مقال حسن عسيري في صحيفة الوطن بعنوان مقاولو تويتر
نشعر جميعا كسعوديين أن "تويتر" مساند ومؤيد قوي لـ"عاصفة الحزم"، وأن الحس الوطني فيه كان عاليا، وهذا إعلان فشل لكل الذين يخططون ويستهدفون بلادنا من خلال "تويتر"، فنحن نعرف جيدا أن هناك من يستيقظ صباحا في مكان ليس بالبعيد عنا، يحتسي قهوته، يرتدي ملابسه وربطه عنقه، ويتوجه إلى عمله بكل نشاط. يفتح هاشتاقا ويبدأ بكتابة مئات التغريدات.
نعم، هذا هو عمله. صناعة الكذب "المكرر" لصالح أجندة ما، فهو مقاول سياسي، يقوم بتشكيل رأي عام ملفق تجاه قضية ما، تراكمها يؤدي إلى جعل الكذب يبدو صدقا! هذا النوع من "البزنس" الجديد أصبح شائعا بين شركات العلاقات العامة التي تعمل في المناطق السوداء، مثل شركات كثيرة تعمل كمقاول عسكري من خلال مجموعة من الجنود المرتزقة، أو شركات الاستشارات السياسية التي يعمل بها رؤساء وزراء سابقون.
المقاولات عموما، ليست كل ما يتعلق بالبناء فقط، هناك مقاولات للهدم أيضا. ولكي تهدم، عليك بزعزعة أساسات البناء عبر أكثر من وسيلة، منها موقع "تويتر" الذي يصدف أن يكون إحدى أدوات التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية في السعودية، إذ يملك 40% من السعوديين حسابات في هذا الموقع، يقومون بضخ 150 مليون تغريدة شهريا.
بين هذا الزحام، يوجد هناك -بحسب إحدى الإحصائيات الأمنية- آلاف الحسابات الوهمية موجهة إلى المقاولات السياسية، وآلاف الحسابات الأخرى تقوم بإعادة نشر تغريدات تلك الحسابات.
خطورة هذه الحسابات تتمثل في إغراق الهاشتاقات بالتغريدات، وإيهام السعوديين بوجود آراء شاذة تمثل صوتا لشريحة من الرأي العام، وهو ما يتسبب في إحجام المغردين عن التغريد بآراء تخالف الرأي السائد "أي ما تم إغراقه".
ولذا ينجح مقاولو "تويتر" في إضعاف إيماننا كسعوديين بخطورة ما يحدث، فيكرر المغرر بهم إعادة تصدير ما يعتقدون أنه رأي عام إلى كل وسائل الاتصال الأخرى وأولها "واتساب". ولكن عندما نخرج أو ننفصل بعقلانية عن العالم الإلكتروني ونرى المشهد الكلي للمحيط السعودي، سنفهم كيف جاء الربيع العربي على محركات "فيسبوك" و"تويتر" وكأنها دبابات العدو. سنفهم أيضا كيف يروج "داعش" لأفكاره وكيف يتفاعل. سنستوعب قوات الحشد الشيعي المتطرف -النسخة الشيعية لـ"داعش"-، وكذلك الحوثيون، والإخوان المتآمرون، وإيران التي تقوم بتغيير ديموغرافي طائفي للساحة العراقية. حينها سنفهم خطورة تلك الحسابات التي ينشط فيها أكثر من مقاول سياسي ليس أكثر من موظف ضمن منظومة ممولة، تستهدف خلخلتنا من خلال شبكات التواصل، وملعبها الرئيس هو حب السعوديين لـ"تويتر"، والزبون واحد فقط، وهو نحن.
لذا، علينا أن نكون أكثر وعيا في قراءة التغريدات، وألا نعيد شيئا نشعر أنه يسيء إلى بلادنا أو يدعو إلى فرقتنا أو الإضرار بمن يعيش بين ظهرانينا.
المصدر صحيفة الوطن
https://alwatan.com.sa/Articles/Detai…rticleId=25731