دعا مدير المركز الإعلامي الناطق الرسمي باسم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي موسى الصبيحي كافة شرائح المجتمع الأردني إلى الاطلاع على قانون الضمان الاجتماعي الجديد رقم (1) لسنة 2024، والتعرّف على حقوقهم والتزاماتهم في هذا القانون، مشيراً أن الضمان أصبح حقاً لكل مشتغل على أرض المملكة، بل تعدّى ذلك إلى إتاحة الفرصة لكل أردني غير مشتغل أو إذا كان عاملاً خارج المملكة للاشتراك بصفة اختيارية بالضمان وذلك من باب تمكين المواطن وحمايته اجتماعياً واقتصادياً. وأضاف خلال محاضرة نظّمها مدونة البقعة الثقافي، وأدارها رئيس المدونة شاهر النصيرات وأمين سر المدونة فايق الخرابشة، بأن نظام الضمان الاجتماعي هو الأداة الأكثر فاعلية لتوفير أمن الدخل للمواطن وتجنيبه للفقر، وتحقيق المساواة والاندماج الاجتماعي، ودعم الانتاجية وجهود التنمية الاقتصادية؛ مما يتطلب دعم هذا النظام وضمان استدامته مالياً واجتماعياً، موضحاً أن جوهر رسالة الضمان هو الحماية من خلال تأمين دخل معين للفرد يحل محل الكسب عندما ينقطع بسبب المرض، أو الإصابة، أو الشيخوخة، أو الوفاة، أو البطالة، وهذا مرتبط بصيانة النظام الاقتصادي باعتبار أن تأمين مقدار محدد من الدخل لكل إنسان يعني الحيلولة دون انخفاض قدرته الشرائية عن مستوى معين، وبالتالي؛ الحفاظ على وتيرة الإنفاق ومستويات معيشة كريمة للإنسان، مدلّلاً أن قانون الضمان يتميّز عن غيره من الأنظمة التقاعدية الأخرى في المملكة بأنه يحافظ على القوة الشرائية لرواتب التقاعد ورواتب الاعتلال من خلال ربطها سنوياً بالتضخم.. وأوضح أن توسيع قاعدة المشمولين بمظلة الضمان ينسجم مع أهداف الدولة بحماية مواطنيها، وتوسيع الطبقة الوسطى وتمكينها، مؤكداً أن انخفاض مشاركة المرأة الأردنية في الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة، وتوسّع شريحة العمالة غير النظامية والعمالة غير الشرعية يؤثر سلباً على معدلات التغطية بالضمان، وبالتالي يؤثر على مستوى الحماية المقدّمة للمواطن. وأضاف الصبيحي إن الضمان يغطي الآن كافة العاملين في المنشآت بصرف النظر عن عدد العاملين في أي منشأة، مؤكداً أن لذلك انعكاسات إيجابية كبيرة على العاملين وسوق العمل، منها؛ تأمين الحماية للعاملين في قطاعات العمل الصغيرة الذين تصل نسبتهم إلى ثلث عدد العاملين في المملكة، وتأمينهم وأسرهم بالرواتب التقاعدية عندما يكملون مدد الاشتراك المطلوبة، أو عندما يتعرضون لمخاطر العجز والمرض وحوادث العمل والوفاة، وبالتالي؛ فإن الضمان يؤدي دوراً مهماً في تخفيف الضغوط على القطاع العام، من خلال توجيه العمالة الوطنية لفرص العمل في القطاع الخاص، وتعزيز الاستقرار في سوق العمل، ولا سيما في القطاعات الصغيرة التي تعاني من تدنٍ في مستوى التنظيم، وتقلب دائم في حركة العمالة فيها ، حيث سيساهم الشمول بالضمان في بث الطمأنينة في نفوس العاملين، وبالتالي؛ سيدفع إلى مزيد من الاستقرار في سوق العمل، الذي لطالما عانى من تذبذب دائم وتقلب مستمر في العمالة. وأشار إنه في ظل الأزمات المالية والاقتصادية تقل قدرات الأفراد على مواجهة المخاطر الاجتماعية والاقتصادية نتيجة الضغوط على سوق العمل مما ينتج عنه خلل في توزيع مكتسبات التنمية وخلل في العدالة الاجتماعية وخلل في التوزيع بين الرجل والمرأة، مما يستدعي دور الضمان الاجتماعي الذي يعمل في ظـل هـذه الأوضـاع كمثبّـت اقتصـادي اجتماعـي (Socio- Economic Stabilizer) يقي الشرائح المجتمعية الأقل حظّاً من الانزلاق إلى دوائر الفقر ويحافظ على تماسكها واستقرارها، مؤكداً بأن من أهم مسؤوليات الدولة توفير غطاء حماية اجتماعية مُحْكم، وضمان الحقوق العمالية كاملة، بما فيها الحق في الضمان الاجتماعي، فيما يكمن دور المواطن في العمل والإنتاج، مبيناً أن نظم الضمان الاجتماعي هي بمثابة مصدّات للفقر، حيث تسهم الرواتب التقاعدية بشكل عام في خفض معدلات الفقر في الأردن، إذْ سترتفع نسبة الفقر في الأردن من (14.4%) إلى (21.6%) في حال استثنينا الدخل التقاعدي من الدخول الجارية للأفراد، وفقاً لدراسة قامت بإعدادها مؤسسة الضمان الاجتماعي. وتطرق إلى أبرز ثلاثة تحديات تواجه نظم الضمان الاجتماعي، والتي تتمثل بالتغطية (الشمولية الاجتماعية)، والملاءمة (كفاية المنافع والتوازن)، والاستدامة المالية (تمويل المنافع واستمراريتها). وأكّد الصبيحي أن قانون الضمان الجديد تضمّن عدداً من التعديلات التي راعت مصلحة المؤمن عليهم ومصلحة المؤسسة بما يحقق لها التوازن المالي، ويضمن استمراريتها في تحقيق رسالتها نحو ضمان اجتماعي شامل للجميع، يسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة. وأضاف الصبيحي أن قانون الضمان الجديد الذي بدأت المؤسسة بتطبيقه في 1/3/2014 لم يكن نتاج مؤسسة الضمان الاجتماعي وحدها، وإنما نتاج حوار ومناقشات مستفيضة احتضنها البرلمان، وشارك فيها ممثلو العمال، وأصحاب العمل، والحكومة، ومؤسسة الضمان، وخبراء اقتصاديون، مؤكداً أن لدينا الثقة الكاملة بأن هذا القانون سيحظى بقبول واسع في المجتمع، بما أتسم به من توافقية عالية وتوازن، وهذا ما يمنحه قوة، ويعطي مؤسسة الضمان أريحية عالية في تطبيقه. وتطرّق الصبيحي للحديث حول أهم التعديلات التأمينية التي تضمّنها قانون الضمان الجديد، والتي تتمثل بتوسيع الشريحة المستثناة من (30) ألف مشترك إلى (84) ألف مشترك، حيث ستُحتسب رواتبهم التقاعدية عندما يتقاعدون وفق معادلة مقاربة لمعادلة الاحتساب في قانون الضمان لسنة 2001، وهي أسخى حسبة تقاعدية، ورفع علاوة الإعالة من (20%) إلى (24%) عن ثلاثة معالين، حيث كانت في القانون المؤقت السابق تتراوح ما بين (20) ديناراً إلى (100) دينار، فأصبحت تتراوح ما بين (30) ديناراً إلى (150) ديناراً. وتشمل رواتب الشيخوخة والمبكر، وكذلك؛ رفع نصيب الوالدين عن ابنهم المتوفّى من الثلث لأحدهما أو كليهما إلى ثلاثة أرباع الراتب المستحق في حال لم يكن هناك ورثة مستحقون آخرون، والعودة إلى معامل منفعة (2.5%) بدلاً من (1.87%) لمتقاعدي المبكر عند سن الـ(45) سنة، مع خصم يبدأ من (20%) عند هذه السن، إضافة إلى السماح للمتقاعد المبكر الأردني بالجمع بين جزء من راتبه التقاعدي (يتراوح ما بين 45% إلى 85%) مع أجره من العمل في حال عودته إلى سوق العمل. ومن التعديلات الجديدة أيضاً السماح لصاحب راتب اعتلال العجز الجزئي الطبيعي الدائم الذي يعود إلى سوق العمل بأن يجمع ما نسبته 50% من هذا الراتب مع أجره من العمل (وقد كان في القانون المؤقت السابق لا يجمع سوى نصف الحد الأدنى لراتب التقاعد، أي 25 ديناراً فقط مع أجره من العمل)، والسماح للأرملة المتقاعدة أو التي تعمل بالجمع بين راتبها التقاعدي أو أجرها من العمل ونصيبها كاملاً الذي يؤول إليها من زوجها المتوفّى، كما أصبح حق الحصول على بدل إجازة الأمومة للمشتركات بالضمان، غير محدد بعدد معين من الولادات حيث كان القانون السابق يحصر هذا الحق بأربع ولادات فقط، كما تم تخفيض مدة الاشتراك السابقة على إجازة الأمومة مباشرةً من 9 أشهر متصلة إلى 6 أشهر متصلة، وذلك لتمكين المرأة المؤمن عليها من الاستفادة من بدل إجازة الأمومة من الضمان، إضافة إلى ربط رواتب التقاعد ورواتب الاعتلال بالتضخم سنوياً للحفاظ على قوتها الشرائية. كما تم وضع سقف للأجر الخاضع لاقتطاعات الضمان (رواتب الاشتراك)، وتحديده بـ (3) آلاف دينار، مع ربطه بالتضخم سنوياً؛ وذلك للحد من أية رواتب تقاعدية عالية مستقبلاً، ولتحقيق مزيد من العدالة بين المشتركين للاستفادة من منافع الضمان بتوازن، وبما يحقق اعتبارات الكفاية الاجتماعية. وأوضح أن هناك (69) ألف متقاعد مبكر من حوالي (159) ألف متقاعد، حيث تبلغ نسبة المتقاعدين مبكراً إلى إجمالي أعداد المتقاعدين (43%)، مشيراً إلى أن المتوسط العام للعمر عند التقاعد لكافة المتقاعدين من مختلف أنواع الرواتب التقاعدية بلغ (52) عاماً، فيما بلغ متوسط العمر لمتقاعدي المبكر ‘عند تقاعدهم’ (50) عاماً، مبيّناً أن هناك (22) ألف متقاعدة من الإناث (53%) منهن تقاعدن مبكّراً، و(4241) متقاعداً غير أردني، مؤكدّاً أن كلفة النظام التأميني للضمان سترتفع بنسب كبيرة جداً إذا استمر الإقبال على التقاعد المبكّر بهذه الكثافة، مما سيؤدي إلى استنزاف حقيقي للمركز المالي للضمان، حيث زادت فاتورة الرواتب التقاعدية لشهر أيار الماضي على 54 مليون دينار منها 30 مليوناً للمبكر و18 مليوناً للشيخوخة، محذّراً من أن للتقاعد المبكر تأثيرات سلبية على سوق العمل، من خلال تشجيع القوى العاملة على الخروج من سوق العمل بالرغم من امتلاكها خبرات واسعة متراكمة، وتنخفض الرواتب التقاعدية وفق التقاعد المبكر بسبب خروج أصحابها من سوق العمل بسنوات خدمة ورواتب خاضعة أقل مقارنة باستمرارهم بالعمل لفترات أطول؛ لأن مقدار الراتب التقاعدي يعتمد على عدد سنوات الخدمة والأجر الخاضع للضمان، كما يؤثر التقاعد المبكر سلباً على المركز المالي للضمان، من خلال حرمان الصندوق من اشتراكات كانت ستتدفق إليه لو استمرت القوى العاملة في سوق العمل، وتخصيص رواتب تقاعدية في سن مبكرة، لذا؛ فإن التقاعد المبكر ضارٌّ بالاقتصاد، ويؤثر سلباً على القوى العاملة وديمومة الضمان. وأكّد أن الضمان الاجتماعي الشامل هو ما تسعى إليه مؤسسة الضمان، وأن المؤسسة ستواجه كافة حالات التهرب من الشمول بقوة القانون ووعي الانسان العامل ،لا سيما أن لدينا حالياً مليون و(74) ألف مشترك فعّال تحت المظلة يمثلون حوالى (70%) من المشتغلين في المملكة، كما يشكّلون (61%) من قوة العمل (مشتغلين ومتعطّلين)، مشيراً إلى أن تدني نسبة المشتغلين في المملكة البالغ عددهم مليون ونصف المليون انسان عامل يعيق قدرات مؤسسة الضمان على توفير فرص الحماية الاجتماعية، حيث لا تزيد نسبة المشتغلين إلى مجموع السكان في سن العمل عن (33%) فقط وهي من أقل النسب على مستوى العالم داعياً إلى ضرورة انتهاج آليات فعّالة لدعم التنسيق بين سياسات الضمان وسياسات التشغيل. وبيّن أن كل تشريعات الضمان وإصلاحاته تتطلّع إلى تحقيق هدفين أساسيّين؛ يتمثل أولهما بتعزيز حماية الإنسان، ويتمثل ثانيهما بضمان ديمومة النظام التأميني، وأن كفاءة النظام التأميني يعتمد على مدى توازنه ودعمه لفرص العدالة الاجتماعية بين الأجيال.
الضمان : 69 ألف متقاعد مبكر بنسبة (43%) ورفع نسبة الاعالة