليد ما يقوم به أو ما يعبّر عنه ومن ثم خلق حالة من المناوبة وأخذ الأدوار .
هذه الحالة تسمح بإعطاء كل شخص وقته في التعبير والاتصال. للوصول الى هذه الأهداف، يجب ان تكونوا وجها لوجه مع ولدكم. انها الوضعية الأفضل لتشجيع التواصل النظري ولبناء صله معه.
منقول