تخطى إلى المحتوى

حرّروا السوق من الشركات المتعثرة

حرّروا السوق من الشركات المتعثرة
خليجيةمنذ عام 1976 والحكومة لم تتوقف عن تعويم سوق الأوراق المالية. في ذلك العام تراجعت أسعار الأسهم المدرجة وقامت الحكومة بتوفير 150 مليون دينار لشراء الأسهم من أجل تعويم المتعاملين في السوق. وعندما حدثت أزمة المناخ في عام 1982 أصدر مجلس الأمة قانوناً باسم «صندوق صغار المستثمرين» أدى إلى شراء الأسهم، بعد أزمة الشيكات المؤجلة Post Dated checks ولم يتوقف الأمر عند ذلك الصندوق بل اضطرت الحكومة ومجلس الأمة إلى إصدار تشريع «المديونيات الصعبة»، وتم تحمل جزء مهم من مديونية العديد ممن تورطوا بديون النظام المصرفي لاقتناء الأسهم ابان تلك الفترة، وقد صدر ذلك القانون في عام 1993، أي بعد انتخابات مجلس الأمة في خريف 1992، بعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي. لا شك أن الأموال التي وظفت بسبب تلك الأزمات قد تجاوزت عدة مليارات من الدنانير الكويتية، وهي أموال مهمة ما كان يجب أن توظف في السوق إطلاقاً. أسواق الأوراق المالية تمثل ساحات لتبادل الاصول المالية بين المتعاملين والمستثمرين وتمنح المضاربين فرصا لجني الأرباح خلال الأجل القصير. ويفترض أن تكون الأموال الموظفة في الأسواق هي أموال خاصة، حيث يتم اقتناء الأسهم والأدوات المالية الأخرى بعد أن يجري المتعاملون تمحيصاً بين تلك الأدوات واحتساب عناصر الربح والخسارة، سواء على الأمد القصير أو الأمد الطويل، أو يتم الاقتناء من أجل الاستثمار وجني العائد من ذلك الاستثمار بشكل مستقر.

في الكويت، أيضا، تقوم الهيئة العامة للاستثمار بواسطة المحفظة الوطنية باقتناء الأسهم من أجل ضبط إيقاع السوق، نظراً لغياب المستثمرين المؤسسين أو صناع السوق. ويفترض أن الهيئة العامة للاستثمار تقتني الأدوات المالية، ومن بينها الأسهم الكويتية، لضمان جني عوائد وأرباح على توظيفاتها المالية. ليس مطلوباً من الحكومة الإيعاز للهيئة العامة للاستثمار أن تقوم بالتدخل والشراء للأسهم عندما تتراجع أسعار تلك الأسهم. كل الأسواق المالية في العالم تمر بظروف صعبة وتتراجع أوضاعها ويفقد المستثمرون أو المتعاملون جزءاً مهماً من قيمة أموالهم الموظفة في الأسواق. من الطبيعي أن تتأثر بورصة الكويت بأوضاع أسواق النفط وتراجع سعر برميل النفط الكويتي، حيث ان البلاد تعتمد، اقتصادياً، على مداخيلها من مبيعات النفط، والكويت بلد أصبح يدار بموجب معايير الاقتصاد الريعي الذي يغذى بآليات وأدوات الإنفاق العام، لكن ذلك لا يعني فتح صنابير الخزينة العامة لشراء الأسهم في الأوقات الحرجة. ما هو مطلوب هو تطوير الأنظمة المؤسسية في السوق وتعزيز دور هيئة أسواق المال وتمكينها من تعديل أنظمة السوق المالي ودعم الشفافية. كذلك يتعين على المسؤولين تحرير السوق من الشركات المتعثرة التي أصبحت عاجزة عن تقديم بياناتها المالية منذ فترة طويلة، وكذلك تلك الشركات التي خسرت نسبة كبيرة من رؤوس أموالها، وذلك بموجب القوانين السارية. في الوقت ذاته يجب على هيئة أسواق المال أن تعجل بقيام شركة سوق الكويت للأوراق المالية، بعد التخصيص، وكذلك تأسيس شركات متخصصة أو تحويل العديد من شركات الاستثمار إلى صناع للسوق للعمل على ضبط إيقاع السوق وتحصينه من المضاربات الضارة التي تؤدي إلى فقدان الحيوية.

عامر ذياب التميمي

(مستشار وباحث اقتصادي)

ameraltameemi@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.