استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
السلام عليكم
أرجو من سيادتكم مساعدتي، حيث إني أعاني من وسواس مستمر، وخوف من حدوث شيء يضر بي، ويمكن تلخيص الأشياء التي أخاف منها في النقاط التالية:
1- الألفاظ المتعلقة بأمور الطلاق، حيث إني متزوج، وينتابني وسواس مستمر عندما أتلفظ بلفظ يمكن أن يُفهم منه الفراق بيني وبين زوجتي، بالرغم من أني لا أنوي ترك زوجتي؛ فأنا أحبها، وعندما أطلب شيئًا من زوجتي عليها فعله، ينتابني وسواس أنها لو لم تفعل هذا الشيء يمكن أن يقع الطلاق.
وبعد ذلك أتوجه للعديد من أهل الفتوى؛ للنظر في حالتي، لدرجة أني أنتقل من شيخٍ لآخر؛ حتى أشعر بارتياحٍ داخليّ من أنه لم يقع الطلاق، ولكن بعد فترة يبحث عقلي عن مشكة جديدة، وأذهب مرة أخرى لأهل الفتوى؛ حتى أحصل على إجابة ترضيني، أشعر معها بارتياح، وهكذا يتكرَّر هذا الفعل باستمرار.
2- أنا أعمل بوظيفة جيدة، وعُرض عليّ عمل أفضل، ولكن ينتابني وسواس أنه في حالة تركي لعملي الأول لن أتمكن من الحصول على الوظيفة الجديدة، وسأصبح بدون عمل، بالرغم من أني نجحت في اجتياز كافة اختبارات الوظيفة الجديدة.
3- عندي وسواس البيانات والورق والعقود في عملي، حيث إني أريد إتمام الورق الخاص بي بشكل تام، وأتأكد أكثر من مرة من التوقيعات الموقعة عليها، وأقوم بعمل عدد كبير من النسخ الاحتياطية؛ خوفًا من ضياع تلك الوثائق.
ذهبت لطبيب المخٍّ والأعصاب، وكتب لي عقارًا اسمه (فافرين) 50 لمدة شهرين، بمعدل حبتين يوميًّا، ولكن بعد حدوث تحسُّن طفيف، ذهبت لدكتور أمراض نفسية، ووصف لي عقارًا آخر اسمه (مودابكس) 50 لمدة ثلاثة أشهر، بمعدل حبة واحدة يوميًا، ولكن لا يوجد تحسُّن.
أطلب علاجًا لحالتي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد كامل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد الكائدين وحقد الحاقدين، وأن يشفيك من هذه الوساوس، وأن يجعلك من صالح المؤمنين.
وبخصوص ما ورد برسالتك –أخي الكريم الفاضل–، فالذي يبدو منها فعلاً أنك تعاني من هذا الوسواس بصورة قوية وعنيفة، وهذا الوسواس كما ذكر أهل العلم منبعه وأساسه يرجع إلى أمرين:
الأمر الأول: إما أن يكون مصدره نفسي عضوي، بمعنى أن نفسك فيها استعداد لقبول هذه الوساوس لوجود خلل في أشياء معينة في مخ الإنسان، وهذا علاجه –بإذن الله تعالى– أصبح سهلاً ميسورًا عن طريق العقاقير والحبوب التي يصفها أخصائيون في هذا المجال، وكما ذهبت أنت إلى بعض الأخصائيين ووصفوا لك بعض الأدوية، فإنه –إن شاء الله تعالى– سيقوم إخواننا أيضًا بالموقع بمعرفة مدى صلاحية هذه الأدوية الموصوفة لك، وما هو الأنسب والأفضل -بإذن الله تعالى-.
الأمر الثاني: قد يكون سبب هذه الوساوس من الشيطان –لعنه الله–؛ لأن الشيطان يحرص على إفساد علاقة الإنسان بربه وعلاقته بنفسه وعلاقته بمجتمعه، ويحرص على أن يدمّره تدميرًا، ويستخدم في ذلك الوسائل كلها، ويشُنُّ حربًا قذرة على الإنسان؛ حتى يحول بينه وبين الأمن والأمان والاستقرار، أو حُسْن العلاقة مع الله الواحد الأحد، وهذا عن طريق الوساوس؛ لأن الشيطان عادة ما يسلك طريقًا من طريقين:
الطريق الأول: إما أن يكون بالإغراءات والشهوات الظاهرة، كأن يجعل الإنسان مثلاً يشتهي الحرام، من أكل الحرام، أو الكلام الحرام، أو النظر الحرام، أو العلاقات المحرمة، هذه تسمى المعاصي أو الشهوات الظاهرة.
الطريق الثاني: قد يسلك سبيلاً آخر، وهو أخطر وأشد، وهو التأثير على القلب، بمعنى الشبهات التي يُثيرها؛ ليفسد علاقة الإنسان بربه وكذلك علاقته بنفسه وعلاقته بأهله، فالآن قضية الطلاق عندك قضية شرعية، ودائمًا الشيطان يزين لك أو يوسوس لك بأن امرأتك طُلّقت بهذه العبارات، وأن هذه العبارات قد تؤدي إلى الطلاق، إلى غير ذلك، حتى تعيش في دوّامة؛ لأنه يعرف أنك تحب امرأتك, وأنك حريص على تواجدك معها, وأن تكون في حياتك دائمًا، فيستغل هذا الحرص ليضربك في أعز شيء لديك.
كذلك يعلم أنك ناجح في عملك، وأنك متميز، فيحاول أيضًا أن يجعل العمل بدلاً من أن يكون نعمة أن يتحول إلى نقمة، فيما يتعلق بالأوراق والتقارير وتصوير أكثر من نسخة احتياطية، إلى غير ذلك، كل ذلك يدل على أن الشيطان يستعمل معك هذه الحرب القذرة؛ ليؤثر على قلبك ليفسد علاقتك مع نفسك وعلاقتك مع ربك وعلاقتك مع الناس، وبذلك تجد نفسك غير موفق في العمل.
لذا أنا أقول -بارك الله فيك-: ما دمت ترى أن العمل الذي عُرض عليك أفضل وأنك تكتسب خبرات، أرى أن تتوكل على الله وأن تصلي ركعتي استخارة، وأن تنطلق إلى هذا العمل الجديد، ولا تشغل بالك بهذه الوساوس.
كما أنصحك –بارك الله فيك– بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، كذلك المحافظة على أذكار ما بعد الصلوات؛ لأنها مهمة جدًّا، كذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء، كما أنصحك أيضًا بالرقية الشرعية، لعل الأمر أن يكون من باب الشياطين فيصرفه الله -تبارك وتعالى- عنك بالرقية الشرعية، والرقية الشرعية هي أعظم علاج لهذه الوساوس إذا كانت من قِبل الشيطان، ولا مانع أن تكون هناك رقية شرعية وأن يكون هناك علاج دوائي طبي، فلا يوجد هناك نوع من التعارض أصلاً؛ لأن الإسلام -كما تعلم- دين واقعي ودين عملي، ونحن نؤمن بأن هناك أمراضًا عضوية وأمراضًا نفسية، ولا يوجد هناك تعارض أبدًا بين الرقية وبين تعاطي الدواء أو مراجعة الأطباء.
فلا مانع -إن شاء الله تعالى- أن تواصل رحلتك العلاجية، وبجوار ذلك تستعمل الرقية الشرعية، بأن تبحث عن راقٍ متميز يقوم برقيتك، ومن الممكن الاستماع إلى الرقية الشرعية عبر الأشرطة والسيديهات أو عبر الإنترنت، وأنصح بسماع الرقية الشرعية للشيخ/ محمد جبريل –هذا المقرئ المصري– خاصة الرقية الطويلة، اجعلها تعمل في بيتك عن طريق الإنترنت على مدار الساعة؛ لأنها ستطهِّر البيت من أي أثر من آثار الشياطين المعتدين الظالمين، وقد تكون سببًا في استقرارك النفسي بطريقة أنت لا تتوقعها، وقد تكون سببًا أيضًا في تطهير بيتك من أي اعتداء عين أو حسد، أو غير ذلك.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يرد عنك شر الأشرار وكيد الفجار واعتداء المعتدين، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الشيخ موافي عزب، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
وتليها إجابة الدكتور محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان:
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
أخي الكريم، ما عرضته من ثلاث إشكاليات تواجهك هي وساوس قهرية ولا شك في ذلك، وساوس الطلاق وساوس شائعة جدًّا، وبفضل من الله -تعالى- هذا الأمر حسمه العلماء أن الطلاق لا يقع بالصورة التي يتحدث عنها أهل الوساوس.
وبالنسبة للوسواس الثاني: وهي وساوس أن تفقد وظيفتك دون أن تنجح في الحصول على وظيفة أخرى، هذا وسواس يجب أن يُحقّر، وحول هذه الوظيفة أنصحك بالاستخارة، الاستخارة تجعلك تسأل مَن بيده الخير أن يختار لك.
الوسواس الثالث: وهو وسواس التدقُّق، هذا تحسمه حسمًا قاطعًا وتقاوم اندفاعاته، وتقرر وبصورة قاطعة أن تمزِّق كل النسخ الموجودة من الأوراق والعقود، وتترك ثلاث نسخ فقط، قم بهذا الإجراء الآن، سوف تجد تحفُّزا نفسيا داخليا سلبيا كبيرا يمنعك من هذا، لكن بالإصرار على التنفيذ سوف تجد أن الأمر أسهل مما تتصور.
إذًا بصفة عامة الوسواس يتم تحقيره، خاصة وسواس الطلاق، لا تناقشه مع نفسك أبدًا، حين تأتيك هذه الفكرة اجعلها مجسَّمة أمام ناظريك كأنك تراها في لافتة مكتوبة عليها: (هذا وسواس حقير، لن أتّبعه، ولن أهتمّ به)، ومثل بناء هذه الصورة الذهنية الجديدة، واستبدال فكرة الطلاق بها، وُجد أنها ناجحة جدًّا.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي: أؤكد لك أنه مفيد ومفيد جدًّا، وفاعل جدًّا، وكلا الدوائين ممتاز، (الفافرين) وكذلك (المودابكس) –والذي يعرف باسم (سيرترالين)- بما أنك الآن على (المودابكس)، فأنصحك أن ترفع الجرعة إلى حبتين ليلاً، أي تجعلها مائة مليجراما، استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها ثلاث حبات في اليوم –أي مائة وخمسين مليجرامًا– تناول خمسين مليجرامًا صباحًا ومائة مليجراما ليلاً، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة لعلاج الوسواس القهري، استمر على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها حبتين ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا هو العلاج الصحيح وبالطريقة الصحيحة، واستمر على هذا المنوال، وأنا متأكد أنك سوف تتحسّن كثيرًا، ويمكنك أيضًا أن تراجع طبيبك في هذا الخصوص.
من الوسائل الجيدة لاستبدال الوساوس بأفكار أخرى، هو أن يُشغل الإنسان نفسه بواجباته الحياتية، وألا يدع أي مجال للفراغ الذهني أو الفراغ الزمني، فهذا يفيد كثيرًا، ممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء أيضًا ذات قيمة كبيرة جدًّا.
عقار (فافرين) كما ذكرت لك هو جيد، لكن أعتقد أن (المودابكس) سوف يفيدك كثيرًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
منقووووووووووول