استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
أنا شاب, عمري 24 سنة، تخرجت في الجامعة, ولم أستلم شهادتي بعد، حتى أتمكن من البحث عن عمل.
مشكلتي أني كنت أمارس العادة السرية منذ كان عمري 12 سنة, وانقطعت عنها منذ أكثر من شهرين, ولم أعد إليها, والحمد لله, ولكني أرى أني بحاجة ماسة إلى الزواج؛ كي أثبت إن شاء الله, لكن والداي يرفضان؛ لأني لا أعمل.
علما أنه يمكنني أن أعيش إن تزوجت مع زوجتي في بيتنا؛ لأننا في تونس أصبحت ظروف العيش صعبة, فليس من السهل الكراء, وشراء جميع لوازم البيت، فكثر العزوف عن الزواج من قبل الشباب, وارتفعت نسب العنوسة كثيراً.
أريد أن تدلني على كيفية إقناع والداي بالزواج, مع أني أستطيع أن أعمل كعامل يومي, لكسب لقمة العيش, بما أن البطالة مرتفعة جداً, خاصةً بالنسبة للمتخرجين الجدد, وحتى القدامى.
بارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإنه مما لا شك فيه أن المرحلة التي أنت فيها مرحلة حرجة، وفي غاية الخطورة، لأنك منذ سنوات وأنت رجلاً كامل الرجولة، والسنة تقتضي أن تكون الآن زوجًا وأن تكون لك أسرة، وأن يكون لك أبناء، لأنك في سِنٍّ تكاد تصل إلى منتصف عمر الإنسان، إذ إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين، وقليل منهم من يتجاوز ذلك) وأنت الآن على وشك أن تصل إلى منتصف العمر الحقيقي للإنسان.
إلا أنه نظرًا للظروف التي تمر بها بلاد العالم العربي والإسلامي فإن سن الزواج أصبح يتأخر لدى الجميع، رجالاً ونساءً، وهذه ليست خاصة بإخواننا في تونس، وإنما هي ظاهرة عامة، لعلها في معظم بلاد العالم، خاصة العالم الإسلامي والعربي الذي يعاني من ظروف صعبة، وأدى ذلك إلى تأخر سن الزواج إلى فترات متأخرة جدًّا، بل إننا نسمع أن البعض وصل إلى الثلاثين من العمر ولم يتزوج بعد.
لذا أقول: الذي تريده من إعفاف نفسك بالزواج أمر طبيعي، وهذا وقته فعلاً، بل ولعل وقته قد فات، لأن الظروف ينبغي مراعاتها، لأننا إذا أردنا أن نُطاع فينبغي أن نأمر بالمستطاع، والذي تطلبه في الغالب أمر قد يُنكره عليك القريب والبعيد رغم أنه حق، ولذا فإني أرى أول شيء أن الله قد مَنَّ عليك بنعمة ترك هذه المعصية، وهذه عطيَّةٌ عظيمة من ربٍّ كريم، عليك أن تشكر الله تبارك وتعالى عليها، وأن تستمر فعلاً في التوبة، وأن تجتهد في إغلاق كل منافذ الشيطان التي تؤدي إلى عودتك إلى هذه المعصية المشؤمة.
ثانيًا: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يجعل الله لك مخرجًا، ولا مانع أن تصلي ركعتين بنيَّة قضاء الحاجة أن يشرح الله صدر والديك لقبول طلبك ولمساعدك في أمر الزواج، لأنك تعلم أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، فعليك بالدعاء والإلحاح على الله؛ لأن قلب والدك بيد الله الواحد الأحد، فتوجه إلى الله بالدعاء والإلحاح عليه أن يعطَّف عليك قلب والديك، وبإذن الله تعالى ستجد خيرًا.
ثالثًا: عليك –ولدي الكريم الفاضل عبد الله– أن تستعين ببعض الذين لهم ثقل عند والديك، كعمٍّ كبير أو خالٍ كبير، فاعرض عليهم الأمر واطلب منهم مساعدتك في عرض الأمر على والديك، وهذا أيضًا نوع من الأخذ بالأسباب.
فإذا وجدت أحدًا يستطيع أن يتكلم فاذهب إلى والدك معه، ودعه يعرض الأمر على أسرتك، لعلهم يقبلون شفاعته، إن قبلوا فهذا ما نريده، وإذا لم يقبلوا فليس أمامك إلا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- والتي قال فيها: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) وهذا ما أنصحك به في حالة رفض والديك، وإن كنت أسأل الله ألا يفعلا ذلك.
أيضًا كذلك (رابعًا) –ولدي عبد الله– إذا لم يقدّر الله أن يوفق هذا الواسطة في إقناع والديك فأنا أرى أن تتخير لك عملاً مناسبًا، يتناسب مع ظروفك؛ لتقضي فيه معظم أوقات فراغك، لأن الفراغ في حد ذاته مشكلة كبيرة، وهو الذي يحرك هذه الغرائز, ويُفسد العلاقة بين العبد وربه، ويُفسد علاقة العبد حتى بنفسه، فعليك أن تبحث عن عمل مناسب يتناسب مع قدراتك حتى تقضي معظم أوقات فراغك.
كذلك عليك بصحبة الصالحين من عباد الله تعالى، خاصة إذا لم يتيسر لك عملاً بسهولة، لأن نسبة العاطلين مرتفعة، وهناك من سبقك إلى سوق البطالة, وإلى الآن لم يجد عملاً, رغم أنه قد مرت عليه سنوات وسنوات بعد التخرج من الجامعة، فعجل –كما ذكرت لك– بالبحث عن عمل، وإن وجدته فحسن، وإن لم تجده فابحث عن صحبة صالحة، أو حاول أن تضع نفسك في منهج علمٍ, تقرأ فيه كتب الشرع، لعلك لم تقرأ كتابًا واحدًا في العقيدة، ولم تقرأ كتابًا واحدًا في الفقه، ولم تقرأ كتابًا واحدًا في السيرة، فاجعل هذه فرصة قراءة هذه العلوم الضرورية، عسى الله أن ينفعك بها وأن يفرج كربتك.
هذا وبالله التوفيق.
منقووووووووووول