كونا ـــ قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني ان الميزانية العامة للكويت سجلت خلال الربع الأول من السنة المالية الحالية فائضا ماليا بلغ نحو 12.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للعام بأكمله.
واضافت الوكالة في تقريرها الدوري السنوي عن التصنيف السيادي للكويت لعام 2024 ان الإيرادات العامة المتحققة في الربع الاول من السنة المالية الحالية زادت بنحو 55 في المئة عن تقديرات الميزانية العامة، وبلغ الإنفاق العام نحو 7.4 في المئة من إجمالي ميزانية السنة كاملة.
وتناولت الوكالة في تقريرها الدوري السنوي الذي اكدت فيه تصنيفها السيادي للكويت عند المرتبة «ايه.ايه» مع نظرة مستقبلية مستقرة اربعة محاور رئيسية، هي محركات التصنيف الرئيسية وحساسية التصنيف وعوامل التصنيف، والتطورات الرئيسية للتصنيف الائتماني.
وبالنسبة الى المحور الاول، وهو محركات التصنيف الرئيسية، قالت الوكالة ان الكويت تتمتع بمرونة مقابل اسعار النفط، متوقعة أن تحقق فوائض مالية في الموازنة العامة والحساب الجاري، بما يزيد على 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأعوام المقبلة لغاية عام 2024، وذلك على الرغم من احتمال انخفاض الأسعار العالمية للنفط.
وقدرت سعر برميل النفط التوازني للموازنة العامة والحساب الجاري عند نحو 48 و40 دولاراً للبرميل على الترتيب في عام 2024 وهي الأدنى بين جميع الدول التي تصنفها الوكالة.
واشارت إلى أن وضع الميزانية العامة القوي بشكل استثنائي هو الداعم الرئيسي لتصنيف الكويت الائتماني، مقدرة الأصول السيادية الخارجية الصافية بنحو 266 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2024، وهي الأقوى بين جميع الدول التي تصنفها الوكالة، بينما ارتفع صافي الوضع الدائن للكويت إلى نحو 53 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
واعتبرت ان الكويت سجلت ثاني أكبر فائض مالي في الحساب الجاري بين جميع الدول التي تصنفها الوكالة، حيث بلغت نسبة ذلك الفائض نحو 39.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي، مشيرة الى ان الكويت حققت فوائض مالية في الحساب الجاري تفوق 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسنة الثالثة على التوالي.
وتوقعت انخفاض الفوائض المالية في الحساب الجاري، تماشيا مع توقعات انخفاض الأسعار العالمية للنفط، على ان تحقق البلاد فائضا ماليا بنحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024.
واشارت الى أن الفائض المالي للميزانية العامة أعلى من كل الدول التي تصنفها مقدرة فائض الميزانية العامة في السنة المالية 2024/2013 بنحو 34.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، على ان يكون سعر برميل النفط التوازني للميزانية العامة منخفضا والإنفاق العام الرأسمالي للدولة منخفضا أيضا، يبلغ نحو 10 في المئة من إجمالي الإنفاق العام.
واكدت «فيتش» التحسن المعتدل في النمو الاقتصادي للكويت. اذ إن النمو الاقتصادي كان فاترا نسبيا خلال السنوات الخمس الماضية نتيجة لتحركات منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) لتنظيم إنتاج النفط من جهة، والقيود السياسية التي تعوق الإنفاق العام الرأسمالي من جهة أخرى، متوقعة أن تشهد القطاعات غير النفطية نموا بنحو 4 في المئة خلال السنوات من 2024 إلى 2024.
اما بالنسبة الى نقاط الضعف الهيكلية، فقد قالت الوكالة ان الكويت حققت نتائج أقل من متوسط أقرانها في التصنيف «ايه.ايه» في كل من مؤشرات التنمية البشرية ومؤشرات ممارسة أنشطة الأعمال ومؤشرات الحوكمة الصادرة عن البنك الدولي.
ولفتت الوكالة الى ان الكويت تعتمد اعتمادا كبيرا على الموارد النفطية، حيث يشكل القطاع النفطي نحو 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي والجزء الأكبر من إيرادات المالية العامة والحساب الجاري، مبينة ان أدوات السياسة الاقتصادية المحدودة تضع قيودا على الحكومة في الاستجابة للتقلبات الشديدة في الأسعار العالمية للنفط، رغم وجود مصدات مالية ضخمة تخفف من آثار تلك التقلبات.
وعن المحور الثاني حول حساسية التصنيف، قالت «فيتش» انه يمكن للتصنيف السيادي أن يستفيد من تحسن نقاط الضعف الهيكلية مثل انخفاض الاعتماد على النفط وتعزيز كل من معايير الحوكمة وبيئة الأعمال وإطار عمل السياسة الاقتصادية.
واضافت ان حدوث انخفاض حاد ومستمر في أسعار النفط قد يؤثر سلبا في تصنيف الكويت، وذلك على الرغم من أن أسعار النفط التعادلية منخفضة للكويت، كما أن المصدات المالية والخارجية توفر مرونة كبيرة، مشيرة في الوقت نفسه الى ان تصعيدا خطيرا في المخاطر الجيوسياسية الإقليمية يكون لها أثر اقتصادي مادي سلبي في التصنيف.
نقاط قوة
وفي ما يخص المحور الثالث (عوامل التصنيف) عددت الوكالة نقاط القوة التي تتمتع بها الكويت، بما فيها الاوضاع المالية القوية بشكل استثنائي، مشيرة إلى أن الأصول السيادية الخارجية الصافية هي الأعلى بين جميع الدول التي تصنفها الوكالة، وتقدرها بنحو 266 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 مع امكانية ارتفاع تلك النسبة في السنوات المقبلة.
وذكرت ان الكويت تتمتع ايضا بصافي وضع دائن أكبر بكثير من متوسط أقرانها في التصنيف. اذ يبلغ الدين الحكومي نحو 5.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رابع أقل معدل بين جميع الدول التي تصنفها الوكالة، في حين تشكّل الودائع الحكومية في القطاع المصرفي نسبة كبيرة.
واوضحت ان الكويت حققت فوائض مالية كبيرة في الميزانية العامة والحساب الجاري منذ عام 1998، متوقعة لتلك الفوائض أن تزيد على 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأعوام المقبلة ولغاية عام 2024، مبينة ان سعر برميل النفط التوازني للميزانية العامة عند أقل من نحو 50 دولارا للبرميل.
وقالت ان الكويت تعتبر من اكبر الدولة المصدرة للنفط في العالم وتكاليف إنتاجه منخفضة جدا، مبينة ان الاحتياطيات النفطية المؤكدة تكفي لنحو 100 عام عند مستويات الإنتاج الحالية.
وعن نقاط الضعف، اشارت الى ان الاقتصاد الكويتي يعتمد على القطاع النفطي، حيث يساهم بنحو 80 في المئة من ايرادات الدولة وبنحو 40 في المئة من الناتج المحلي، في حين تمول الإيرادات النفطية القطاع العام والعقود الحكومية.
واشارت الى ان اطار عمل السياسة الاقتصادية الكلية ضعيف، مقارنة بأقرانها في التصنيف، مبينة أن السياسة النقدية مقيَّدة بترتيبات ربط سعر صرف الدينار الكويتي بسلة عملات مرجحة بوزن أكبر للدولار الأميركي، لا سيما ان ترتيبات سعر الصرف في الكويت تعتبر دعامة اسمية توفر مصدر قوة، وهي أكثر مرونة من ترتيبات أقرانها الإقليميين.
وعن المحور الرابع للتطورات الرئيسية للتصنيف الائتماني، توقع التقرير أن تحقق الموازنات العامة للبلاد فوائض مالية، تزيد على 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عامين مقبلين، رغم انخفاض متوسط أسعار النفط السنوية، مقدرة سعر برميل النفط التوازني للميزانية العامة بنحو 48 دولارا بالسنة المالية 2024/2013.
واضافت انه رغم أن أسعار النفط ستكون أقل من توقعاتها في السنة المالية 2024/2013 والبالغة نحو 103.4 دولارات للبرميل، لتصل في المتوسط إلى نحو 92.4 دولاراً، فإن الإيرادات النفطية في السنة المالية2020/2014 ستبقى أعلى بكثير من مستوى الميزانية.
وأشارت إلى أن كلا من انخفاض سعر صرف الدينار الكويتي مقابل الدولار الأميركي وانخفاض فاتورة الدعوم المرتبطة بالنفط التي تقدر بنحو 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سيؤديان الى تخفيف الآثار المترتبة على انخفاض أسعار النفط، فضلا عن ان دخل الاستثمار المرتفع سيؤدي بالضرورة إلى زيادة الإيرادات غير النفطية.
وافترضت «فيتش» انتعاشا معتدلا في الإنفاق الرأسمالي للبلاد، على الرغم من توقع استمرار انخفاض الإنفاق الرأسمالي عن اعتماداته في الموازنة العامة للسنة المالية2020/2014.
سعر التوازن
وأشار التقرير إلى أن وضع المالية العامة للكويت يبدو سليما تحت سيناريوهات أسعار النفط المنخفضة، مقدرة أن متوسط سعر النفط السنوي ينبغي أن ينخفض إلى أقل من نحو 55 دولارا للبرميل، حتى تحقق الموازنة العامة عجزا ماليا في أي سنة لغاية السنة المالية 2024/2016.
وذكرت أن سعر التوازن للميزانية العامة في السنة المالية 2024/2007 بلغ 20 دولارا للبرميل وتمثل المرتبات والدعوم والتحويلات نحو 75 في المئة من إجمالي الإنفاق العام، في حين يشكل الإنفاق الرأسمالي نحو 3 في المئة في وقت تبقى قاعدة الإيرادات العامة معتمدة بشكل كبير على النفط.
وبينت ان السلطات تدرس بعض الإصلاحات المالية، اذ قامت بإلغاء الدعم عن مادة الديزل لتبلغ الوفورات المالية المحتملة نحو 0.5 في المئة فضلا عن الاعلان عن خطط لإلغاء الدعم عن الكيروسين والكهرباء وتخفيض بدلات سفر الكويتيين للعلاج في الخارج بنسبة 58 في المئة والبحث في إصلاح نظام الأجور في القطاع العام.
واعتبرت ان الموازنة العامة للسنة المالية 2024/2013 سجلت فائضا ماليا بنحو 34.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بتغيير طفيف عن فوائض السنة المالية 2024/2012.
ولفتت الى أن الإنفاق العام انخفض بنحو 2 في المئة في السنة المالية 2024/2013، مقارنة بانخفاض بنحو 10 في المئة في الميزانية السابقة. اذ انخفض الإنفاق العام بشقيه الجاري والرأسمالي، في حين ارتفعت مصروفات المرتبات والأجور بنحو 4 في المئة في السنة المالية 2024/2013، مقارنة بالموازنة المالية السابقة.
وبينت ان ارتفاع بند المرتبات والأجور في السنة المالية 2024/2013 مقارنة بالميزانية المالية السابقة هو الأقل ارتفاعا منذ السنة المالية 2024/2005، مشيرة الى أن الإنفاق العام الرأسمالي انخفض بنسبة 4 في المئة في السنة المالية 2024/2013، مقارنة بالميزانية المالية السابقة، حيث يشكل الإنفاق العام الرأسمالي نحو 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الأخرى التي حصلت على التصنيف نفسه.
%2 نمواً متوقعاً في 2024
أكدت {فيتش} ان الفائض المالي للحساب الجاري في الكويت يبقى من بين أكبر الدول المصنفة من قبل الوكالة خلال السنوات لغاية 2024، على الرغم من توقع انخفاض الإيرادات النفطية التي تمثل نحو 93 في المئة من إيرادات التصدير و82 في المئة من متحصلات الحساب الجاري.
واكدت التقدم في المشاريع الكبرى في قطاع الطاقة. اذ قامت الحكومة بطرح عقود مشاريع كبيرة كمشروع الوقود النظيف بنحو 15 مليار دولار ومشروع ترقية وتوسيع المصافي الرئيسية والمقرر الانتهاء منه بحلول عام 2024، ويجري العمل حاليا على مختلف مشاريع البنية التحتية الصغيرة.
وقالت ان النمو الائتماني المقدم للقطاع الخاص لا يزال حول أعلى مستوياته في خمس سنوات، وعند معدلات تتراوح ما بين 7 و8 في المئة، مشيرة إلى أنها لا تتوقع انخفاض أسعار النفط بشكل يؤثر بشكل كبير في خطط الإنفاق الحكومي، على الرغم من أنه قد يضعف الثقة.
وتوقعت ارتفاع النمو في عام 2024 إلى نحو 2 في المئة، على الرغم من توقع انخفاض طفيف آخر في إنتاج النفط، على ان يبقى معدل التضخم السنوي مستقرّاً عند نحو 3 في المئة في أكتوبر 2024، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق.