سُنَّة الدعاء الجامع
ما أكثر ما يحتاجه العبد من ربه! ولو ظل العبد رافعًا يده إلى الله أبد الدهر ما انتهى من الطلب، فعندنا في الدنيا الكثير من الأمور التي نحتاج فيها توفيقًا من الله سبحانه؛ في عباداتنا، وفي بيوتنا، وأعمالنا، وصحتنا، وأولادنا، وأموالنا، وعلاقاتنا، ومثل ذلك يُقال على أحبابنا، فنحن نتمنَّى لهم الخير في بيوتهم وأعمالهم وكل حياتهم، وأحبابنا فيهم الرحم، وفيهم الأصدقاء، وفيهم الجيران، كما نحب الخير لأمتنا على كافَّة الأصعدة، وفي كل المجالات، وهذا كله في الدنيا، أمَّا حاجتنا في أمور الآخرة فهي أعظم وأكبر، فكربات الآخرة بدءًا من القبر، ومرورًا بالبعث، والساعة، والميزان، والسؤال، والصراط، وانتهاءً بالجنة أو النار، كل ذلك يحتاج إلى دعاء، ولو تدبَّر العبد في أمر نفسه وأهله لوجد أن الكلمات مهما كثرت فإنها لن تفي بالتعبير عن احتياجاته من رب العالمين، ومن هنا جاءت السُّنَّة النبوية المـُنْقِذَة لنا من هذا المأزق، وهي سُنَّة الدعاء بجوامع الكلم، وهي أدعية خاصة دعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشملت كلَّ ما نحتاجه من أمور الدنيا والآخرة، منها ما رواه ابن ماجه -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا».
فلْنحفظ هذا الدعاء الجامع العجيب؛ فقد جمع فأوفى، وحُقَّ لدعاءٍ حَرِصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يُعَلِّمه لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنه أن يكون هكذا!
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].