الوكيل – علي عبيدات – تفاقمت أزمة تعاطي وبيع الحشيش في الأردن في الآونة الأخيرة بشكل ملفت، وتقوم ادارة مكافحة المخدرات باحباط عمليات تهريب الحشيش والمواد المخدرة أكثر من مرة في الأسبوع وأحيانا بشكل يومي، ويدل احباط التهريب بشكل متكرر على الكم الهائل من المخدرات التي تدخل إلى الأردن فلو كانت هذه الأطنان في مصيدة المكافحة فكم هي الأطنان التي نفذت ودخلت للأردن.
وضبطت مكافحة المخدرات 407,728 كغم من الحشيش والماريجوانا في العام الماضي ضمن 5661 قضية تورط بها 7831 متهما منهم 572 اتجار و5089 حيازة وتعاطي، تنبئ هذه الأرقام عن أزمة تمتد وتتفاقم دون كبح وترسم لنا مجتمعا غارقا بالانحراف.
وتتراوح أسعار الحشيش بين 10 دنانير و 200 دينار، وتباع أما بالقطعة (قطاعي) أو (بالكفة) ويبيعها البعض بالسيجارة الواحدة بعد أن تقطع كتل الحشيش وتوزع وفقا لكمية السجائر التي يلفها المتعاطي من هذه الكمية واحياناً يكون السوق خاملاً وتباع السيجارة الواحدة بخمسة دنانير خصوصا إن كانت المكافحة تقوم بحملة من حملاتها وتركت المتعاطي دون زوادة الكيف التي اعتاد عليها.
ويطلق على الحشيش اسماءا وهمية ليتجنب المتعاطي الوقوع بالمتاعب وملاحقته، ومن تلك الأسماء (الهريسة، السي دي، القطعة، العصافير، الوضع، الغرض، البزر..) وتقسم إلى اصناف أبرزها (الخضرة، الشقرة، ريم الفلا، العنود، هِند… ) ومن طرق التواصل التي يستخدمها بائعة الحشيش والموزعون ترك البضاعة في حمامات عمومية أو على قارعة الطريق بينما يكون الموزع يراقبها حتى يأخذها المتعاطي ويضع مكانها ثمنها، وبعضهم عبر التوصيل السريع (بالسيارة) عبر التصاق مركبة الموزع مع مركبة المتعاطي في شارع عمومي وتبادل البضاعة والمال من النافذة وبينما تمشي المركبة.
وجاء في تصريحات رسمية أن نسبة تعاطي الطلاب قليلة جداً مقارنة مع باقي شرائح المجتمع فاحصائية العام الماضي كشفت عن 1000 طالب متعاطي خلال 4 سنوات من اصل مليون و 800 ألف طالب بين الجامعي والتعليم المتوسط والمدرسة، لتكون النسبة قليلة جداً مقارنة بعدد الطلاب الكبير، وتعد الأردن بلد مرور للمخدرات لأن عدد متعاطي المخدرات لم يتجاوز الـ 70 ألف متعاط كما جاء في الاحصائيات الدولية ليكون البلد بلد تعاطي.
ونصت مادة قانون تعاطي المخدرات الجديد على أن لا تقام دعوى الحق العام على كل من ضبط للمرة الأولى متعاطيا للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية،على أن يتم تحويله للمعالجة في المركز المخصص التابع لإدارة مكافحة المخدرات، أو أي مركز آخر يعتمده وزير الداخلية خلال 24 ساعة من إلقاء الضبط عليه.
وأثار هذه القانون لغطا كبيرا في الشارع الأردني فقد لمح البعض بين طيات هذا القانون حثاً على التعاطي وتجربة الحشيش لأن المتعاطي للمرة الأولى لا يعاقب وقال آخرون أن هذا القانون يساهم في اعطاء فرصة للمتعاطي ليراجع نفسه بعد أن تتم رعايته الصحية والنفسية في مراكز الادمان المختصة وسيساهم في المحافظة على المتعاطي التائه واعادته للطريق الصواب دون ان يسجن ويحشر مع المجرمين واصحاب السوابق في هذا المجال.
يمر الأردن بمرحلة تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية تماشيا مع ظروف المنطقة المشتعلة والهجرات من الدول الأخرى التي ضاعفت عدد سكان الأردن وجلبت معها سلوكيات جديدة وطباع هجينة، وكل هذا الضغط على دولة بالكاد وقفت على أرجلها منذ سنين ليست طويلة، فسابقاً كان المنحرف في قرية ما معروفا ولا احد يتعامل معه وكان الأهالي يحذرون ابناؤهم منه، لكن القرى تحولت لمدن وصار المنحرف مستورا بملابس المستيقم، ويعول على دور الأسرة في هذا الصدد بشكل رئيس فهي اللبنة الأساسية وهي المجتمع المصغر.
تظهر على المتعاطي أعراض التعاطي منذ البداية، فيطول سهره ويتحول إلى مزاجي عنيد ولا يبالي بأي تفاصيل حياته ومستقبله، كما يصاب ببلادة كبيرة ويحاول أن يحصل على المال بأي طريقة لشراء الحشيش، بعد أن نمت هذه الرغبة به جراء الحاح رفاق السوء وايهامه بأن الحشيش ينسي الهموم ويريح المتعب ويخلق جوا ابداعيا يحول الانسان العادي إلى خارق وسعيد بحياته، وعلى صعيد العلامات البارزة على المتعاطي، فينتشر السواد حول صحن عينيه ويخسر من وزنه قليلاً ويفقد الشهية، ومنهم من يتغير سلوكه مع أهله واصدقائه عبر العصبية التي يعاملهم بها والآلفاظ التي يستخدمها في حيثه حتى مع أهله بعد تأثره بصحبة الحشيش ورفاق جلسات الكيف والتعاطي.
وتبقى المسؤولية ملقاة على عاتق الاهل ومؤسسات الدولة، عبر توجيه الشباب لما يخدم بلدهم ومستقبلهم، وتصحيح الكثير من المفاهيم التي يفهمها المدمن بصورة خاطئة، فالعاطل عن العمل يرى الحشيش طريقة لتفريغ كبته، والتعيس في حياته يتخيل أن التعاطي سيشعره بالسعادة، كما يستخدمه بعض الطلاب ليخفف عنهم تعب الدراسة ويهدئ اعصابهم، رغم أن الطب ينفي هذا ويقول بشكل مباشر أن الحشيش يتلف الأعصاب ويتسبب بالغباء والبلادة.
يبقى الحل الأمثل والأقوى لمكافحة هذه الظاهرة المتزايدة هو الضرب بيد من حديد، وتكاتف الأسرة مع مؤسسات الدولة وادارة مكافحة المخدرات، لنكون في مجتمع خالٍ من الادمان.