استشارات طبيه علميه طب
السؤال:
السلام عليكم
جزاكم الله خير الجزاء على ما بذلتم في هذا الموقع، وأن يتقبل الله صالح أعمالكم.
كنت أعاني من خجل بسيط، يصاحبه رهاب خفيف جدا، ولا يلاحظ، وشخصيتي ولله الحمد قوية، تغطي ما أعانيه، وحينها درست في إحدى الجامعات العسكرية بالخارج ولم أكمل فيها، وكنت أرغب بها وأبذل الجهد من أجلها، وحالتي النفسية السيئة كانت أقوى، واشتدت علي أعراضها، ومن بعدها ضاعت مني فرص وظيفية كثيرة، وكنت أرفضها بسبب الرهاب والاكتئاب، وأتعذر عند الأهل بأعذار واهية غير منطقية، وأظن أنهم يعلمون بحالتي النفسية، ولم أتحجج بها، ولم أشك لأحد، ومنذ 4 سنوات عاطل.
لم ولن أزور طبيبا نفسيا لأسباب كثيرة، وأريد إكمال دراستي الجامعية عن قريب، وهي آخر فرصة تتاح لي، ولا أريد أن أخسرها بسبب الرهاب والاكتئاب.
منذ سنتين استخدمت بروزاك 40mg لمدة 3 أو 4 شهور، ولم أستفد شيئا منه حتى انقطع الدواء وتركته، وبعدها بشهور استخدمت سيبراليكس 20mg حبة كل يوم وبعد أسبوعين بالكثير بدأت تتحسن حالتي، وواصلت معه إلى 4 شهور حتى انقطع عني الدواء ولم أجده، حينها كنت في حالة جيدة جدا.
الآن حالتي بدأت تسوء، خصوصا مع اقتراب موعد الدراسة، لذلك أريد الدواء المناسب لحالتي، أريد الشفاء ولو شكليا حتى أتعافى بإذن الله، ولو بعد حين.
هل تنصحوني بالسبراليكس أو بالسيروكسات؟ وما هي طريقة الاستخدام النافعة؟ وهل يوجد دواء آخر معزز له، ولا يتعارض معه من دون آثار جانبية؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو ديم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيها الفاضل الكريم: قبل أن نتحدث عن الدواء، والذي لا أريد أن يكون هو العلاج الجوهري أو الأساسي بالنسبة لك، علاجك الأساسي هو أن تفكّر إيجابيًا، وأن تثق في مقدراتك، وأن تسعى دائمًا لأن تطور نفسك، وأن تتجنب الفكر السلبي، ولا تحكم على نفسك من خلال مشاعرك أو أفكارك، احكم على نفسك من خلال أفعالك، وحتى إن كانت أفعالك ضعيفة وواهية فابدأ بحسن إدارة وقتك، وصَمِّم واعزِم ونفِّذ ما تريد أن تقوم به بغض النظر عن شعورك.
الإنجاز يؤدي إلى مردود إيجابي – هكذا أجمع علماء النفس – وحين يحسُّ بالرضا هذا يُغيِّر فكره ويغيِّر مشاعره، ويؤدي إلى المزيد من الإنجاز، الأمر في غاية البساطة.
أيها الفاضل الكريم: إكمال الدراسة الجامعية مهم، والأمر ليس بالصعب، اجعله مشروع حياتك، اجعله مشروع عمرك، إذًا سوف يأخذ أهمية وأسبقية على النطاق الفكري الداخلي لديك، وحين يأخذ الأمر هذه الأهمية سوف تنجزه إن شاء الله.
لا أريدك أبدًا أن تلبس ثوب الرهاب أو الاكتئاب، لا تلبس هذا الثوب الأخرق، لا تعتقد أنك مصاب بالعلل، أنت صغير في السن، حباك الله تعالى بطاقات عظيمة، فانطلق – أخِي أبو ديم – في دروب الحياة، وكن نافعًا لنفسك ولغيرك، وكن فاعلاً، هكذا تُدار الأمور، هكذا تُدار الحياة، لا تُدار من خلال هذا الفكر السلبي الذي أراه مسيطرًا عليك، بالرغم من طاقاتك وإمكاناتك وخبراتك الممتازة جدًّا، فانطلق.
أيها الفاضل الكريم: بالنسبة للعلاج الدوائي هو مكمِّل، أنت تناولت البروزاك والسبرالكس، لذا أريدك أن تنتقل إلى مجموعة أخرى من الأدوية، الزيروكسات مشابهٌ لهما جدًّا، وكلا الدواءين أو الثلاثة تعمل من خلال مركَّب كيميائي في الدماغ يُعرف بالموصِّل العصبي، وهو الـ (سيروتونين Serotonin)، وهنالك موصلات عصبية أخرى يعمل عليها، لكن بصورة أبطأ.
لو نقلناك لدواء يعمل على معظم الموصلات العصبية – وهي السيرتونين والنورأدرينالين Noraderanaline – هذا قد يكون أفضل.
هذا الدواء هو الـ (ديولكستين Duloxetin) أو ما يعرف بـ (السيمبالتا Cymbalta) دواء جميل جدا وممتاز جدا، يُعالج الخوف الاجتماعي، يعالج الاكتئاب، الإحباط، الشعور بالكدر، ويزيل الخوف، وهو أيضًا من مضادات القلق.
ابدأ في تناوله بجرعة ثلاثين مليجرامًا (كبسولة واحدة) ليلاً، تناولها بعد الأكل، لأن هذا الدواء في الأيام الأولى للعلاج ربما يؤدي إلى شعور بسيط بالغثيان، خاصة إذا تناوله الإنسان على معدة فارغة، لكن إذا تناوله بعد الطعام لن يحدث هذا الأثر الجانبي العارض والبسيط.
استمر على الثلاثين مليجرامًا لمدة شهرٍ، لا نريد أبدًا أن نتعجّل في الأمور، هذه هي الجرعة التمهيدية، نريد أن نوطدها ونجعلها ذات فعالية.
بعد ذلك انتقل للجرعة العلاجية وهي ستون مليجرامًا، والستون مليجرامًا سوف تكون كافية جدا في حالتك، علمًا أن بعض الحالات تحتاج إلى مائة وعشرين مليجرامًا، وهذه أيضًا جرعة سليمة، لكن لا أراك في حاجة لها.
استمر على الستين مليجرامًا يوميًا لمدة ستة أشهر – هذه المدة العلاجية – بعدها انتقل مرة أخرى إلى الجرعة الوقائية وجرعة التوقف، وهي أن تتناول ثلاثين مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها ثلاثين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم ثلاثين مليجرامًا مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا هو الذي أنصحك به، وقطعًا إن قابلت طبيبك هذا سوف يكون أمرًا معززًا إن شاء الله تعالى لشفائك وإقناعك بالآليات العلاجية التي تحدثنا عنها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا وبالله التوفيق والسداد.
منقووووووووووول