تخطى إلى المحتوى

أعاني من اكتئاب ووسواس قهري بالعقيدة، ما توجيهكم؟

أعاني من اكتئاب ووسواس قهري بالعقيدة، ما توجيهكم؟
استشارات طبيه علميه طب

السؤال:
السلام عليكم

أنا شاب بعمر 18 سنة، أنهيت المرحلة المدرسية، وجاءتني فرصة الحياة للعمل في إحدى الشركات الرائدة التي تضمن المستقبل، بمشيئة الله، وكنت فرحا بذلك، وعند مباشرتي لذلك جاءتني نوبة هلع قوية، وذعر قوي، في أول يوم؛ لأنها كانت في مدينة غير المدينة التي أنا فيها.

رأيت من نفسي أني لا أتحمل ذلك؛ لأني أعرف هذا النوع من النوبات، كانت تجيئني وأنا صغير، رجعت لمدينتي بعد مناوشات ومحاولات من الأهل للرجوع، وكلما أتذكر الرجوع تجيئني النوبة والخوف الشديد، وبعد شهرين دخلت كلية غير مرغوبة، ومستحقرة من الجميع، لمواصلة دراستي وسجلت فيها إذ لا يوجد غيرها، ونسبتي كانت متدنية.

في أول يوم جاءتني النوبة وفي أول حصة، والحمد لله، صبرت لآخر اليوم، وعندما رجعت إلى البيت وأنا جالس ألعب بأحد الأجهزة الإلكترونية جاءتني نوبة قوية جدا، وفجأة كل شيء صار أسودا، فقدان شهية، وطعم بلا إحساس بمتعة، وقلق سائر اليوم، واستمرت ليومين أو ثلاثة أعراض اكتئاب، ولمدة أسبوع ونصف كانت تجيئني بشكل يومي، وخفيف وأتغلب عليها.

في نفس الفترة تركت الكلية بسبب أن الغياب كان مؤثرا جدا، وكنت أغيب كثيرا بسبب النوبات، وفجأة جاءني الوسواس القهري في سب الذات الإلهية، والعياذ بالله، وكان يراودني منذ الصغر، وكنت أطمسه ولا أتفاعل معه، كان يجيئني أسبوعا أو شهرا أو سنة، أو نادر جدا.

جاءتني حالة هلع ورجفة في وقت نومي، ورجعت للحالة السابقة، وهي أعراض الاكتئاب، واستمر ثم خف تدريجيا، وصار يجيء مرة إلى ثلاث مرات باليوم، وبعدها جاءني وسواس آخر قهري، وهو أني أقهر عقلي بحدث معين أو صورة معينة، ولو شيئا تافها جدا، فأقعد أردده في عقلي!

استشرت اختصاصيا نفسيا بعد الوسواس القهري في سب الإله، وحالات الاكتئاب المفاجئة، وأعطاني برنامجا للأذكار والمحافظة على الصلاة وذكر الله كثيرا والاستعانة بالله، وبدأت بتطبيق البرنامج، وصرت أتقرب إلى الله كثيرا، وكنت في غفلة قبلها.

الطامة الكبرى التي أفقدتني الرغبة بالحياة فعليا وتدمرت نفسيا من بعدها وضيقة عنيفة بالصدر، واكتئاب لا أعلم هل هو وسواس أم شك أم ماذا؟ جاءتني مثل الشكوك بالذات الإلهية، وصرت أكتب بالنت من خلق الله؟! وشكوك حول وجوده، وهل يوجد جنة ونار ودار آخرة، وأن حياتنا مجرد وهم فقط، وأن الدعاء بلا فائدة، وأن أتخيل مثلا كيف يكون الوضع إذا كان هناك عدم وجود لله والبشر، إذا كان كل شيء كذباً.

بدأت أحس أني منافق، وأني كفرت، حتى بعدها عندما يأتي وقت الصلاة لا أحس باللذة، وبرنامجي صرت أتكاسل فيه، وكلما أتذكر الذي أفكر فيه تجيئني ضيقة شنيعة، وحين أذهب للصلاة وأقرأ القرآن تجيئني أفكار أني أعمل هذا الشيء فقط احتياطا أو أني أنافق.

أحسست أن إيماني بالله صار أضعف، وأني فقدت ثقتي بربي، فكل شيء يهون إلا الأفكار بالدين، فهي شيء يضيق به الصدر، ويعكر المزاج، ويفقدك لذة الحياة، وممارسة الحياة بشكل طبيعي.

كيف أتخلص من هذا الكابوس المتواصل؟ فيوم أن كنت في غفلة ومهملا في صلواتي ما كانت تجيئني هذه الأفكار، حتى لو جاءت خفيفة كنت أصدها صدا منيعا، وعندما بدأت ألتزم جاءتني هذه الأفكار التافهة، والمشكلة أني في مفترق طرق، وبعد التخرج، وحالتي النفسية لا تسمح بأني أدخل شيئا!

أتمنى أن أرجع طبيعياً مثلما كنت، وكل هذا بسبب الاكتئاب الذي تسبب في أعراضي، والله يعيننا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مروان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

أريد أن أبدأ بما انتهيت به أنت، وهو تخوفك من الاكتئاب، وأنه السبب الذي جلب لك كل ما تعاني منه، وأقول لك: لديك اكتئاب لكنه من درجة ثانوية، وهو ناشئ من قلق المخاوف الوسواسي الذي تعاني منه، أنت لديك وساوس متشعبة – كما شرحتها بدقة ووضوح – والوساوس الدينية موجودة في بيئتنا، وعلاجها ليس بالصعب أبدًا، إذا تجنب الإنسان التردد في موضوع العلاج.

الكثير من الناس يترددون في الذهاب إلى الأطباء، وهذا قطعًا يجعل هذه الوساوس تستشري وتتمكّن من الإنسان، أقول لك: اذهب الآن وقابل الطبيب، أنت تعيش في المملكة العربية السعودية والحمد لله، بها الكثير من المختصين التميزين في مجال الطب النفسي.

العلاج الدوائي مهم جدًّا وضروري جدًّا، والأدوية التي تناسب عمرك كثيرة، منها الـ (فافرين Faverin) والذي يعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) ومنها الـ (بروزاك Prozac) والذي يسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ومنها الـ (زيروكسات Seroxat) والذي يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ومنها الـ (زولفت Zoloft) أو ما يُعرف تجاريًا أيضًا باسم (لسترال Lustral) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) كلها أدوية فاعلة وممتازة، وفوق ذلك هي مُحسّنة للمزاج ومُزيلة للاكتئاب.

أيها الفاضل الكريم، اذهب من لحظتك هذه إلى أحد الأطباء النفسيين، وبجانب العلاج الدوائي سوف تجد الدعم اللازم من الطبيب النفسي.

تفهمتُ حالتك تمامًا وبوضوح شديد، وأقول: إن العلاج الدوائي يجب أن يكون هو البداية؛ لأن درجة القلق والتشتت الذهني والمزاج الاكتئابي يجب أن تزول في بداية الأمر، وحين نتحكم فيها عن طريق الأدوية بعد ذلك سوف تجد أنك أصبحت أكثر ارتياحًا لتُطبق الممارسات السلوكية المطلوبة، والتي تقوم على مبدأ:
– تحقير الوسواس.
– عدم الالتفات للوسواس.
– عدم مناقشة الوسواس.
– الإقدام على الحياة بإيجابية.

– كذلك الدراسة، والعمل، والتواصل الاجتماعي، الحرص على الصلاة في وقتها، هذا أمر مهم، ولا مساومة فيه أبدًا.

– ممارسة الرياضة، الرياضة نحن نوصي بها كثيرًا؛ لأنها مفيدة جدًّا، ولا شك في ذلك، مقوّية للنفوس قبل الأجسام.

أنت أمامك فرصة عظيمة حقيقة، أن تزيح كل هذه الوساوس والقلق، وتبدأ مشروع حياة جديد، تُخطط فيه لمستقبلك، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

منقووووووووووول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.