بسم الله الرحمن الرحيم
اليمن والرافضة وهدم الكعبة
ألقى فضيلة الشيخ سعود الشريم – حفظه الله – خطبة الجمعة بعنوان: "اليمن والرافضة وهدم الكعبة"، والتي تحدَّث فيها عن اليمن وما حلَّ بها من آلامٍ ومآسٍ يتعرَّض لها أهلُها من المُفسِدين والمُخرِّبين، مُبيِّنًا ما سطَّره التاريخُ من جرائِم للروافِض وغيرهم من الحاقِدين على أهل الإسلام في البلد الحرام خصوصًا، مُشيدًا بجهود قادة البلاد الإسلامية الذين يقومون بعاصفة الحزم.
https://www.youtube.com/watch?v=vURZ88NKBQY
الحمد لله الأول اللطيف الخبير خالق كل شيء وهو على كل شيء قدير
له ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير
لا إله إلا هو ولا ربَّ لنا سواه هو مولانا ونعم المولى ونعم النصير
وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمدًا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله وخيرتهُ من خلقه
دعانا إلى الحق البصير وحذَّرنا من كل شرٍ مُستطير
وتركنا على المحجة البيضاء ليلُها كنهارها لا يزيغُ عنها إلا هالك
فصلواتُ الله وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أزواجه أمُهات المؤمنين وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرا .
أما بعد ..
فإن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد ﷺ وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة , ألا وإن تقوى الله خيرُ زاد وأحسن حَاد , بها المُعتصَمُ من الفتن بعد الله والاعتماد وصى الله بها الأولين والأخرين على حدٍ سواء فقال جل من قائل ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ .
عباد الله ..
المجتمع الجاد هو ذلكم المجتمع الذي يسعى بكل ما يملك من دعائم دينية وثقافية وفكرية وسياسية واقتصادية من أجل الحفاظ على أسٍ من أسس استقراره وتوازنه ووحدته دون تفريطٍ أو تهميشٍ أو تسويف والمتمثل كله في أمنه الداخلي والخارجي .
نعم عباد الله إنه ما لم يكن هذا الأمر من أولوياته ومسلماته التي لا تقبل المساومة ولا المماراة , وإلا فإنها الفوضى ما منها بُد , والإهمال الذي لا اهتمام بعده والغفلة التي لا وعي إثرها , حتى يكون طُعمًا لعدوٍ متربص به الدوائر من خارجه أو لذوي نفاقٍ من داخله ينتمون إليه جسدًا لا روحًا , ينخرون في كيانه من الداخل ويقتاتون من الأزمات , فهم كدود العلق يعشق امتصاص الدماء ولذا فإن المجتمع الواعي هو الذي لا يفرّقُ بين عدو الداخل وعدو الخارج فحماية نفسه من إخلال إي العدوين به يُعد من أوجب الواجبات عليه قيادةً وشعبا ;لأن الحفاظ على الأمن ضرورةٌ لا يُنازعها إلا حاسدٌ أو كالح وإن سلامة أي مجتمعٍ من الحروب لهي نعمةٌ ينبغي شكر الله عليها لأنها منة الرؤوف الرحيم حيث قال جل وعلا ﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4) ﴾ .
لأجل ذلكم عباد الله كان من اعتقاد أهل السنة والجماعة تنصيب الإمام الذي يرعى حقوقهم ويحمي دينهم ويصد عنهم عدوهم , وإن الله جل وعلا قد أنعم على أمة الإسلام بهذا البيت العتيق الذي تهوي إليه أفئدة الناس رجالًا وركبانًا من كل فجٍ عميق , وهو شامخ الأركان ثابت البنيان يطاول المكان والزمان , غير أنه لم يسلم عبر التأريخ من أطماع الطامعين وحسد الحاسدين إذ تمتد إليه أيادي العبث والتخريب بين الحين والأخر , إلى أن من الله على الأمة برعاية بلاد الحرمين الشريفين له ولمسجد رسوله ﷺ وحمايتهما بكل أصناف الحماية ;غير أن ذلكم عباد الله يغيظ قلوبًا بالغل حاسدة وأنفسًا للسوء قاصدة ترفع عقيرتها بين الحين والأخر مهددة طامعة يغيظها أن لم تكن رِعايتُهُما لها فضلًا عما تحمله من دغل التخريب وإرادة عدم الاستقرار في قبلة المسلمين ومسرى رسولهم صلوات الله وسلامه عليه .
إنهم يريدون بهذا الغل والتهديد أن يستبيحوا بيت الله الحرام كما استباحه المفسدون من قبل في شهرٍ حرام إبِّان القرن الرابع الهجري فاستحلوا دماء الحجيج وقتلوا منهم نحوًا من ثلاثين ألفًا بعضهم بين الصفا والمروة فخلعوا باب الكعبة وسلبوا كسوتها واقتلعوا الحجر الأسود من مكانه فغيّبوه قرابة اثنين وعشرين عامًا حتى كان فقهاء ذلكم الزمن إذا ألَّفوا في المناسك يقولون (ويُستَحَبّ أن يشير الحاج إلى الحجر الأسود إن وجد ) حتى أعاده الله بفضله وكرمه إلى مكانه .
كل ذلكم عباد الله كان من منطلقات طائفية ليست من الإسلام في وردٍ ولا صدر ولذا فإن بلاد الحرمين الشريفين لم تسلم براجمها من أوخاز الطائفيين وأطماعهم , وبلاد الحرمين حرسها الله ليست بلادًا طائفية إذ كيف تكون كذلك وهي جزءٌ من أمةٍ مترامية الأطراف بين المشرق والمغرب , ثم إن بلاد الحرمين حرسها الله بقيادتها لتدرك ما حمّلها الله من واجب حماية قبلة المسلمين ومهاجر النبي ﷺ وتدرك قول النبي ﷺ «لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا» .
وهي تدرك أيضًا أن ثمة متربصين يرغُون عليها وي**دون ويشوشون تجاهها ويهوشون , ويمكرون بأمنها مكرًا كبَّارا يتولى كبرهم فيها مدٌ طائفي ويعينه عليه قومٌ أخرون , قد أوهموا أنفسهم أن بلاد الحرمين ليست للدفاع عن نفسها أهلًا ولا للشدائد فصلًا حتى خوَّفوا الناس من دهياء مظلمةٍ يستهدفون من خلالها عقيدتها وثوابتها ومُقدساتها .
فانطلقت بتوفيق الله على إثر ذلكم ( عاصفة الحزم) لتظهر غضبة الحليم وصبر الحكيم والحال يصدق فيها قول العربي الأول :
أتَزْعُمُ، يا ضخمَ اللّغَادِيدِ أنّنَا وَنحن أُسودُ الحرْبِ لا نَعرِفُ الحرْبَا
فويلكَ ؛ منْ للحربِ إنْ لمْ نكنْ لها ومنْ ذا الذي يمسي ويضحي لها تربا
أتوعدنا بالحربِ حتى كأننا و إياكَ لمْ يعصبْ بها قلبنا عصبا
إنه نزال واجبٌ يمليه الضمير الحي وهبة فرسان يحمون الحرمين الشريفين يدركون مكانة أرض اليمن أرض الإيمان والحكمة وما حل بأهلها من بغيٍ وخروجٍ بطائفيةٍ مَقيتة تأكل الأخضر واليابس .
فلا حرم الله أهل اليمن الأمن والأمان ورفع عنهم ما حلَّ بهم وبدارهم من قوارع تدمي القلوب وتبكي العيون التي ما فتأ ذووها يسمعون قول النبي ﷺ «وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ» فكانت عاصة الحزم لجامًا للمتهورين المغرورين وحمايةً للحرمين الشريفين أن تطالهما أيدي الطامعين العابثين ونصرة للمظلومين المستضعفين في بلد الحكمة والإيمان .
العصفُ أبلغُ إيضاحًا من الخُطبِ
والحزمُ دلَّ على ساداتِنا النُجبِ
قد خانَ موطننا رغمَ الجوارِ يدٌ
كنا نُصافحُها باللُّطفِ والأدبِ
كنا نُكافِئُهـــا باللينِ لا خَــورًا
حتى غدتْ حَسدًا حمالــةَ الحطبِ
فامتدَّ فوقَ سماءِ الحــزمِ أجنحةٌ
مثل النسورِ تُرى في الجوِّ كالسحُبِ
يحمون كعــبةَ منْ ذلَّ العبادُ له
لم يثنهم رهبٌ فالكــلِّ كالشهبِ
فامضوا على ثقة ٍ بالله إنَّ لــكمْ
من عنده مددًا يُفـــضي إلى الأرَبِ
اللهم أصلح شأن أهل اليمن واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين واحمى بلاد المسلمين من كل عدوٍ متربص واحمى بلاد الحرمين الشريفين من كل مبغض ماكر وسائر بلاد المسلمين برحمتك يا أرحم ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
باركَ الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ والحكمة ، قد قلتُ ما قلتُ ، إن كان صوابًا فمنَ الله ، وإن كان خطأً فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله له ولكم , ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنبٍ وخطيئة , فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وبعد ..
فقد ذُكر أن الفاروق رضي الله تعالى عنه سأل عمرو بن معدي كَرِب عن الحرب فقال عمرو ( هي مُرَّةُ الْمَذَاقِ إِذَا قَلَصَتْ عَنْ سَاقٍ مَنْ صَبَرَ فِيهَا عَرَفَ ، وَمَنْ ضَعُفَ فِيهَا تَلِفَ ) وهي كما قال الشاعر :
الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ
حَتَّى إِذَا اشْتَعَلَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا وَلَّتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ حَلِيلِ
شَمْطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنُهَا وَتَغَيَّرَتْ مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ
وإن بلاد الحرمين حرسها الله حينما تقدم على عاصفة الحزم فإنما هي غضبةُ حليم ٍ لم يبق له سفه السافهين حلمًا , وحكمة ُصبورٍ لم يدع له تهديد الحاقدين في قوسه منزعًا , فكان لسان حالها قول القائل :
أبو الحرب عضّت به لحرب الحرب عضَّها وإن شمَّرت عن سَاقها الحرب شمَّرا
غير أن من الواجب علينا عباد الله أن ندرك جيدًا بأن للحروب لصوصًا كما أن للأموال لصوصًا , نعم يا عباد الله لصوصٌ يسرقون الأمن والوحدة والانتصار ولا يرجون للأمة خيرًا يتصدر فيهم المرجف والمخذّل , فإن ثمة من لا يريد لعاصفة الحزم أن توتي ثمارها وأن تضع أوزارها إما حسدًا بما حباه الله ذويها من توفيق وانتصار أو أحقادًا دفينةً تتسلل لواذًا من صدور ذوي النفاق في الداخل والخارج ; ذلكم بأن بلاد الحرمين حرسها الله مستهدفةٌ في عقيدتها وأمنها ومقدساتها , وإن كانت الحروب شرًا لابد منه كما قيل فإنها لحماية الحرمين الشريفين خيرًا لابد منه .
وإذا لم يكن إلا الأسنة مَركَبًا فما حيلة المضطر إلا ركوبها
وستظل بلاد الحرمين بإذن الله وتوفيقه حصنًا منيعًا أمام مطارق الحاسدين والمتربصين وصخرًا صلدًا يوهن قرون ذوي الأطماع والمآرب الدنيئة ما يؤكد استحضار شكر الله على فضله وتوفيقه واجتماع الكلمة ونبذ الفرقة ولقد صدق الله ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ .
..
هذا وصلوا رحمكم الله على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله صاحب الحوض والشفاعة فقد أمركم الله بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته المسبحةِ بقدسه وأيَّه بكم أيها المؤمنون فقال جل وعلا
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر وارض اللهم عن خلفائه الأربعة أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي وعن سائر صحابة نبيك محمد ﷺ وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين .. اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين وأخذُلْ الشرك والمشركين
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين
اللهم فرِّج هم المهمومين من المسلمين ونفِّس كرب المكروبين
واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين
برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا ، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا
اللهم انصر إخواننا المستضعفين في دينهم سائر الأوطان
اللهم انصر إخواننا المستضعفين في دينهم في سائر الأوطان
اللهم انصرهم في فلسطين اللهم انصرهم في فلسطين وفي سوريا وفي اليمن
وفي سائر بلادك يا رب العالمين
الله آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم
اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام
﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾
عباد الله اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على آلائه يزدكم
﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾
المصدر: مدونة التعليم توزيع وتحضير المواد الدراسية – من قسم: مدونة الشريعة الإسلامية
منقوووول
.