استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد طرح العديد من الأسئلة لطالما أقلقتني وأصابتني بالوسواس لنفسي.
1ـ أنا إنسان متواضع في شخصيتي وسلوكي، وأحب العطف على الفقراء والمساكين، وأحب التبسم لدى الآخرين، ولا أشعر بالتكبر في نفسي، لكن في كل فعل أفعله أشعر في قلبي بالإعجاب لنفسي، فهل هذا ما يسمى بالعجب أو ما حوله، علمًا بأني أعتقد أن هذا شعور طبيعي في أي إنسان، ويجب ترك هذه الوساوس، لكن لخوفي من الكبر وما حوله أردت طرح هذا السؤال.
2ـ هل من يتبسم للناس ويساعدهم ويتخذ أسلوبا جميلا معينًا بغرض كسب قلوب الناس وتقديرهم لي من المذموم شرعًا؟
3ـ أنا اجتماعي بطبعي، وأحب أن يكون لي أصدقاء كثر، ولي شعبية وجمهور، وأحب أن أتحدث في المجالس، وأن أكون مؤثرًا، فهل هذا لا يجوز؟
4ـ هل ما يسمى بالكبر، أو العجب، أو الغرور هي أفعال سلوكية، ولا تشمل ما يدور في قلب الشخص؟ لأنه لا يخفى على أحد أنه إن أصابه شيء من التصغير، أو ما شابه في قلبه، وبين نفسه تجاه أحد، وسبق أن سألت أستاذًا في الدين، وقال: الأهم ألا تتفوه بالاحتقار عليه، وأن لا تظهره.
6ـ اذكروا لي الأفعال التي بسببها أصبح مصاباً بالكبر والعجب وحب الشهرة والتفاخر المذمومين شرعاً؟
أتمنى الإجابة عن أسئلتي مباشرةً ومفصلة كي أريح نفسي، لقد تعبت وأصبحت سلبيًا، وقد تغيرت شخصيتي، وأصبحت أوسوس خوفاً في الوقوع في الأعمال المحبطة للأجر، ساعدوني -جزاكم الله خيرًاـ هل ما فعلته خطأ أم خير وطيب وصواب؟ أعتقد أني لم أفعل باطلا، لكني أريد ما يريح قلبي بالتأكد.
وساوسي أقلقتني مدة طويلة، ولم أستطع الاجتماع والحديث مع الناس، وأصبحت الآن سلبيًا جدًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك ابننا، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يعيننا وإياك على معالجة هذه القلوب من أصنامها: من الكبر، والعجب، والغرور، والرياء، والحسد، وغير ذلك من الآفات، ونحن سعداء بهذه الاستشارة التي تدل على وعي ونضج ووقفة للمحاسبة، ونحب أن نؤكد لك أن الخيط رفيع بين الفرح بالأعمال الصالحة وبنتائجها وبثمارها، وبين أن يمتلئ الإنسان عُجبًا فيحبط عمله والعياذ بالله، فإن الفرح بالنعمة والفرح بالنصر والفرح بالتوفيق والفرح بالنجاح والفرح بالصلاة والصيام أمور مشروعة، وهذا جزء وعلامة من علامات القبول؛ لأن الله هو الشكور.
ولا بد أن يعطي الإنسان ثمرة وحلاوة لطاعته لله تبارك وتعالى، ولكن لا يتحول هذا الشعور، وهذا الفرح إلى عُجب إلا إذا نسبه الإنسان إلى نفسه، فإذا أعجبك ما تقوم به من عمل فاحمد الموفِّق، وتذكر أن الذي وفقك هو الله، وأن الذي أقامك، وأقعد الآخرين هو الله، وأن الذي وفقك وخذل الآخرين هو الله، فعند ذلك تخرج من هذا الإشكال؛ لأن العُجب هو أن ينظر الإنسان إلى النعمة وينسى الواهب، ينسى المُنعم، ينسبها إلى نفسه والعياذ بالله.
أما الكبر فأنت -إن شاء الله- بعيد عنه، والشعور الذي يأتي للنفس لا بد أن تدافع خاطرة السوء؛ لأن ابن القيم يقول: دافع الخاطرة قبل أن تتحول إلى فكرة، فإذا خطر في نفسك أنك أفضل من فلان، أو أنك أحسن من فلان، أو أنك كذا، فعند ذلك تعوذ بالله من الشيطان، وقل في نفسك: ربما كان عنده من الأعمال والطاعات الخفية ما تقربه إلى الله تبارك وتعالى، ورب مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرَّه، فالعبرة عند الله ليست بالمظاهر، لكنها بالمخابر، بهذه القلوب، فالله لا ينظر إلى صورنا، ولا إلى أجسادنا، ولا إلى أموالنا، ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا.
فطهِّر قلبك من مثل هذه الأشياء، ومجرد ورودها ليس هناك إشكال، لكن لا بد من مدافعتها خشية أن تتحول إلى إرادة وعمل، وتبرز بعد ذلك في غيبة، أو نميمة، أو لمز، أو همزٍ، أو سخرية، أو استهزاء، عند ذلك يقع الإشكال، لكن لا بد أن تُدرك أننا في صراع، وما دمت تشعر أنك في معركة وتجاهد هذا العدو فأنت -ولله الحمد- على خير.
لا مانع أيضًا أن تكون مقبولاً ومحبوبًا عند الناس، وهذا أمر طبيعي يسعى له الإنسان، لكن حبذا لو استخدمت هذا الحب من الناس وهذا الإقبال من الناس في أن توجههم إلى الخير، وتعقد هذه النية، تقول (أنا أريد أن أكون محبوبًا عند الناس حتى يُحبوا الدين، حتى يُحبوا التواضع، حتى يُحبوا سمت المسلم، حتى يحبوا ما عندي من أخلاق) وبذلك تؤجر على هذه النية العظيمة.
سعداء نحن بهذه الاستشارة، ونسعد أكثر بدوام التواصل مع الموقع، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
منقووووووووووول