استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
السلام عليكم
عندي استفسار يحيرني منذ مدة، في قوله ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
يعني أنا مثلا، الشيطان أحيانا يوسوس لي بالزنا، ولكني أستعين بالصلاة دائماً، وأصبر وأقاوم شهوتي.
هل يستوي معي في الأجر الذي فعل الفاحشة سابقاً ثم تاب فغفر الله له؟ وإن تساوى معي فهو يعتبر الفائز، لأنه أشبع شهوته، وأيضا غفر له، وتساوى معي في الأجر، وكأنه لم يفعلها؟!
هل سيحاسب على فعلته بعد أن غفر الله له؟ إن كانت الإجابة ﻻ، فلماذا أصبر طالما سيغفر لي مثله وأحرم نفسي من شيء أنا أريده، وأنا لن أحاسب بعد أن يغفر لي؟!
هذا هو تفسير الآية حسب فهمي، وإن كنت مخطئاً أرجو التوضيح.
شكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن هناك فرقًا هائلاً ما بين الإنسان الذي يرتكب المعصية ثم يتوب إلى الله تبارك وتعالى، وبين الإنسان الذي يقاوم الوقوع في المعصية، ويقاوم نفسه ويجاهدها في الله تعالى، فمهما تاب هذا التائب ومهما أناب ومهما رجع يبقى الإنسان الذي كفَّ نفسه عن المعاصي حياءً من الله أعظم أجرًا وأرفع درجة، والدليل على ذلك قول الله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا وإن الله لمع المحسنين} وقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (سبعة يُظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) ومنهم: (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله).
كذلك أيضًا قصة يوسف – عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام – عندما دعته امرأة العزيز لنفسها فقال: {معاذ الله إنه ربي أحسن مثوايَّ} فترتب عليه أنه أصبح في هذه المنزلة العالية الرفيعة، فالذي يحول بين نفسه وبين شهواتها وملذاتها أعظم أجرًا من التائبين جميعًا، لأنه عندما استحضر عظمة الله تبارك وتعالى وترك المعصية حياءً من الله ولم يُقبل عليها كليَّة فهذا أعظم من الذي وقع في المعصية ثم تاب.
لا يوجد وجه مقارنة حقيقة ما بين هذا وذاك بحال من الأحوال، ومما لا شك فيه أن التائب يغفر الله له ويتجاوز عن سيئاته، وقد يُبدِّل سيئاته حسنات، أما الذي يكف عن المعصية حياءً من الله تبارك وتعالى فهذا حسناته لا يتصورها إنسان، لماذا؟ لأنه ترك المعصية حياءً من الله تبارك وتعالى أو من جرَّائه، كما ورد في بعض الأحاديث، ولذلك لا يوجد هناك وجه مقارنة.
أنت على سبيل المثال لديك في مصر شخص صحيفة أحواله الجنائية أنه ارتكب سابقة من السوابق، وشخص آخر لم يرتكب أي سابقة، هل يستويان أمام القانون أو يستويان بين الناس حتى وإن سقطت به العقوبة من الزمن يبقى الذي لم يفعل الذنب ولم يرتكب جريمة أنقى صفحة وأحسن صورة من الذي وقع في الذنب أو في الجريمة ثم تاب منها.
هذا الذي كان عليه سلفنا الصالح – عليهم رحمة الله تعالى ورضوانه – من الانكفاف عن المعاصي حياءً من الله تعالى جل جلاله.
أما أن يقع الإنسان في المعصية ثم يتوب فمما لا شك فيه أن باب التوبة مفتوح، وأن الله يحب التوابين، ولكنه قال: {ويحب المتطهرين} والمتطهر هو الذي لم يقع في المعصية أصلاً، أو الذي وقع في المعصية ثم تاب منها، إلا أن الذي لم يقع في المعصية طاهر مطهر نقي عفيف فاضل، والقرآن الكريم كله مليء بهذه المسألة، كذلك سنة النبي – صلى الله عليه وسلم -.
لذلك أسأل الله تبارك وتعالى أن يعافينا وإياك من الوقوع في المعاصي، وأن يعيننا وإياك على خشيته في الغيب والشهادة، وهذه كانت دعوة النبي – صلى الله عليه وسلم -: (اللهم اقسم لي من خشيتك ما تحول به بيني وبين معاصيك) هذه الدعوة تدل دلالة قاطعة على أن الأفضل إنما هو عدم الوقوع في المعاصي، بصرف النظر عن التائب، وما أعدَّ الله له من أجر ومثوبة.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يغفر لنا جميعًا، وأن يتجاوز عن سيئاتنا، وأن يجنبنا الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، والقرآن الكريم مليء – كما ذكرت لك – بالأدلة على ذلك.
هذا وبالله التوفيق.
منقووووووووووول