في مطلع ثمانينيات القرن الماضي نشر " توم بيترز " كتابه الشهير " البحث عن التميز" فكان بداية لممارسات إدارية جديدة نابعة من محاولة الإجابة عن السؤال: لماذا ينجح المديرون؟
في السنوات الأخيرة تكررت ظاهرة فشل القيادة الإدارية. ومن المؤكد أن بعض هؤلاء صفعوا أنفسهم وتحسروا ندماً وتساءل بعضهم: " كيف يمكنني أن أكون بهذا الغباء؟" وذلك بعد أن شاهدهم العالم يسقطون بعدما اتخذوا قرارات غريبة يصعب تبريرها إدارياً ومنطقياً.
بعد عشرين عاماً من كتاب " البحث عن التميز" يجئ الدكتور " سيدني فنكلشتاين" بكتاب بعنوان : " لماذا يفشل المديرون الأذكياء إذ يبدو في الظاهر أن أشهر تفسير لفشل أي مشروع هو اتهام المدير بالغباء وعدم الكفاءة.لكن من المستحيل لغبي أن يرتقي قمة الهرم الإداري ويحقق أي نجاح في المراحل الأولى والمتوسطة من حياته العملية.
لنأخذ مثلاً على ذلك ( آن وانج ) مدير ( وانج لابز ) الذي حصل على دكتوراة من واحدة من أعرق الجامعات العالمية وسجل عدة اختراعات باسمه شخصياً. وصنع شركة تجاوزت قيمتها البليون دولار. فهل يعقل أن يكون هذاالمدير غبياً؟!!
فشل مشروع (وانج) لصناعة حاسبات آلية عملاقة عندما شارف على سن التقاعد وعين ابنه خلفاً له. لقد حاول نقل الثقافة والتقاليد الصينية إلى بيئة الأعمال الأمريكية، ففشل. ولهذا فإن أسباب الفشل لا تعود إلى ضعف قدراته التنفيذية لأنه لم يعمل بهمة ونشاط، أو لافتقاره لسمات القيادة. فهناك قادة كثيرون فشلوا لأن شخصياتهم القوية الطاغية حادت بهم عن جادة الصواب.
فلماذا إذن يفشل الأذكياء؟
هناك أنماط سلوكية مدمرة ينتهجها بعض الناس:
1- عيوب وثقوب في المواقف والنظرة الكلية للأمور تدعو إلى رفض الحقيقة أو عدم تصديقها.
2- انسداد قنوات الاتصال بين الإدارة العليا والمستويات التالية لها، وهي قنوات ضرورية لا سيما في المواقف الطارئة والحرجة.
3- سمات قيادية غير منطقية تمنع إدارة الشركة من تصحيح مسارها عند اللزوم.
4- الافتقار للذكاء العاطفي والنفسي وهو يختلف عن الذكاء الرياضي أو الحسابي.
فأن يكون الإنسان غبياً وينجح، أمر مقبول! وأن يكون الإنسان ذكياً ويفشل أمر مرفوض! وهل هناك فرق يا ترى!؟