تخطى إلى المحتوى

البلدان المصدرة للنفط في الشرق الأوسط متأخرة عن «المتقدمة» حيال مستوى الكفاءة

البلدان المصدرة للنفط في الشرق الأوسط متأخرة عن «المتقدمة» حيال مستوى الكفاءة

رصد- أكدت دراسة صادرة عن صندوق النقد الدولي أن كفاءة الإستثمار في البنية التحتية أصبحت أهم من أي وقت مضى بالنسبة لكثير من البلدان المصدرة للنفط في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقوقاز وآسيا الوسطى.
وذكر الصندوق في دراسته التي صدرت مؤخرا أن إقامة مؤسسات قوية لإدارة الإستثمار العام في هذه البلدان مطلب حيوي لتعزيز النمو الاقتصادي.
وتبحث الدراسة ثلاثة بدائل لقياس كفاءة الإنفاق العام في البلدان المصدرة للنفط والغاز في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، الجزائر والبحرين وايران والعراق والكويت وليبيا وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارت العربية المتحدة واليمن، والقوقاز وآسيا الوسطى – أذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان. ويستخدم التحليل عينة عالمية وبلدانا أخرى مصدرة للنفط كمعايير للقياس عند إجراء المقارنات بين البلدان.
ويعد تحسين كفاءة الإستثمار العام أولوية في هذه البلدان، وهو ما يرجع جزئيا إلى احتياجاتها التي لا تزال كبيرة في مجال البنية التحتية، رغم ارتفاع مستويات الإنفاق الإستثماري على مدار العقد الماضي مع ارتفاع أسعار النفط. ويذكر التقرير، على سبيل المثال، أن «الطرق الممهدة في هذه المجموعة من البلدان أقل بكثير مما يوجد في الاقتصادات المتقدمة.»
وينطبق هذا حتى بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي (البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة) – وهي أفضل البلدان أداء في المجموعة. غير أن هناك فارقا أقل بين هذه البلدان والاقتصادات المتقدمة في مجالات مثل طاقة توليد الكهرباء حيث تقف دول مجلس التعاون الخليجي على قدم المساواة مع البلدان المتقدمة، كما يرد في تقرير الصندوق.

المساحة الممكنة لرفع الكفاءة
يقيس أول منهج استخدمته الدراسة مدى كفاءة الاستثمار العام أو عدم كفاءته من خلال المقارنة بأفضل البلدان أداء. وفي هذا السياق، يتم استخدام «تحليل حد الكفاءة» كوسيلة لقياس العالقة بين رصيد رأس المال العام (وهو القيمة التراكمية للاستثمار السابق، مع مراعاة الإهلاك) والبنية التحتية. وتقاس البنية التحتية على أساس الجودة الكلية لمكون البنية التحتية في مؤشر التنافسية العالمية، وهي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمقاييس المادية للبنية التحتية مثل الطرق الممهدة المتاحة للفرد الواحد.
وتتحدد المساحة الممكنة لرفع الكفاءة عن طريق المقارنة بأفضل البلدان أداء في العينة العالمية (أ، ب، ج، د) الواقعة على حد الكفاءة. وتشير درجات الكفاءة التي تحصل عليها البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى إلى إمكانية تحسين جودة البنية التحتية في هذه البلدان بمقدار يصل إلى الخمس دون تغيير في الرصيد القائم لرأس المال العام.
في المنهج الثاني الذي يتم فيه التحليل على مستوى المشروعات، ينصب التركيز على تقديرات تكاليف وحدة الاستثمار في المشروعات الكبرى (مثل شبكة المترو والطرق) عبر مجموعات البلدان المختلفة. وتخلص الدراسة إلى أن متوسط تكلفة الوحدة في مشروعات المترو ( بالدولار الأمريكي ) قريبة إلى حد كبير من التكلفة المناظرة في الولايات المتحدة، رغم أن الأجور التي تتقاضاها العمالة أقل بكثير في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى.
أما المنهج الأخير فيركز على جودة النظام المطبق إلدارة الاستثمارات العامة في مختلف المراحل التي تمر بها دورة المشروع الاستثماري. ويوضح هذا المنهج أيضا ضعف الأداء في البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى، حيث يشير تحليل الدرجات الوسيطة إلى تأخر هذه البلدان عن مناطق أوروبا الوسطى والشرقية وأمريكا اللاتينية والكاريبي فيما يتعلق بمرحلتي التقييم والاختيار في دورة المشروع الاستثماري.
وتشير الدراسة إلى التفاوت في مستوى كفاءة الاستثمار العام عبر البلدان التي تركز عليها الدراسة، حيث تشغل دول مجلس التعاون الخليجي مراتب أعلى بوجه عام مقارنة بالبلدان الأخرى المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى.

خارطة طريق للتحسين
تقدم الدراسة سلسلة من التوصيات للبلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى لتعزيز كفاءة الاستثمار العام.
زيادة التدقيق في المشروعات الاستثمارية للمساعدة على رفع كفاءتها: وسيتطلب هذا زيادة شفافية المشروعات الاستثمارية في سياق عملية الميزانية وعبر مراحل دورة المشروع )من حيث الاحصاءات المتعلقة بمعلومات التقييم وإجراءات المشتريات التنافسية وتقديم العطاءات، على سبيل المثال).
وبالتالي، تعديل إطار إدارة الاستثمارات العامة للمساعدة على رفع إنتاجيتها: يشير التحليل إلى أن وجود أطر أقوى للميزانية على المدى المتوسط – أي مزيد من الدقة في تقييم واختيار المشروعات الاستثمارية وإجراء تقييمات لاحقة منتظمة – يمكن أن يساعد في زيادة إنتاجية الاستثمار العام.
و يتضح دور المؤسسات السليمة في استعراض مختار لنظم إدارة الاستثمارات العامة في بلدان تتشابه فيما تواجهه من تحديات عند إدارة الاستثمار العام وتتسم بوفرة الايرادات المتعلقة بالسلع الأولية.
وتستخدم الدراسة النرويج – وهي بلد غني بالموارد الطبيعية حقق نجاحا نسبيا في نتائج برامجه المعنية بالبنية التحتية – كمثال لكيفية مساهمة جودة المؤسسات في تعزيز كفاءة الاستثمار العام. وعلى وجه الخصوص، يمكن أن تساعد الادارة الفنية للمشروعات إلى جانب المراجعات المستقلة لحساب التكاليف في الحد من التأثير السياسي على قرارات الاستثمار وتقليل الخلافات المتعلقة بعدم كفاءة استخدام الأموال العامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.