الوكيل – انتقدت دراسة تحليلية لأداء مجلس الأعيان في الدورة الأخيرة غياب الشفافية عن أعمال المجلس، من حيث سرية اجتماعات لجان المجلس، وبقاء ما يحدث في مداولات المجلس ولجانه وسفراته بعيداً عن الرصد الإعلامي. ودعت الدراسة التي أعدها مرصد البرلمان الأردني في مركز القدس للدراسات السياسية حول أداء مجلس الأعيان الثالث والعشرين في دورته العادية الأولى التي انفضت في الثالث من الشهر الحالي، لاقتراح تعديل دستوري يتعلق بطريقة التصويت على مشاريع القوانين في الجلسات المشتركة بين غرفتي التشريع (النواب والأعيان) بحيث لا يكون الأعيان هم الطرف المسيطر تلقائياً على أي تصويت في تلك الجلسات، والاستعاضة عن المادة التي تنص على وجوب تأييد ثلثي أعضاء مجلس الأمة الحاضرين لأي مادة مختلف عليها، بمادة أكثر توازناً من نمط النصف زائداً واحد من أعضاء المجلسين. وتوقفت الدراسة أمام تقليد اعتماد المجلس حتى اللحظة على مبدأ التوافق لدى انتخابات نائبي الرئيس والمساعدين، وأعضاء اللجان الدائمة على مبدأ التوافق وعدم الذهاب للانتخاب التنافسي. وفي الوقت الذي ثمّنت الدراسة تقيد أعضاء المجلس بحضور الجلسات وعدم خشية رئيس المجلس من فقدان النصاب كما يحصل لدى النواب، وانتظام حضور أعضاء اللجان الدائمة لاجتماعات لجانهم، وبدء ممارسة بعض الأعيان لحقهم الدستوري في توجيه الأسئلة للحكومة، أشارت الدراسة إلى أن الجانب الرقابي في المجلس ما زال ضعيفاً دون المستوى المأمول حيث اقتصر عدد الأسئلة الموجهة للحكومة على 16 سؤالاً، ولم يتم توجيه أي استجواب للحكومة خلال عمر الدورة الماضية، وعدم عقد أية جلسة مناقشة عامة رسمية مع الحكومة، واعتماد الأعيان على عقد جلسات مغلقة محصورة بهم لمناقشة قضايا عامة مهمة. وفي الوقت الذي لاحظت فيه الدراسة، تنامي دعوات الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لانتخاب أعضاء مجلس الأعيان، ذكرت الدراسة بأن تشكيلة الأعيان الأخيرة واجهت نقداً لخروج رئيس المجلس السابق طاهر المصري، وغياب أعيان محسوبين على التيار الإسلامي المعتدل، إلا أنها أشارت في المقابل إلى التطور الجديد بضم شخصيات يسارية للتشكيلة، دخول عين (كفيف) من ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن التشكيلة. ولاحظت الدراسة التطور الذي أدخله الأعيان على نظامهم الداخلي والتعديلات التي تم اعتمادها، واشتملت على رفع عدد اللجان الدائمة من 9 إلى 16 لجنة، واعتبرت أن ذاك امراًيمكن البناء عليه لاحقا لإحداث تعديلات أكثر عمقا، إلا أن الدراسة استغربت مثلاً عدم إنشاء لجنة جديدة دائمة في المجلس للأمن والدفاع، في الوقت الذي تشتمل فيه عضوية المجلس عادة على رؤساء حكومات سابقين وخبرات أمنية وعسكرية واسعة ضمن التشكيلة، ويمكن أن يشكل هؤلاء عوناً للدولة والحكومة والأجهزة الأمنية والعسكرية في تقديم الرؤى ووجهات النظر، والرقابة أيضاً على أداء الحكومة في هذا المجال، وخاصة في ظل الظروف الإقليمية الملتهبة وتأثيراتها على المملكة. ولاحظت الدراسة أن مجلس الأعيان يبعد نفسه طواعية عن ممارسة دور تشريعي إصلاحي، إذ لم ينجح حتى في تقديم نفسه عوناً للملك في تمرير الأفكار الإصلاحية التي يتحدث عنها ويدعو إليها في أكثر من مناسبة، وما زال الأعيان أسرى لما تريده الحكومة، ووواصل لعب دور وظيفي، دون أن يذهب باتجاه لعب دور تشاركي حقيقي، إذ لم يسجل حتى الآن أن قام المجلس بمبادرة تعزز هذا الحالة التشاركية، ولم يذهب باتجاه تعزيز هذا المفهوم من خلال الحرص على الأبعاد الإصلاحية في التشريعات المعروضة عليه أو اقتراح أخرى. وكشفت الدراسة أن مجلس الأعيان عقد خلال الشهور الستة من عمر دورته العادية الاولى 12 جلسة تشريعية، و4 جلسات مشتركة مع مجلس النواب، فيما أقر الأعيان خلال دورتهم 30 مشروع قانون، وقانون مؤقت، من بينها قانونان خالف فيهما الأعيان مجلس النواب وأعادوهما إليه، إضافة إلى 4 قوانين تم إقرارها خلال جلسات مشتركة بين الأعيان والنواب، فيما تبقى لدى الأعيان 3 قوانين لم تدرج على جلسات المجلس. واظهرت الدورة الأخيرة فجوة تشريعية واسعة بين غرفتي التشريع؛ النواب والأعيان، اذ تم عقد 4 جلسات مشتركة بين المجلسين، وهذا رقم لم يحصل منذ الإنفراج السياسي، وعودة الحياة البرلمانية عام 1989، كما أعاد الأعيان للنواب عدداً كبيراً من مشاريع القوانين تجاوز في مجموعه 10 قوانين. وفي الوقت الذي ماثل فيه الدفق التشريعي للأعيان ما انجزه النواب، بيد أن الغرفة الاولى تفوقت على نظيرتها الثانية من حيث تفعيل الجانب الرقابي المتعلق بالأسئلة والمذكرات والاستحوابات، حيث اجابت الحكومة على 16 سؤالاً للأعيان وهو عدد قليل قياساً بالاسئلة الموجهة من قبل النواب، بينما لم يقدم اي عين استجوابا للحكومة.
دراسة تحليلية لأداء مجلس الأعيان في الدورة الأخيرة