الملكة رانيا: التعليم فرصة لاصلاح اغلب المشاكل في الوطن العربي

الملكة رانيا: التعليم فرصة لاصلاح اغلب المشاكل في الوطن العربي

الوكيل – أحمد حمودة – قالت الملكة رانيا العبدالله، بأن التعليم فرصة لاصلاح معظم المشاكل التي تواجه الوطن العربي، وابرز وقت لذلك هو الآن.
واشارت الملكة خلال رعايتها لافتتاح ملتقى مهارات المعلمين، ظهر اليوم السبت في قصر المؤتمرات بالبحر الميت، بأن المعلم هو المحرك الرئيسي للمسيرة التعليمية، وعليه فأن المعلم يجب ان ‘يحديث علومه باستمرار، وتبني الأساليب التي تتماشى مع متطلبات العصر، والاطلاع على المؤثرات التي يتعرض لها الطلاب’.
وكشفت عن اهداف الملتقى، ‘نساهم في تعزيز جسور علاقة المعلم والتلميذ، ونقدم له مفاتيح جديدة للفهم والحوار وجذب الطالب’، خاصة في ظل الانفتاح الذي يعيشه العالم، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يحتوي على افكار ومعلومات متنوعة، فتجد هناك السياسيين، والمتطرفيين، والنجوم والمشاهير، وكل شخص هناك بامكانه ان يكون نجم.
واوضحت الملكة مخاطبة المعلمين، ‘ أولادنا يسبحون في ذلك الفضاء، بينما تحاول الأمواج جرهم واستمالتهم والتأثير فيهم’، ولذلك انتم خير قدوة لهم، ومن خلالكم يمكن فهم احتياجاتهم، وبذلك تغربلون المؤثرات الخارجية وتساهمون في رفع ضررها.

وشكرت جلالة الملكة كل المعلمين الحاضرين من الاردن وخارجها، للمشاركة في الملتقي، بهدف تطوير افكارهم ومهاراتهم العلمية بما يخدم المسيرة التعلمية.

وتاليا النص الكلمل لكلمة الملكة:

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة جلالة الملكة رانيا العبدالله خلال افتتاح ملتقى مهارات المعلمين
6/12/2014

سلام على من علم، ومن تعلم، ومن عمل من أجل العلم…
لأن العلم هويتنا، هو حدودنا، و أفقنا.
الشكر الموصول لكل من وضع يده بيد الأكاديمية من الشركاء والداعمين لحشد هذه النخبة من المعلمين والخبراء في مجالات التعليم وتطويره.
قيل: (ما يزال العالم عالما ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم، فقد جهل).
أشكر كل معلم مهتم بتطوير نفسه على قدومه إلى الأردن. نورتو! كما أشكر كل معلمينا المشاركين على اهتمامهم بنموهم المهني، وتحديث أساليبهم والاستزادة من العلم.
ففي هذا الملتقى نساهم في تعزيز جسور علاقة المعلم والتلميذ، ونقدم له مفاتيح جديدة للفهم والحوار وجذب الطالب.
أيها الأفاضل؛ لستم معلمين فحسب… أنتم خبراء تعليم. والخبير هو الشخص الذي عرف وجرب، ومن يعرف معنى التعلم أكثر منكم؟
أنتم المحرك الرئيسي في العملية التعليمية.. والذي إن توقف عن الدوران والتطوير توقفت العملية التعليمية بأكملها، خصوصا في عصرنا هذا. عصر إن لم نواكب فيه الركب العالمي وتطوره السريع سنبقى على هامش الطريق متفرجين. لذا عليكم تحديث علومكم باستمرار، وتبني الأساليب التي تتماشى مع متطلبات العصر، والاطلاع على المؤثرات التي يتعرض لها طلابكم..
لقد تغير دور المعلم اليوم من ناقل للمعلومة إلى خبير وموجه. فهو يرشد طلابه نحو المصادر، والتجارب التي تبرهن النظريات، يحثهم على البحث والربط، ويحفز عقولهم بأسئلة توقظ فضولهم وتشعل فتيل المعرفة.
فالطلاب ليسوا وعاء نملؤه بمعلومات وتلقين، بل شعلة نضيؤها. تلك هي رسالتكم؛ ومن أقدر من معلم محبوب على التأثير في تلاميذه؟
اليوم في ظل الانفتاح على العالم، وما تتيحه مواقع التواصل، وتأثيرها الواضح على تشكيل شخصية هذا الجيل، تتعاظم مسؤولياتكم، فأنتم أقرب الناس لأبناء المستقبل وأكثرهم تأثيرا فيهم.
لقد فرضت علينا وسائل الاتصال والانترنت والفضائيات وأدوات التواصل الاجتماعي أن نكون جزءا من عالم افتراضي. فضاء كبير مليء بالأفكار والسير والأجندات، يتسابق نجومه لحشد أكبر عدد من المعجبين والمتابعين؛ وليلعبوا دور القدوة بشكل ما.. ولكل غرضه وأهدافه. فنانين ومشاهير ودعاة وسياسيين ومتطرفين ورياضيين. اليوم يمكن لأي شخص أن يكون نجما على الانترنت.
أولادنا يسبحون في ذلك الفضاء، بينما تحاول الأمواج جرهم واستمالتهم والتأثير فيهم. إن الطالب بحاجة لقدوة يعجب بها، فهم يتعلمون برصدهم وتقليدهم لقدوتهم مثلما يتعلمون من الكتب…. وأنتم أيها الأفاضل خير قدوة وأكبر مؤثر في أبنائنا وأنفعهم لهم. أنتم تتحكمون في مسارهم التعليمي ونوعيته، بحبكم لهم وثقتهم فيكم.
وبالتقرب إلى طلابكم، وفهم حاجاتهم النفسية، تغربلون المؤثرات الخارجية وتساهمون في رفع ضررها. تعلمونهم انتقاء المفيد، وتسخير التكنولوجيا لبناء الذات والاستفادة من العلوم.
ففي بحر الانترنت الشخصيات ثنائية الأبعاد.. أو ثلاثية في أحسن الأحوال، وتأثيرها سطحي إذا ما قورن بتأثير شخص يتحدث للطلاب يوميا وجها لوجه، يسير بجانبهم ويشاركهم ثلث يومهم. يكتسب ثقتهم بصدقه ووفائه لوعوده والتزامه وشجاعته.
وعلى المعلم أن يكون شجاعا وأن يكون طموحا، فيطمح لتخريج طلاب متميزين، يطمح لأن يكون القدوة التي ترشد الطلاب وتنمي قدراتهم.
على المعلم أن يرفع سقف توقعاته من طلابه.. ليحاولوا الوصول إليها. فكلما آمنتم بقدراتهم ازداد طموحهم وتحقيق ذاتهم.
وما أحوج وطننا العربي اليوم إلى الطموح والإيمان بقدرات أجيالنا.
ما أحوجنا إلى الخروج من دوامة لوم التعليم، فنحن نلومه دائما على ما يعصف بنا من جهل و بطالة وطائفية وتطرف وغيرها.
ما أحوجنا إلى النظر للتعليم على أنه فرصتنا …
فالناس يستثمرون في الفرص ويؤمنون بجدواها أكثر من محاولتهم لحل المشاكل.
قد لا يكون التعليم الحل الأوحد لكل مشاكلنا.. لكنني أؤمن بأنه إن كانت هناك فرصة لإصلاح معظم مشاكلنا .. فهي بالتعليم.
وإن كان هناك وقت نحن في أمس الحاجة لنهضة تعليمية نحصن بها أجيالنا… فهو الآن.
وإن كانت هناك مهنة تستطيع أن ترتقي بمستقبلنا ونوعية حياة أجيالنا.. فهي التعليم.
أيها الأفاضل … مهنتكم هي الأهم ودوركم عظيم في توجيه وصقل هوية أجيال أمتنا،
في تنشئة جيل يحترم الحياة وقدسيتها…
في تنشئة الأجيال على قيم التعايش والحوار.
في تنمية الشخصية العربية المتكاملة القادرة على الريادة والابتكار.
جيل تهيأ لتطورات السوق العالمي والمنافسة فيه.
مسؤوليتكم كبيرة وثقتنا فيكم عالية.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة.. فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها… فليفعل)).
إن أطفالنا أمانة بين أياديكم، ومستقبلنا مرهون بغرسكم الطيب، وبرعايتكم وعطائكم. ودمتم لأوطانكم رفعة ولأبنائكم قدوة وإلهاما ومفخرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.