استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
السلام عليكم…
منذ عدة سنوات وأنا أعاني من مشكلة الاضطراب والقلق النفسي، مع أنني -والحمد لله- مداومة على ذكر الله، ولكن دائماً أفكر وأخاف وأهتم أن يرضى الناس كلهم، وإذا شعرت أن أحدهم ليس راضياً عني يصيبني قلق شديد.
كنا أنا وأختي لا نجد الاهتمام والحنان من والدتنا، لهذا أختي الكبرى تذمرت، وبدأت تتصرف بطيش، وتريد أن أكون معها، فقد كانت تصادق الشباب، وأتذكر عندما كنا صغاراً، تحرشت بجسمي مرة أو مرتين، وكانت تحرضني على ترك الصلاة، وجعلتني أكره أهلي، وعندما تزوجت هي وأنا كنت مراهقة، كانت تخون زوجها، وكنت أعلم بكل قصصها، وإحدى المرات أخذتني معها لبيت مشبوه مع صديقها، وكان يوجد شاباً وقد تحرش بي، ولكن الله سترني حيث لم يعتدي علي.
والله كنت لا أفهم شيئاً، وكنت تحت تأثير أفكارها، وعندما شعرت بالإهمال الشديد في بيت أهلي، أحببت أحد أقاربي، وكانت العلاقة من خلال الهاتف فقط، إلى أن رزقني الله بزوج صالح في عمر 15 عاماً، كنت صغيرة، ولكن كنت أحتاج لحنان، فقبلت بالزواج لكي أشعر بالاهتمام والحنان.
بداية زواجي وبسبب مشكلة صغيرة مع زوجي حاولت الانتحار، هو طيب كثيراً، ويحبني، ومتفهم لصغر سني، ولكنني تعذبت مع أهله، ورزقني الله بطفل مصاب بالتوحد، هاجرنا لبريطانيا لقصد دراسة زوجي.
الآن وبعد سنتين في بريطانيا بدأت معي معاناة الشعور بالوحدة، أنا الآن حامل، وأصبت بكآبة شديدة، فقدت الثقه بكل الناس، وأشعر أن الكل يكرهني، واضطررت لمقاطعة أختي لأنني مللت منها، لأنها لا زالت تقيم علاقات محرمة، وأنا أخاف منها أو من نصيحتها.
وأنا أيضا مصابة بالقليل من المازوكية إن كانت في العلاقة مع زوجي أو في حياتي، ودائماً أشاهد مقاطع لتعنيف النساء، أرجوكم ساعدوني للتخلص منها، لأنني كرهت نفسي، حيث لا أشعر بالمتعة إلا بعد الشعور بالألم.
ونقطة أخرى بخصوص مقاطعة أختي، هل الأفضل أن أتركها هذه الفترة؟ لأنني كما ذكرت لكم أخاف منها، وبنفس الوقت مجبورة على سماع قصصها الغرامية، وهي لا زالت تكره أهلي وتغتابهم وتسبهم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شمس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا أعتقد أن المأزق النفسي الرئيسي الذي تواجهينه الآن، هو الحديث النفسي عن أمور حدثت في حياتك، صعوبات من حيث التنشئة، وبعد ذلك أكرمكم الله -تعالى- بالزواج، ولكن لم تستفيدي من ذلك كثيراً، حيث أن مشاعر المازوكية التي تحدثتي عنها لا شك أنها أمر معيب جداً، وفي ذات الوقت موضوع أختك وقصصها الغرامية التي تذكرها لك.
الذي أقصده أنك تواجهين ما نسميه بازدواجية التوجه من حيث التفكير، الخير والشر يتصارعان فيك، والذي أرجوه منك هو أن تجلسي مع نفسك وتراجعي وتغيري الأمور بصورة أفضل مما هي عليه الآن.
بالنسبة لأختك يجب أن تحذريها تحذيراً تاماً، أن لا تتحدث معك أبداً في موضوع ممارساتها المحرمة، لا أحد يدعو إلى قطع صلة الرحم، لكن يجب أن تكوني حازمة وصارمة معها في هذا السياق، الذي أخاف أنه وبصورة شعورية أو لاشعورية، لديك درجة من قبول سماع هذه القصص الغرامية، وهذا نشاهده في علم السلوك الإنساني.
الحزم والحسم والقوة في عدم سماع ما تقوله، اقفلي الخط مباشرةً، كوني معنفة لها حين تتحدث حول هذه المواضيع، ووضحي لها أن الصلة الوحيدة بينك وبينها هي أنك لا تريدين قطع صلة الرحم.
وبالنسبة لمشاعر المازوكية: يجب أن تعنفي نفسك حيالها، لا تستمتعي بالجنس من خلال تعنيف النساء ومشاهدتك لمقاطع التعنيف للنساء، هذا هو الرابط الأساسي، وهذا أمر مخزي جداً، ارتقي بنفسك وارتفعي بها، السمو هنا مطلوب.
أنا اعتقد أنك إذا صححتي هذه الأخطاء في حياتك، ونظرتي للماضي بصورة صحيحة، واستفدتي منه كعبرة، وعشتي حياتك الآن بقوة، ودعمتي نفسك بتقوى الله في كل شيء، وفرقتي بين الحلال والحرام، ونظرتي إلى المستقبل بأمل ورجاء، واعتنيتي بزوجك، وأدرتي وقتك بصورة صحيحة، أعتقد أن مزاجك سوف يكون أفضل بكثير، ومن أجمل الأشياء في الدنيا أن ينتصر الإنسان على هفواته وشهواته وإخفاقاته.
لا أعتقد أنك بحاجة لعلاج دوائي، الذي تحتاجينه هو تعديل المسار، والذي يؤدي إلى تعديل المزاج، كوني هادئة الآن في فترة الحمل، أعيني زوجك في دراسته.
وبالنسبة للطفل الذي يعاني من متلازمة التوحد أو الازدواجية: توجد مراكز ممتازة في بريطانيا لعلاج مثل هذه الحالات، ويمكنكم أن تستفيدوا من هذا الوضع.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.
—————————————-
انتهت إجابة: د. محمد عبدالعليم – استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-،
تليها إجابة: الشيخ موافي عزب – مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
—————————————
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فالذي يبدو منها أن ظروف التربية في الأسرة التي نشأت فيها ألقت بظلالها على مكوّناتك وعلى تفكيرك وعلى اعتقاداتك وتصوراتك، وذلك ترتب عليها هذه المعاناة التي تعانين منها، وهذا أمر مما لا شك فيه أمر مزعج، ولكن علاجه رغم الصعوبة بالإمكان، ولقد مَنَّ الله -تبارك وتعالى- عليك بأن وفقك لطاعته ورضاه والمداومة على ذكره، ثم أضاف إلى إكرامه لك إكرامًا آخر وهو أن مَنَّ الله عليك بالزواج وأنت في سن مبكرة وقبل أن تقترفي المعاصي التي كانت تدفعك إليها أختك وتحثك عليها، بل واصطحبتك لبعضها كما ذكرت في يوم من الأيام.
فأنت قد أكرمك الله -تبارك وتعالى- بنعم عظيمة يتعين عليك أن تحميدينها وأن تشكري الله -تبارك وتعالى- عليها، ومن أعظم شكر الله -عز وجل- دوام طاعته والبُعد عن معاصيه، ولذلك أنصحك – ابنتي الكريمة شمس – بمواصلة ما أنت عليه من طاعات وعبادة، لأن هذه الطاعة وتلك العبادة مما لا شك فيه خفضت كثيرًا من وضعك، فلولا هذه العبادات التي تقومين بها، ولولا العلاقة الحسنة مع الله -تبارك وتعالى- لكان وضعك أسوأ بكثير مما أنت عليه.
وعليك – بارك الله فيك – فيما يتعلق بحياتك مع زوجك أن تتجنبي مقاطع العنف مع النساء، لأن العنف يقسي القلب، ويُغضب الرب، ويؤدي إلى نفور الإنسان من الأخلاق الإسلامية الحسنة، وعليك بالعمل بنصيحة الأخ المستشار النفسي، لأنها مفيدة لك ورائعة.
وفيما يتعلق بأختك أتمنى فعلاً أن تبيِّني لها بحزم وبشدة أنك لست على استعداد أن تنجرفي ورائها، بل ولا أن تستمعي لمغامراتها المحرمة، لأنك لست في حاجة إليه، وقد يؤثر عليك، ولذلك نهى علماء السنة عن مناظرة أو الاستماع إلى أهل البدع والمعاصي، والله -تبارك وتعالى- أخبرنا بقوله: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره} وقال جل وعلا: {وأعرض عن الجاهلين}، ووصف عباده المؤمنين قائلاً: {والذين هم عن اللغو معرضون} وأختك يقينًا تدفعك إلى اللهو وتدفعك إلى المعاصي، فينبغي عليك أن توضحي لها موقفك وأنك لست على الاستعداد للاستماع إلى أي شيء مما يتعلق بهذه المغامرات المحرمة، وتعاوني معها على البر، واجتهدي في نصحها، وذكّريها بما ينبغي أن تكون عليه المرأة المسلمة، لعل وعسى أن تستقيم وأن تهتدي، وأن تكون هدايتها في صحائف حسناتك -بإذنِ الله تعالى-.
الذي أحب أن أركز لك عليه – ابنتِي شمس – العلاقة مع الله -تبارك وتعالى-، ولدك الذي أُصيب بالتوحُّد: هذا ابتلاء من الله -تبارك وتعالى-، ومما لا شك فيه أن هناك وسائل لعلاج التوحد الآن بصورة أو بأخرى، فعليك بالأخذ بالأسباب، وأوصيك بالإحسان إلى زوجك وإكرامه، فهو رجل يُحبك ويراعي ظروف سنك، وهذه نعمة أيضًا عظيمة منَّ الله -تبارك وتعالى- عليك، فأنا أرى رغم شدة البلاء الذي تعيشينه إلا أن هناك رحمات، وهناك عطايا ربَّانية عظيمة تغمرك من رأسك إلى قدمك، فعليك – بارك الله فيك – بالمحافظة على علاقة جيدة جدًّا مع الله -تبارك وتعالى-، وعليك بتحديد علاقتك مع أختك بأي صورة من الصور، ويجوز هجر العاصي – كما ذكر أهل العلم – فإن لم تجدي سبيلاً إلا ترك الكلام معها فلا مانع من ذلك شرعًا، فإن الهجر بسبب المعاصي جائز، حتى تستقيم، وحتى تعود إلى رُشدها وصوابها.
وفيما يتعلق بزوجك: أوصيك به خيرًا، وعليك بإكرامه والإحسان إليه، وشكره أيضًا عمليًّا على حُسن صبره عليك ومراعاة ظروفك السِّيئة، وعليك بالصبر على ولدك والاجتهاد في علاجه، والدعاء له، والإلحاح على الله أن يشفيه، واعلمي أن الله على كل شيء قدير، وأتمنى أن تُكثري من قراءة القرآن، والصلاة على النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – بنيَّة إصلاح حالك وشفاء ولدك، وأبشري بفرج من الله قريب.
منقووووووووووول