إلى هذا الحد ما زال أمله لم يتلاش بعد: فالذين أقصوه عام 2024 في أعقاب الانتفاضة الشعبية هم الذين يُقصَون اليوم بدورهم.
وفي رأي عبد الله صالح أنه الانقلاب الحوثي سيمهد له الطريق للعودة الى الواجهة. لأن الريس السابق يعمل بواسطة أسياد صنعاء الجدد. وهو يستفيد من شبكته الهائلة التي نسجها بين القبائل خلال توليه منصب الرئاسة على مدى 33 عاما. وهي الولاءات التي اكتسبها مقابل حقائب الدولارات والسيارات رباعية الدفع الفاخرة. كما أنه يحتفظ بصلات مع التسلسل الهرمي العسكري السابق. وكان أخوه غير الشقيق قائدا للقوات الجوية، وكان لابنه اليد العليا في الحرس الجمهوري قبل طرده من قبل السلطة الجديدة.
ثم إن صالح يعرف كيف يغذي صورته. وخير دليل على ذلك صورُه التي لا تزال تملأ شوارع العاصمة. أما الدليل الآخر فهو أنه إذا كان القادة الحوثيون يستهجنون الغربيين والطبقة السياسية الحالية "الفاسدة"، فهم يحرصون على عدم إلقاء أي لوم على صالح. لا سيما وأن صالح ينتمي إلى نفس الحركة الدينية الشيعية الزيدية.
.
العريف الصغير
وترى صحية لوبوان في تحليلها أنها مفارقة حقيقية، لأنه في زمن عهدته في الرئاسة ما انفك عبد الله يقمع التمرد الحوثي المقرب من إيران والمتمركز في مرتفعات شمال غرب البلاد. بل وقد أعطى في 2024، الضوء الأخضر لغارات جوية شنتها المملكة العربية السعودية على طول الحدود.
وقد تفنن الضابط السابق في فن إحباط التوقعات. فعند وصوله إلى السلطة في عام 1978، أطلق عليه الغربيون لقب "العريف الصغير". وقد تنبّأت له وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بستة أشهر فقط من الوجوده السياسي. ولكنه بقى ثلاثة عقود على رأس البلاد. وفي خلال حرب الخليج الأولى ساند صدام حسين بلا هوادة. ولكن بعد 11 سبتمبر، صار أقوى حليف لواشنطن. واليوم يلف صالح ويدور ويراوغ. ولا شك أن التدخل العسكري للمملكة العربية السعودية في اليمن بهدف وقف تقدم الحوثيين وإعادة تثبيت الرئيس الحالي هادي سيُعقّد مشاريع عودته. ولكن الريس السابق لا يستسلم أبدًا.