المدعج: هيئة الأسواق مستقلة بميزانياتها

المدعج: هيئة الأسواق مستقلة بميزانياتها
خليجية تلتزم هيئة الاسواق طبقاً لحكم المادة 25 من قانون الهيئة بتقديم تقارير حساباتها وميزانياتها الى وزير التجارة والصناعة الذي يتولى بدوره رفع هذا التقرير الى مجلس الوزراء.

وقال الوزير عبدالمحسن المدعج في رد على سؤال برلماني:

لم تخالف الهيئة احكام الدستور ولا احكام القانون، اما بالنسبة للفتوى الصادرة من ادارة الفتاوى والتشريع والتي ترى ادارة الفتوى والتشريع وجوب عرض مشروع ميزانية الهيئة على وزير المالية لفحصه واقراره وعرضه على مجلس الوزراء، فقد انبنى رأي ادارة الفتوى والتشريع على ان المرسوم بالقانون رقم 31 لسنة 1978 بشأن قواعد اعداد الميزانيات العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي (مرسوم الميزانيات)، فقد نظم في الباب الثالث منه الاحكام الخاصة بالميزانيات الملحقة والمستقلة والذي تضمن في ذلك الباب المواد 44 و49 و50 المشار اليها.

واضاف: يُرد على هذا بأن عدم خضوع هيئة اسواق المال لاحكام معينة في قوانين اخرى اما ان يكون بتقرير نص خاص مثل نص المادة 23 من قانون الهيئة والذي استثنى الهيئة من الخضوع لاحكام قانون المناقصات ومن الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة، كما يكون عدم الخضوع لاحكام قوانين اخرى بنص عام يرد في صلب القانون وكما هو الحاصل بالنسبة لنص المادة 164 من قانون الهيئة والذي يقضي صراحة باعتبار قانون الهيئة قانونا خاصا كما تعتبر احكامه احكاماً خاصة، ويلغى كل نص في قانون عام او خاص يتعارض مع احكامه، لذلك فإن ما تستند اليه ادارة الفتوى والتشريع من عدم وجود نص خاص يخرج الهيئة من اطار الخضوع لاحكام مرسوم الميزانيات يمكن الرد عليه بأن قانون الهيئة تضمن نصاً آخر وهو نص المادة 164 من قانون الهيئة والذي له صفة شمولية في الغاء اي حكم وارد في قانون آخر – سواء عام او خاص – طالما كان هناك وجه للتعارض مع احكام قانون الهيئة وهذا مع الاخذ في الاعتبار ان عنوان وموضوع مرسوم الميزانيات هو «قواعد إعداد الميزانيات العامة والرقابة على تنفيذها»، وأن ما جاء في المادة 18 من قانون الهيئة هو «يكون للهيئة ميزانية تُعد وفقاً للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية…». الأمر الذي يعني بوضوح ان المشرع في قانون الهيئة قد أناط بها وحدها وضع قواعد ميزانيتها، وبالتالي إلغاء أي قواعد واردة في قانون أو مرسوم آخر. والمستفاد من ذلك بصفة عامة، ومن دون الخوض في الجزئيات، أن أحكام مرسوم الميزانيات بخصوص قواعد الميزانيات لا تسري في حق الهيئة.

تفويض تشريعي

أما في ما تراه إدارة الفتوى والتشريع من عدم وجود تعارض في المواد 44 و49 و50 من مرسوم الميزانية، والتي توجب عرض مشروع الميزانية على وزير المالية؛ ليقوم بدوره بفحصها وإقرارها ورفعها إلى مجلس الوزراء تمهيداً لعرض هذا المشروع على مجلس الأمة واستصدار قانون ربط الميزانية، فتمكن مناقشته بأن المادة 152 من قانون الهيئة قد تضمنت تفويضاً تشريعياً للهيئة لإصدار اللائحة التنفيذية، ومن حيث إن المادة 18 من قانون الهيئة قد نصت صراحة أن تكون للهيئة ميزانية تعد وفقاً للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية، فإنه يتضح من صريح عبارة النص المذكور من قانون الهيئة أن المشرع قد أناط بالهيئة الاختصاص الاستئثاري بإعداد ميزانيتها وفقاً للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية، وبما يشمل وضع كل من القواعد الموضوعية والقواعد والإجراءات الشكلية للميزانية، ذلك ان اصطلاح «القواعد» الوارد في المادة 18 من قانون الهيئة قد جاء على إطلاقه، ومن ثم فهو يشمل كلا من القواعد الموضوعية والشكلية للميزانية. وبما مفاده ان للهيئة – وطبقاً لنص المادة 18 من قانون الهيئة – أن تضع قواعد اعتماد الميزانية باعتبار ان تلك القواعد من القواعد الموضوعية، حيث أناطت المادة 23 من اللائحة التنفيذية لقانون الهيئة بمجلس مفوضي الهيئة إعداد ميزانية الهيئة وفقاً للقواعد الخاصة التي تحددها لائحة إعداد الموازنة والمركز المالي للهيئة. كما نصت الفقرة 5-4 من الأحكام العامة للائحة المالية للهيئة على أن يعتبر مجلس مفوضي الهيئة هو صاحب الصلاحية في اعتماد الميزانية السنوية للهيئة والحسابات الختامية. وهذه اللائحة المذكورة، والتي أصدرها مجلس مفوضي الهيئة، تتضمن جميع القواعد لتقدير الإيرادات والمصروفات وغيرها من قواعد للميزانية. ويلاحظ في هذا الخصوص، ان المادة 44 من مرسوم الميزانية قد اقتصرت في الحكم الوارد فيها على الزام الإدارات العامة والهيئات المستقلة الأخرى بإعداد تقديرات إيراداتها ومصروفاتها لكي تعرض على وزير المالية للنظر فيها أو تعديلها أو إقرارها قبل رفعها إلى مجلس الوزراء. والعلة والحكمة من نص المادة 44 من مرسوم الميزانية بالزام الجهات المستقلة الاخرى بعرض تقديرات مشروع ميزانيتها على وزير المالية، ان قوانين تلك الجهات لم تتضمن ذات الحكم الوارد في المادة 18 من قانون الهيئة، والذي يجعل للهيئة الحق في وضع القواعد الخاصة لاعداد ميزانيتها، وبما في ذلك اعتمادها من مجلس مفوضيها، فمثلا، فإن المرسوم بالقانون رقم 133 لسنة 1997 بإنشاء المؤسسة العامة للموانئ، والذي بموجبه تم انشاء مؤسسة الموانئ الكويتية كهيئة عامة مستقلة، ولها ميزانية مستقلة، لم يتضمن مطلقا اي حق للمؤسسة المذكورة في وضع القواعد الخاصة بميزانيتها، وكذلك القانون رقم 56 لسنة 1996 في شأن اصدار قانون الصناعة، والذي نص على انشاء الهيئة العامة للصناعة كهيئة عامة مستقلة، ولها ميزانية مستقلة، ولكنه لم يتضمن مطلقا اي حق للهيئة العامة للصناعة على وضع القواعد الخاصة بميزانيتها، وفي ذات الاطار فإن المرسوم بشأن معهد الكويت للابحاث العلمية الصادر في 1973 بإنشاء معهد الكويت للابحاث العلمية، وفضلا عن ان المعهد المذكور يتبع مجلس الوزراء، فان نصوص المرسوم الخاص بإنشائه لم تتضمن اي ذكر لحقه في وضع القواعد الخاصة بميزانيته، وكذلك هي الحال بالنسبة للقانون رقم 5 لسنة 1982 بشأن انشاء بيت الزكاة كهيئة عامة مستقلة ذي ميزانية مستقلة، والذي خلت نصوصه من اي حق لبيت الزكاة في وضع القواعد الخاصة بميزانيته، كما ان المرسوم بقانون رقم 70 لسنة 1976 بإنشاء وكالة الانباء الكويتية كمؤسسة عامة لم يتضمن حق المؤسسة المذكورة في وضع القواعد الخاصة بميزانيتها.

حكم خاص

ويتبين من المقارنة المتقدمة في شأن ميزانية الجهات المستقلة الاخرى، ان المشروع قد افرد لهيئة اسواق المال حكما خاصا لم يوفره لاي جهة اخرى ذات ميزانية مستقلة، وذلك بمنح الهيئة الحق في وضع القواعد الخاصة بميزانيتها، وبما يشمل القواعد الموضوعية والشكلية للميزانية، بما في ذلك قواعد اعتمادها من الجهة صاحبة الاختصاص في اقرارها، وهو مجلس مفوضي الهيئة، وهو حق غير مقيد الا بالضوابط التي تضعها اللائحة التنفيذية لقانون الهيئة، ولا يطعن في ذلك مطلقا الاشارة في ديباجة قانون الهيئة الى مرسوم الميزانيات رقم 31 لسنة 1978، اذ قد اشارت ديباجة قانون الهيئة مثلا الى قانون المناقصات العامة رقم 23 من قانون الهيئة، وكذلك الحال بالنسبة لمرسوم الميزانيات رقم 31 لسنة 1978 والذي لا تسري أيضاً أحكامه في حق الهيئة بناء على نص المادة 164 من قانون الهيئة، الأمر الذي يعني عدم سريان نص المادة 44 من مرسوم الميزانيات المذكور في ما يخص ميزانية الهيئة.

يؤكد رأي الهيئة في هذا الخصوص أن المرسوم الصادر في 14 أغسطس 1983 في شأن تنظيم سوق الكويت للأوراق المالية (مرسوم السوق) قد نصّ صراحة على تمتع السوق بالشخصية الاعتبارية المستقلة، كما نصّت المادة 11 من المرسوم المذكور على أن «يكون للسوق ميزانية تعد وفقاً للقواعد التي تحددها اللائحة الداخلية…». وهو الحكم نفسه الوارد في المادة 18 من قانون الهيئة. فإذا كانت ميزانية سوق الكويت للأوراق المالية لا تخضع للمادة 44 من مرسوم الميزانيات، فإن الاعتبارات ذاتها تتوافر بالنسبة لوضع ميزانية الهيئة، وذلك بالنظر إلى التماثل وإلى حد التطابق بين نص المادة 11 من مرسوم السوق والمادة 18 من قانون الهيئة.

أما في ما يخص رأي إدارة الفتوى والتشريع بأن تقوم الهيئة بعرض حساباتها الختامية والميزانيات العمومية على وزير المالية تمهيداً لعرضه على مجلس الوزراء، مصحوبة بتقارير عن المركز المالي للهيئة، استناداً منها إلى المادة 49 من مرسوم الميزانيات، فمردود عليه بأن المادة 49 من مرسوم الميزانيات المذكورة لا تسري مطلقاً في مواجهة الهيئة، وذلك لإلغائها صراحة بالحكم الوارد في المادة 25 من قانون الهيئة والذي يقضي بأن تقدم الهيئة إلى الوزير المختص (وزير التجارة والصناعة) تقريراً سنوياً يرفع إلى مجلس الوزراء خلال 120 يوماً من نهاية كل سنة مالية عن أعمالها وأنشطتها خلال السنة المنقضية ويشمل على حسابات

الهيئة وتقرير مراقب الحسابات. والمستفاد من النص المتقدم في قانون الهيئة هو جعل الاختصاص الاستئثاري برفع التقرير عن حسابات الهيئة الى مجلس الوزراء الموقر من اختصاص وزير التجارة والصناعة وحده.

خصوصية الميزانية

وبعبارة وجيزة، فإن نص المادة 25 من قانون الهيئة قد اناط الاختصاص بوزير التجارة والصناعة، فالهيئة تلتزم بتقديم تقارير حساباتها وميزانيتها الى جهة واحدة فقط هي وزير التجارة والصناعة، الذي يتولى بدوره رفع هذا التقرير مجلس الوزراء، ومن ثم لا يسري نص المادة 49 من مرسوم الميزانيات بحق الهيئة.

أما ما تراه ادارة الفتوى والتشريع من خضوع ميزانية الهيئة لمجرد كونها هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية مستقلة لأحكام مرسوم الميزانية، بغض النظر عن كون ميزانيتها ذاتية التمويل، فمردود عليه، بانه وإن كانت هيئة اسواق المال هيئة عامة مستقلة، فإنها على خلاف الهيئات العامة المستقلة الاخرى لا تتلقى اي اموال من الدولة، فمثلا وكالة الانباء الكويتية يكون احد مواردها هو ما تخصصه لها الدولة من اعتمادات، وكذلك يتكون رأسمال المؤسسة العامة للموانئ من الاموال التي تخصص لها من الدولة، وايضا بيت الزكاة يكون احد موارده الاعانات السنوية من الدولة، وبالنسبة للهيئة العامة للصناعة تتم تغطية الزيادة في مصروفاتها على الايرادات ان وجدت بفرض من وزارة المالية.

أما بالنسبة للهيئة، فهي تعتمد تماما وكليا على مواردها الذاتية، ولا يمكن انكار ذلك في النظر الى ميزانيتها ليس فقط كميزانية مستقلة، وانما هي ميزانية مستقلة ذات وضع خاص من حيث كونها غير مرتبطة بأي وجه مع الموارد الحكومية او موارد ونفقات الدولة، وهذا ما حدا بالمشرع في قانون الهيئة ان ينيط بالهيئة نفسها وضع القواعد الخاصة بميزانيتها دون اي تقيد بمرسوم الميزانيات. ويؤكد المفهوم المتقدم ان المشرع في المادة 21 قد اناط بالهيئة وحدها حق تكون احتياطات نقدية من فوائضها السنوية لتضمن استقرارا ماليا على المدى الطويل، واناط هذا القرار بمجلس مفوضي الهيئة.

كما ترد الهيئة على ما تراه ادارة الفتوى والتشريع ان اعداد الميزانية يكون وفق الشكل والقواعد التي تقدمها وزارة المالية، وذلك على ضوء الفقرة الثانية من المادة 2 من مرسوم الميزانيات.

ذلك نص الفقرة الثانية من المادة 2 من مرسوم الميزانيات بأن يكون تحديد شكل الميزانية بالنسبة للهيئات ذات الميزانية المستقلة بناء على ما تقدمه وزارة المالية من مقترحات تتلاءم مع طبيعة نشاط تلك الهيئات، يتعارض بشكل جلي مع ما تضمنته المادة 23 من اللائحة التنفيذية لقانون الهيئة بناء ع‍لى المادة 18 من القانون المذكور في حق الهيئة في وضع القواعد الخاصة بميزانيتها، وذلك ان ممارسة الهيئة لهذا الحق يتعارض مع الزامها بتلقي المقترحات من وزارة المالية في هذا الخصوص، حيث قدر المشرع ان الهيئة هي الجهة الاولى بتقدير وارساء القواعد الخاصة بميزانيتها وليس اي جهة اخرى.

ويؤيد هذا النظر ان الفقرة الثانية من المادة 2 من مرسوم الميزانية تقضي بأن يحدد شكل الميزانية للهيئات العامة المستقلة بناء ع‍لى ما تقدمه وزارة المالية من مقترحات تتلاءم مع طبيعة نشاط كل هيئة عامة، ومن ثم فإن دور وزارة المالية في هذا الخصوص يقتصر على تقديم المقترحات بشأن شكل الميزانية، وهو ما تراه ادارة الفتوى والتشريع ايضا، حيث عبرت الادارة المذكورة عن ذلك بقولها ان تحديد شكل الميزانية لهيئة اسواق المال يكون بناء ع‍‍‍لى ما تقدمه وزارة المالية من مقترحات تتلاءم مع طبيعة هذه الهيئة، وبالاتفاق بين الوزارة وبين مجلس مفوضي الهيئة، ومن ثم فإن -وعلى فرض التسليم جدلا- برأي ادارة الفتوى والتشريع- ينحصر دور وزارة المالية في تقديم المقترحات بشأن شكل الميزانية الى الهيئة، اما قرار تحديد شكل الميزانية فإنه لا يكون من وزارة المالية، ولكن من مجلس مفوضي الهيئة، هذا حتى مع فرض التسليم برأي ادارة الفتوى والتشريع، والذي لا يمكن التسليم به اصلاً، وذلك لتعارضه من الاساس مع نص المادة 18 من قانون الهيئة والتي تقضي بحق الهيئة في وضع القواعد الخاصة بإعداد الميزانية وبما يتعارض ويتنافى مع امكانية تلقي مقترحات من اي جهة اخري بهذا الخصوص، الامر الذي يتعارض معه حكم المادة 18 من قانون الهيئة.

مرسوم الميزانيات لاينطبق على {الهيئة}

قال المدعج: بالنسبة لما تراه إدارة الفتوى والتشريع من أن المادة 44 من مرسوم الميزانيات تنطبق على الهيئة لإلزامها برفع التقرير عن مشروع ميزانيتها إلى وزير المالية لفحصه وإقراره ثم عرضه على مجلس الوزراء، وإضافة إلى رد الهيئة بهذا الشأن، فإن قانون الهيئة لم ينص أبداً على لزوم عرض مشروع الميزانية على وزير المالية، وهذا على خلاف قوانين الهيئات المستقلة الأخرى، مثل قانون بنك الكويت المركزي رقم 32 لسنة 1968، والذي نصّ في مادته رقم 50 صراحة على أن يقدم محافظ البنك المركزي إلى وزير المالية تقريراً سنوياً عن أعمال البنك وميزانيته. وفوق كل ذلك، فإن المادة 18 من قانون الهيئة هي التي أناطت باللائحة التنفيذية وضع القواعد الخاصة بكيفية فحص الميزانية وإقرارها، ولم تتضمن تلك القواعد العرض على وزير المالية، وبذلك، فإن نص المادة 18 يكون لاغياً نص المادة 44 من مرسوم الميزانيات للتعارض في هذا الخصوص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.