تخطى إلى المحتوى

خوفي من الموت أفقدني السعادة والتركيز

خوفي من الموت أفقدني السعادة والتركيز
استشارات طبيه علميه طب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سوف أطرح عليكم مشكلتي، وأنا كلي ثقة بكم من بعد الله في حلها.

حينما كنت أبلغ من العمر 15 سنة، أصابتني حالة من الخوف الشديد من بعد تفكيري في الموت والقبر، فأُصبت برجفة، وبكاء، وحلقي كان جافاً، مع إحساسي الشديد بأنني سوف أموت، واستمرت معي الحالة بشكل يومي لمدة شهرين، بعد الشهرين تحسنت حالتي، وأصبحت لا تذكر.

خفت الحالة كثيراً، وتناقصت حتى وصلت ليوم بالأسبوع، أو مرتين شهرياً، وكانت أعراضها خوفاً واكتئاباً فقط، وكانت تستمر معي لمدة عشر دقائق، أو أكثر، بعد ذلك أعود طبيعية، واستمر الحال بهذه الصورة لمدة ثلاث سنوات.

بعد دخولي إلى الجامعة، عادت لي المخاوف والأعراض السابقة: خوف شديد، ورجفة، واكتئاب، وتفكير دائم في نهايتي، وفي عذاب القبر، وظلت الحالة تلازمني كالسابق لمدة شهرين متتالين، بعد البحث والقراءة عن طرق التخلص من الخوف والقلق، تحسنت حالتي، وتمكنت من السيطرة على نفسي من الخوف.

وصلت اليوم لعمر 22 سنة، وإلى اليوم ما زالت المخاوف تراودني، وتستمر معي لمدة أسبوع، ثم تخف، وتعود، وهكذا، في كل مرة تتطور حالتي، فأصبحت أخاف من أي خبر وفاة أسمعه، ومن صور القبور، وإن سمعت عن الموت المفاجئ، بالماضي كان باستطاعتي السيطرة على نفسي وعلى مخاوفي، لكنني الآن لم أعد قادرة، جميع الطرق لا تنفع معي، أصبحت أخاف من النوم، ولا أستطيع النوم براحة، وحينما أستيقظ أكون غير مرتاحة، ولا أريد العيش مع فكرة الموت، وفي كل مرة أرفضها، وأردد في نفسي بأنني لا أريد الموت؟

أنا خائفة من الموت، وأتمنى منكم مساعدتي، ما زلت في فترة اختبارات، ولا أستطيع المذاكرة بتركيز، وأخيراً أتمنى من كل من يقرأ رسالتي بأن يدعو لي، وشكرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رهف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت الحمد لله تعالى لا تعانين من ضعف في الشخصية، ولا ضعفٍ أو اضطراب في إيمانك، فكرة الخوف والتفكير المستمر على النمط الوسواسي حول الموت هي حالة أو ظاهرة مرضية، ولا شك في ذلك.

أيتها الفاضلة الكريمة: اجلسي مع أحد الداعيات، هذا لا يعني أنك تنكرين حقيقة الموت، لا، لكن أريدك التثبت من أمور معينة حول الموت، الموت آتٍ ولا شك في ذلك، قال تعالى: {إنك ميتٌ وإنهم ميتون} وقال تعالى: {أفإن متَّ فهم الخالدون}، هذه حقيقة أزلية.

أيتها الفاضلة الكريمة: حين نفهم الموت بمعناه الشرعي والإيماني، يسهل علينا الأمر كثيرًا، أعرفُ من يفرحون بلقاء الله تعالى، لأنهم يعرفون أن من يفرح بلقاء الله تعالى يفرح الله تعالى بلقائهم.

إذًا: لا بد أن تضعي تفكيرك في قوالب إيمانية صارمة، وتستمتعي بالحياة استمتاعًا كاملاً في حدود ما هو مشروع، وأن تكوني مفيدة لنفسك ولغيرك، وتُكثري من عمل الخير والبر والطاعات، وذكر الله تعالى، فإن ذكر الله تعالى يُطمئن الإنسان، قال تعالى: {واذكروا الله كثيرًا}، ما النتيجة؟ {لعلكم تُفلحون}، وقال تعالى: {ولذكر الله أكبر}، وقال تعالى: {فاذكروني أذكركم}، وقال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، وقال تعالى: {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى فلنحيينه حياة طيبة}.

هذه هي الأسس التي تصرف تفكيرك السلبي المرضي عن الموت، بخلاف ذلك لا أرى لك مخرجًا أبدًا، الموت مآل كل إنسان، الموت آتٍ ولا شك في ذلك، {لكل أجل كتاب}، {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}.

لكن كيف نستقبل الموت ونستعد له؟ هذا هو المهم.

ولا تتجنبي ما يتعلق بالموت، اذهبي إلى العزاءات، وعزّي الناس على الأسس الشرعية، لا تنخرطي في الصراخ والعويل كما تفعل بعض النسوة، لا، هذا ليس أمرًا شرعيًا، وأسأل الله تعالى أن يُطيل عمرك في عمل الخير، وأن يحفظك من بين يديك ومن خلفك.

لا بد أن تُجالسي أحد الداعيات، هذا مهم جدًّا – أيتها الفاضلة الكريمة -، واسعي في هذه الأرض، وعمِّري هذه الأرض، كوني مساهمةً في ذلك، ولا تخافي من المستقبل، وقطعًا المستقبل أحد جزئياته الموت، ولا تتحسري على الماضي، لأن الخوف من المستقبل والتحسُّر على الماضي يضيع علينا الحاضر، والحاضر يجب أن نعمل فيه، وأن نُكابد فيه، وأن نستعدُّ للموت فيه.

هذا هو الأسلوب والأساس الذي يجب أن تُفكِّري عليه، وأنا في مثل حالتك – أيتها الفاضلة الكريمة -، لا أمانع أبدًا من أن تتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي؛ لأن هذه الأدوية وجد أنها فاعلة جدًّا لعلاج الخوف من الموت بمكونه المرضي، وليس بمكونه الشرعي والإيماني، والإنسان حين يقتنع بالموت شرعًا وإيمانًا ويقينًا، هذا يزيل عنه الخوف من الموت، ولا شك في ذلك.

أنت لم تذكري عمرك، لكن إذا كان عمرك أكثر من عشرين عامًا فعقار (سبرالكس ) (Cipralex)، والذي يعرف علميًا باسم (استالوبرام ) (Escitalopram)، سيكون دواء مناسبًا جدًّا لحالتك، ويمكن أن تذهبي إلى الطبيب النفسي وتقابليه.

الجرعة التي تحتاجين إليها صغيرة، تبدئي بخمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام -، وبعد عشرة أيام اجعليها حبةً كاملة، استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة عشرة أيام، ثم توقفي عن تناول الدواء، وهو دواءٌ جيد ومفيد جدًّا، وسليمٌ ولا يؤدي إلى الإدمان.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يُطيل عمرك في عمل الصالحات.

منقووووووووووول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.