الوكيل- اكد رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو ان الارادة السياسية لمحاربة الفساد بدأت مبكرا في المملكة وسبقت ما يسمى بالربيع العربي بست سنوات على الاقل.
وقال في ندوة حوارية نظمتها المبادرة الاردنية للبناء (زمزم) للحديث حول الجهود التي تقوم بها الهيئة في الحد من قضايا الفساد ومخاطره واستراتيجيتها المستقبلية ان الاردن قطع شوطا كبيرا في مكافحة الفساد، واثمرت الجهود الوطنية على هذا الصعيد عن ضبطه الى حد كبير في القطاع العام.
واشار الى حرص الهيئة على عقد عشرات ورش العمل التوعوية لموظفي الدولة وخاصة لقيادات الصف الثاني، وتفعيل وحدات الرقابة الداخلية في الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية، وتعظيم التنسيق بيننا وبين الجهات الرقابية الأخرى.
واكد بينو ان ، وذلك بسبب ظروف الفقر والبطالة وغيرها من الاحتقانان الشعبية، مشيرا الى ان الفساد في القطاع الخاص اكثر من القطاع العام، غير ان الهيئة انتهت من 90 بالمئة من الفساد الموجود في القطاع الخاص.
ولفت الى ان الهيئة تعاملت منذ العام 2024 ولغاية شهر تموز الماضي مع 3715 قضية فساد، احيل منها الى القضاء 543 قضية، وحفظ منها 2776، اما لعدم توفر المعززات أو لشمولها بقانون العفو العام الصادر في العام 2024.
وبين ان عدد الشكاوى التي تلقتها الهيئة خلال العام الحالي بلغ 785 شكوى واخبارا، حفظ منها 249 وبقي 198 شكوى قيد الدراسة، مشيرا الى ان الهيئة ساهمت خلال العام الماضي باسترداد 25 مليون دينار، وارض لحساب خزينة الدولة.
ونوه بان المجتمعات النامية هي الأكثر تأثرا بظاهرة الفساد لمحدودية مواردها، مشيرا الى ان الأردن لم يكن بمعزل عما يجري في العالم، حيث اختلطت الامور خلال سنوات الخصخصة من العام 2000 وحتى 2024، وتداخل فساد مراكز القوى والنفوذ والمال في القطاعين العام والخاص، فنهب كل في قطاعه مئات الملايين من الدنانير.
وقال ان بعض الفاسدين استغل ثغرات شابت التشريعات الناظمة آنذاك، اضافة الى تواضع اداء الجهات الرقابية او انعدامه في أحيان كثيرة، وغياب المساءلة وانتشار ‘ظاهرة الطبطبة والاستقواء على المال العام في القطاع الرسمي’، وعلى أسهم صغار المستثمرين في الشركات المساهمة العامة.
واضاف نجحنا فعلا في ايجاد ربيع أردني خاص بنا، كما قال جلالة الملك منذ أيام في ورقته النقاشية الخامسة.
ولفت بينو الى ان الهيئة تعرضت خلال الأربع سنوات الماضية وبالذات خلال العامين 2024 و2014 لحملات تشكيك ظالمة وكيلت لها التهم جزافا ‘وطعن الفاسدون وازلامهم بجدواها، وحاولوا الاساءة الى سمعة كوادرها، فاتهموها بالانتقائية وبأنها تتعامل مع القضايا البسيطة وتصرف النظر عن القضايا الكبيرة، وأنه يملى عليها.
واكد ان سياستنا في الانفتاح على مختلف وسائل الاعلام وتعاملنا معها بشفافية ومصداقية، ساهم الى حد كبير في إبطال مفعول هذه الحملات وقد ساعدنا كثير من الإعلام العاقل في ايصال رسائلنا الى الرأي العام الذي كسبنا ثقته في فترة قياسية’.
واشار الى ان علاقة الهيئة بأي ملف او قضية فساد تنتهي بمجرد احالتها الى المدعي العام المنتدب، لكن بعض الناس يستعجلون الامور ويريدون منا الزج بالفاسدين خلف القضبان أو الإسراع في محاكمتهم، ‘وهذه صلاحيات ليست من اختصاصنا أصلا، كما ان التأني في نظر القضايا مهم كي لا يفلت فاسد من العقاب ولا يظلم بريء’. وقال ان العام 2024 شهد إجراء تعديلين على قانون الهيئة، حيث تم بموجب التعديل الاول حماية الشهود والمبلغين والخبراء وذويهم في قضايا الفساد، وكذلك عدم سقوط الأموال المتحصلة من الفساد وجريمة الفساد بالتقادم، اضافة الى منح الهيئة صلاحية تجميد العمل بأي عقد أو اتفاق اذا تبين انه نتج عن شبهات فساد.
واضاف انه تم خلال هذا العام اجراء التعديل الثاني حيث اضيف الى اختصاص الهيئة ‘جرائم غسيل الاموال والكسب غير المشروع والامتناع عن اشهار الذمة المالية لأي مسؤول في الدولة’، اضافة الى اصدار نظام حماية المبلغين والشهود والخبراء وذويهم ووثيقي الصلة بهم من الترهيب أو الانتقام أو الإيذاء.
واشار الى ان الهيئة قامت بإجراء دراستين على المشتريات الحكومية من الادوية والمستلزمات الطبية بهدف التعرف على أوجه الخلل في ذلك، وبعد الدراسة تم توفير ملايين الدنانير على موازنة وزارة الصحة، كما بحثت دراسة ثانية بالأوامر التغييرية في العطاءات الحكومية للوقوف على حجم هذه الأوامر والأسباب الحقيقية وراء اصدارها، بالإضافة الى عقد عشرات اللقاءات مع مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة ومع وسائل الاعلام.
ولفت بينو الى ان الاردن أصبح بيت خبرة على الصعيد الاقليمي والعربي في مكافحة الفساد، وان تراجع ترتيب الاردن بمؤشر ما يسمى ‘مدركات الفساد’ الذي تصدره منظمة الشفافية العالمية سنويا والذي تراجع خلال العام الماضي ثماني درجات من 58 الى 66 على الصعيد العالمي، ومن الرابع الى السادس عربيا، ‘ليس سببه هيئة مكافحة الفساد انما هو مؤشر خاص بأداء الدولة الأردنية ككل، آخذين بالاعتبار ما يجري في دول الجوار والمنطقة ومخاطر ذلك على فرص الاستثمار، وما ينشر في الاعلام غير المسؤول، واداء البرلمان واستقرار الحكومات’.
واكد بينو ان الواسطة والمحسوبية ستبقى من آفات الفساد المقيتة التي سيعاني مجتمعنا منها سنوات طويلة، مشيرا الى اننا نعلق امالا كبيرة على القانون الذي تعكف اللجنة الملكية لمتابعة ميثاق النزاهة الوطني على وضعه كي ينسق التعاون بين مكونات المجتمع الاردني في قطاعيه العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني امتدادا الى الطلبة من الابتدائية وحتى التعليم الجامعي لمحاربة هذه الآفة الخطيرة.
وتحدث بينو عن كثير من قضايا الفساد السابقة و’برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي والكازينو والفوسفات وامنية وغيرها’، موضحا الكثير من الملابسات حول هذه الملفات، وان دور الهيئة ينتهي عندما يتم تحويل اي قضية للقضاء او لمجلس النواب، مبينا ان قصة تسوية الاراضي هي خارج نطاق عمل الهيئة ومنظورة امام القضاء.
وقدم بينو موجزا عن الاستراتيجية الوطنية الثانية لمكافحة الفساد 2024-2017 والتي تشكل الاطار التنسيقي لجهود كافة المؤسسات والاجهزة المعنية بمكافحة الفساد والتي وضعت بالتعاون مع مؤسسات الدولة ذات العلاقة ومع منظمات المجتمع المدني وبالاستفادة من الخبرة الأوروبية في هذا المجال من خلال الاتفاقيات المشتركة.
من جهته، اعتبر منسق المبادرة الدكتور رحيل الغرايبة ان عقد هذا اللقاء الهام يأتي استكمالا لسلسلة لقاءات قامت المبادرة بعقدها بهدف تعميق الحوار ومنهج توسيع المشتركات والقواسم بين مكونات المجتمع الاردني، وتقليل مساحة الاختلاف.
واضاف، ان المبادرة تسلط الضوء على الملفات الساخنة وتجري حوارا مسؤولا وهادئا، مع من هم في الميدان واصحاب القرار، ليس بهدف تلميع صاحب القرار او النقد الهدام بل ‘لنقول للمحسن احسنت وللمسيء اسأت’، ومن هذه الملفات ملف الفساد بهدف تشجيع ودعم الانجازات التي تحققت في مجال مكافحة الفساد وتجفيف منابعه، ولنقف على حقيقة المحطات القاتمة في ملاحقة بعض حيتان الفساد.
واشار الى ان المبادرة تسعى لتكوين حاضنة شعبية ووطنية قوية لدعم القرارات الجريئة لصاحب القرار ولتبقى العين المفتوحة على المقصرين وبعض الخلل اينما وجد.
وقال رئيس الفريق السياسي في المبادرة الدكتور نبيل الكوفحي، ان جهد الهيئة في مجال مكافحة الفساد مقدر ونحن مع تراكم الانجاز والنجاح الذي تحقق في هذا المجال، مطالبا بأن تصل يد العدالة الى كل فاسد بغض النظر عن وضعه الاجتماعي او السياسي او المالي وان لا يكون احد فوق القانون مهما كانت مرجعيته.
وتساءل حول قدرة الهيئة على الاحاطة بتراكمات فساد كبيرة وخاصة في القضايا التي شكلت مثار اهتمام الرأي العام ضمن كادر وظيفي محدود، وعن دور الهيئة في الرقابة على الفساد الاخلاقي والاجتماعي.
وطرح رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الاسكان المهندس كمال العواملة ما يجري مع المستثمرين في قطاع الاسكان من بطء وتأخير في اجراءات ترخيص المباني والعقارات في امانة عمان، ما يعيق الاستثمار ويدفع المستثمرين للهروب الى الخارج، علما بأن ترخيص المبنى في اي محافظة من محافظات المملكة لا يستغرق سوى خمسة ايام وهو الامر الذي يضع الكثير من علامات الاستفهام حول سب التأخير في امانة عمان الكبرى.(بترا)