
وبعد سنوات من الركود عاصرها المشهد الإعلاني في الكويت نتيجة للأزمة المالية العالمية التي دفعت كبرى وصغرى الشركات إلى تخفيض ميزانيتها السنوية الخاصة بالإنفاق الإعلاني، يؤكد مراقبون للسوق أن عام 2024 كان عام عودة الإعلانات إلى نشاطها.
وبالأرقام، بلغ حجم سوق الإعلانات في الكويت 214 مليون دينار كويتي بين الفترة الممتدة من يناير إلى أكتوبر 2024، بينما بلغ حجم السوق في العام الماضي 261 مليون دينار. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هذه الأرقام تتحدث عن إعلانات الصحف والتلفزيون والراديو، وإعلانات الطرقات والمجلات، تستثنى منها الإعلانات الإلكترونية التي لا يمكن حصرها واحتساب حجم الإنفاق عليها بشكل دقيق حتى اليوم.
وللعام الثاني على التوالي، تصدر قطاع المطاعم قائمة أكثر القطاعات إنفاقاً في سوق الإعلانات بإجمالي 20.9 مليون دينار عن الفترة المذكورة سابقاً من عام 2024، بينما حلّ قطاع السيارات في المرتبة الثانية بإجمالي 19.3 مليون دينار يليه قطاع الاتصالات 16.5 مليون دينار والمطبوعات والإعلانات المبوبة 14.2 مليون دينار وفي المرتبة الخامسة القطاع المصرفي بإجمالي 9.6 ملايين دينار.
وتشير الأرقام التي حصلت عليها القبس من وكالات الدعاية والإعلان إلى أن القطاع المصرفي انضم من جديد إلى قائمة أكبر خمسة قطاعات معلنة في الكويت، بعد أن كان خارجها في العام الماضي، محتلاً بذلك مكانة القطاع الصحي في سوق الإعلانات. وأحرز قطاع الاتصالات تقدماً في الترتيب من الرابع إلى الثالث. وقطاع السيارات من الثالث إلى الثاني بالمقارنة مع أرقام عام 2024.
وعن توجهات سوق الإعلانات، تقول رئيس قسم إدارة حسابات العملاء في شركة رعد وأفيوني للدعاية والإعلان ماجدة بصبوص إن الميزانية التي تخصصها الشركات لإعلاناتها السنوية قد شهدت ارتفاعاً في عام 2024، بعد سنوات من التراجع نتيجة للأزمة المالية العالمية، واصفة عام 2024 ببصيص الأمل لقطاع الإعلانات.
وعن التوجه المحلي، قالت: «هناك مزيد من التوجه نحو الإعلانات التلفزيونية والإعلانات الإلكترونية، رغم أن السوق ما زال دون المستوى المطلوب بالمقارنة مع الأسواق الخارجية، لغياب المعرفة الكافية بهذين الجانبين من قبل المعلن والمستهلك على حد سواء».
واعتبرت بصبوص أن السوق الكويتي ما زال بعيداً بنحو 6 سنوات في الجانبين السابق ذكرهما عن الأسواق العالمية، إذ إن المعلن في الكويت يقوم بقولبة إعلاناته التقليدية إن كانت صحفاً أو تلفزيوناً، ويستخدمها على مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الالكترونية».
وأشارت بصبوص إلى أن العملية يجب أن تتم بشكل مختلف عن ذلك، فهناك حملات إعلانية خاصة يتم إعدادها لمواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية لتفي بالغرض وتحقق الأهداف المرجوة منها، كما يجب أن تسير بالتوازي مع الحملات الإعلانية الأخرى التي يقوم بها المعلن. وهذا التوجه ما زال خجولاً في السوق الكويتي.
وترى بصبوص أن الشركات اليوم قد رفعت من حصة الإعلانات الإلكترونية، ولكن ذلك لم يؤثر على نصيب الوسائل الإعلامية الأخرى مثل الصحف والمجلات والتلفزيونات والراديو، لغياب إعلانات الطرقات خلال عامي 2024 و2014 عن العاصمة ومحافظة حولي.وتشير بصبوص إلى أن التوجه خلال عام 2024 كان نحو محطات التلفزه التي باتت برامجها أكثر استقطابا للمشاهدين وبالتالي المعلنين، مما دفع إعلانات التلفزيون إلى النمو. مؤكدة أن الصحف لا تزال تستأثر بالحصة الأكبر من الإعلانات رغم بعض التراجع الذي شهدته، فيما يأتي التلفزيون ثانيا والراديو ثالثا. متوقعة نمو الإعلانات الإلكترونية خلال السنوات المقبلة لأن هامش النمو لا يزال كبيرا في الوقت الذي تمثل فيه اليوم قرابة 12 في المئة من ميزانية الإعلانات لدى الشركات.
وبالمقارنة مع الأسواق المجاورة، فإن سوق إعلانات دبي هو أكثر نضوجا وأكبر حجما من الكويت في جانب الإعلانات الإلكترونية، كون دبي باتت مركزا ماليا وتجاريا، وتختارها أغلب الشركات العالمية كمركز رئيسي لأعمالها في المنطقة، وبالتالي فإن ميزانية أفرع الشركات الأجنبية في كل الدول العربية تأتي من الفرع الرئيسي أو الإقليمي في دبي.
وتؤكد بصبوص أن توجهات المعلنين مرتبطة بالمنتج فإذا كان منتجاً شبابياً لا بد من أن تكون الحملة إلكترونية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. في الوقت الذي تحتاج فيه منتجات أخرى الى الصحف وغيرها للتلفزيون أو الراديو أو مجتمعة.
وبالعودة إلى لغة الأرقام، استحوذ التلفزيون من يناير حتى أكتوبر 2024 على 51 في المئة من إعلانات المطاعم فيما الصحف على 38 في المئة منها، بينما لم تتعد إعلانات المطاعم في المجلات والراديو نسبة 2 في المئة على التوالي.
أما قطاع السيارات، فقد كان نصيب الصحف هو الأكبر من إعلاناتها بنسبة 70 في المئة والتلفزيون 21 في المئة وإعلانات الطرق 3 في المئة والمجلات والراديو 1 في المئة على التوالي.
وأنفقت شركات الإتصالات خلال الفترة المذكورة سابقا 46 في المئة من ميزانية إعلاناتها على التلفزيون خلال الفترة ذاتها فيما 23 في المئة على الصحف و%25 إعلانات طرقات و5 في المئة على الراديو.
وبالنسبة للقطاع المصرفي، فقد أنفق 47 في المئة من الميزانية الإعلانية على إعلانات التلفزيون و41 في المئة على الصحف و6 في المئة على إعلانات الطرق و3 في المئة على المجلات و2 في المئة على الراديو.
وفي السياق ذاته، يتحدث المدير الإداري لشركة بلو لو للدعاية والإعلان سامي حنا عن سوق الإعلانات في الكويت، مشيرا إلى أن عام 2024 كان بداية انطلاق الإعلانات الإلكترونية، التي باتت تستحوذ على حصة اليوم بعد أربع سنوات من الميزانية الإعلانية السنوية للشركات، خصوصا أن 90 في المئة من سكان الكويت يستخدمون اليوم الانترنت، ودفعت الهواتف الذكية بدورها نمو التوجه نحو الإعلانات الالكترونية التي تصل إلى الجمهور بطريقة أسرع.
وعن التوجه نحو الإعلانات الالكترونية يقول:«تستغرق الحملات الإعلانية التقليدية أسابيع أو شهورا للانتهاء من تصميمها وتنفيذها. فالإعلان الفاشل يكلف الكثير وإجراء التصحيحات اللازمة يتطلب عملية مرهقة تتمثل حرفيا في العودة إلى نقطة البداية، إلا أن شبكة الإنترنت أحدثت ثورة حقيقية في مجال الإعلان، حيث يمكنك تغيير صورة من الصور في غضون دقائق، أو حتى إلغاء صفحة على الإنترنت وإحلال أخرى محلها. كما يمكنك تغيير الصفحة الرئيسية كل أسبوع، وعن طريق الإنترنت يمكنك اختبار البدائل من خلال تجارب متعددة، لذا باتت الشركات العالمية والمحلية تتوجه بشكل كبير للإعلانات الالكترونية التي طرحت نفسها كمنافس شرس للإعلانات التقليدية».
وعن توقعاته للعام المقبل يقول: «من المؤكد أن الإعلانات الالكترونية ستشهد نموا في العام المقبل، وكذلك إعلانات الطرق بعد عودتها في العام المقبل عن التوقع».
وأشار حنا إلى أن لكل وسيلة إعلانية أهميتها، ويختلف استخدامها بناء على المنتج والجمهور الذي يتوجه إليه هذا المنتج لإيصال الرسالة المطلوبة، وبالتالي فإن دور شركات الدعاية والإعلان يصب في اختيار الوسيلة المناسبة للعميل لتفي بالغرض، قد تكون تارة الصحف وتارة أخرى الوسائل الالكترونية.
وبالحديث عن توجه السوق قال: «المنافسة في سوق الإعلانات اليوم تغيرت، ففي السابق كانت على الخدمة المقدمة، أما اليوم فبات السعر والخصم الذي يحصل عليه العميل هو الأساس. مشيرا الى أن سوق الإعلانات في دبي كحجم وتطور هو أبعد بكثير مما هو في الكويت، لأن أغلب الشركات المتواجدة هناك أجنبية ولا ترضى سوى بمعايير معينة في إعلاناتها، وخطتها الإعلانية مدروسة بشكل متكامل».
مقارنة مع دبي
يذكر أن حجم سوق الإعلانات في دبي قد بلغ 4.4 مليارات درهم أي ما يعادل 349 مليون دينار في عام 2024، بينما بلغ في الكويت 261 مليون دينار في العام ذاته. وواصلت إعلانات الصحف سيطرتها على المشهد الإعلاني في الدولة عام 2024، حيث بلغت حصتها نحو 54,5 في المئة بقيمة 2.4 مليار درهم، وجاءت الإعلانات الخارجية في المرتبة الثانية بإنفاق قدره 653 مليون درهم وبحصة لا تتجاوز 15 في المئة من إجمالي حجم الإنفاق الإعلاني بالدولة ثم المجلات في المرتبة الثالثة بنسبة 13.6في المئة وبقيمة إعلانات 598 مليون درهم تلتها إعلانات التليفزيون بقيمة إنفاق 499 مليون درهم بحصة بلغت 11 في المئة، وسجلت إعلانات الراديو في الدولة إنفاقاً قدره 132 مليون درهم.
نوم في العسل
أكدت مصادر قطاع الإعلان ان وسائل الإعلام التقليدية، لاسيما الصحف منها لم تعِ بعد خطورة القادم من الإعلام الالكتروني، فالمستقبل مختلف تماما فيما البعض «ينام في العسل».