استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على هذا الموقع المبارك، وجزاكم الله كل خير.
إلى الدكتور محمد عبد العليم: تحية طيبة، أود أن أعرض عليك مشكلتي، وهي:
أعاني من خوف ونوبات هلع عند خروجي من البيت، أو عند حضور المناسبات، وأشعر بدوار وغثيان وتعرق، وآلام في المعدة والقولون، وأخشى السقوط، وأخاف من الموت، ويزداد هذا عند ركوبي السيارة لمسافات بعيدة أو للسفر، ولا أرتاح إلا بالعودة إلى البيت، وأخشى ركوب الطائرة والمصاعد الكهربائية، وأي تجربة جديدة، أو فكرة الابتعاد عن البيت، وأحيانا تأتيني حالة خوف في البيت من لا شيء؛ وأثر ذلك على دراستي الجامعية، علما بأن هذه المخاوف تتفاوت حدتها بين وقت وآخر، وسببت لي حالة من الاكتئاب والإحباط، وعدم الثقة بالنفس، وحالة نسيان من شدة التفكير، وكلما فكرت في المستقبل أقول: كيف يمكنني التقدم خطوة إلى الأمام وهذه حالتي؟ فقد أثرت على حضوري المناسبات، وفضلت العزلة والابتعاد عن كل ما يسبب لي التوتر أو الخوف.
ولكم مني جزيل الشكر والامتنان.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونرحب بك في إسلام ويب.
خوفك من المستقبل هو خوف غير مبرر؛ لأنه بيد الله، والله تعالى لا يُقدِر إلا الخير، فالخير كله بيده، والشر ليس إليه، أيضًا هو خوف مبرر لأنك تعانين مما نسميه بالقلق التوقعي أو القلق الاستباقي، والأمر كله بدأ معك بنوبات هلع كما تفضلت وذكرت، ثم بعد ذلك تطور الأمر قليلاً وأخذ منحى ما نسميه برهاب الساح أو الساحة، وهو الخوف من التجمُّعات أو افتقاد أمان البيت، وبعد ذلك تشعبت مخاوفك قليلاً لتشمل الخوف من الموت، ويزداد عند ركوب السيارة، لأن حوادث السيارات قد كثر في هذا الزمان، ومن خلال مكونات نفسية داخلية على مستوى العقل الباطني، تكوّن مثل هذا النوع من الخوف، وبعد ذلك شمل خوفك الخوف من ركوب الطائرات والمصاعد.
لا أريدك -أيتها الفاضلة الكريمة- أن تعتبري نفسك تعانين من أمراض متعددة؛ فهو مرض المخاوف، لكنه أخذ أشكالا وأنواعا معينة، وفي نهاية الأمر علاجه واحد، وهو واحد، ويُعالج من خلال تحقير فكرة الخوف، والإقدام على ما ترفضه نفسك وذاتك وتتردد فيه، هذا قد يكون أمرًا فيه شيء من الصعوبة، لكنه ليس بالمستحيل.
ابدئي بتحقير فكرة الخوف، وتأمَّلي في السيارة كنعمة عظيمة، وكذلك الطائرة، وابدئي دائمًا بدعاء الركوب، ففيه الأمان كله، ومن أكثر من الصدقة والإنفاق أمِن – بإذن الله تعالى – من حوادث الطُرق ومصارع السوء، وأكثري من ركوب المصاعد الكهربائية على الأقل ثلاث إلى أربع مرات في اليوم، ويمكن أن تذهبي إلى بعض البنايات الشاهقة التي بها مصاعد كهربائية، وتقومي بتكرار ركوب المصعد، هذا يُسمى العلاج بالتعريض، والعلاج بالتعريض لا يمكن توطيده وجعله راسخًا وقويًّا إلا من خلال تكرار الفعل، أما التعرض لفترات قصيرة ثم الانسحاب من الموقف فهو يقوي المخاوف، واعلمي أن ما أصابك لم يكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليُصيبك، {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
هذه هي المبادئ السلوكية التي يجب أن تتبعيها، وفي ذات الوقت أكثري من التواصل الاجتماعي، كوني نشطة جدًّا على مستوى الأسرة، وكوني صاحبة مبادرات، وانظري إلى حياتك بشيء من الطمأنينة، وأحسني إدارة الوقت، وأكثري من ذكر الله؛ ففي ذكر الله الاطمئنان والأمن والأمان، قال تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمنُ وهم مهتدون}، وقال: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
أنت محتاجة بالفعل لعلاجٍ دوائي، وعقار (زولفت Zoloft)، أو الذي يُسمى تجاريًا أيضًا (لسترال Lustral)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، أو عقار (زيروكسات Seroxat)، والذي يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) هما الأفضل لعلاج مثل هذه الحالة، وأنت تحتاجين لأحدهما.
اذهبي وقابلي الطبيب النفسي، أو حتى الطبيب العمومي الذي تثقين فيه، وقطعًا سوف يقوم بوصف أحد هذين الدواءين لك، ومدة العلاج يجب ألا تقل عن ستة أشهر، والجرعة يجب أن تكون جرعة وسطية، ليست بالكبيرة وليست بالصغيرة، وهذه الأدوية سليمة جدًّا، وتأتي فائدتها من خلال الالتزام القاطع بالجرعة التي يصفها الطبيب، وكذلك إكمال مدة العلاج.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
منقووووووووووول