احكام ,السجود ,بغير ,اسباب ,الصلاه
تجيب لجنة الفتوى بدار الافتاء المصرية:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة، فمنهم من قال بالجواز، ومنهم من قال بعدم الجواز، وإليك نصوصهم في ذلك:
1- قال ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 120): [(قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا تُكْرَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ) الضَّمِيرُ لِلسَّجْدَةِ مُطْلَقًا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ آخِرَ الْكِتَابِ عَنْ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلزَّاهِدِيِّ: أَمَّا بِغَيْرِ سَبَبٍ فَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، وَمَا يُفْعَلُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ فَمَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْجُهَّالَ يَعْتَقِدُونَهَا سُنَّةً أَوْ وَاجِبَةً، وَكُلُّ مُبَاحٍ يُؤَدِّي إلَيْهِ فَمَكْرُوهٌ انْتَهَى.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا لَيْسَ لَهَا سَبَبٌ لَا تُكْرَهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ فِعْلُهَا إلَى اعْتِقَادِ الْجَهَلَةِ سُنِّيَّتَهَا كَاَلَّتِي يَفْعَلُهَا بَعْضُ النَّاسِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَرَأَيْت مَنْ يُوَاظِبُ عَلَيْهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْوِتْرِ وَيَذْكُرُ أَنَّ لَهَا أَصْلًا وَسَنَدًا فَذَكَرْت لَهُ مَا هُنَا فَتَرَكَهَا].
2- قال النووي في "المجموع شرح المهذب" (4/ 69): [لَوْ خَضَعَ إنْسَانٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَتَقَرَّبَ بِسَجْدَةٍ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِي سُجُودَ شُكْرٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ (أَحَدُهُمَا) يَجُوزُ، قَالَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ (وَأَصَحُّهُمَا) لَا يَجُوزُ، صَحَّحَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ، وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَكَانَ شَيْخِي يَعْنِي أَبَا مُحَمَّدٍ يُشَدِّدُ فِي إنْكَارِ هَذَا السُّجُودِ، وَاسْتَدَلُّوا لِهَذَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الرُّكُوعِ، فَإِنَّهُ لَوْ تَطَوَّعَ بِرُكُوعٍ مُفْرَدًا كَانَ حَرَامًا بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ؛ إلَّا مَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِثْنَائِهِ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْخِلَافِ فِي تَحْرِيمِ السَّجْدَةِ مَا يُفْعَلُ بَعْدَ صَلَاةٍ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ مِنْ هَذَا مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ، بَلْ ذَلِكَ حَرَامٌ قَطْعًا بكُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ كَانَ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرِهَا].
3- قال ابن مفلح في "الفروع" (2/ 314): [وَقَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ أَرَادَ الدُّعَاءَ فَعَفَّرَ وَجْهَهُ لِلَّهِ بِالتُّرَابِ وَسَجَدَ لَهُ لِيَدْعُوَهُ فِيهِ، فَهَذَا سُجُودٌ لِأَجْلِ الدُّعَاءِ، وَلَا شَيْءَ يَمْنَعُهُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ سَجَدَ سُجُودًا مُجَرَّدًا لَمَّا جَاءَ نَعْيُ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إذَا رَأَيْتُمْ آيَةً فَاسْجُدُوا"، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ يُشْرَعُ عِنْدَ الْآيَاتِ، فالمكروه هو السجود بلا سبب].
وعليه فللمستفتي أن يقلد من أجاز، ولا حرج عليه في ذلك، وإن كان الأولى والمستحب الخروج من الخلاف.
والله تعالى أعلم.