تخطى إلى المحتوى

أعاني من وسواس الخوف من الناس وأذيتهم، فكيف أخرج من قوقعة الخوف؟

أعاني من وسواس الخوف من الناس وأذيتهم، فكيف أخرج من قوقعة الخوف؟
استشارات طبيه علميه طب

السؤال:
السلام عليكم

دكتور أبدأ معك قصتي مع التعب النفسي الذي أنا فيه، أنا تأخرت في الحمل، ولما ربي رزقني بعد 3 سنوات، شعرت أنني متعلقة بهذا الحمل لدرجة الجنون، وكان كل شيء في البداية طبيعياً، ويوماً من الأيام صارت محادثة بيني وبين إحداهن، فقالت لي: كيف تأكلين من أكل البنات أو أكل أحد، ألست خائفة أن يؤذوك أو يضعوا لك شيئاً في الأكل، فسألتها لماذا؟ فوسوست لي أنهم قد يؤذونني في حملي.

وهنا بدأ معي الوسواس، صرت لا آكل من طعام أحد، وتعبت من التفكير كثيراً لدرجة أنني ولدت ولادة مبكرة، وقدر الله وتوفيت طفلتي، ومن وقتها بدأ الخوف يؤثر على حياتي، صرت أخاف من الناس الذين حولي أن يؤذوني، ولا أتدخل في حياة أحد، ولا أريد أحداً أن يغضب مني، وصارت عندي وسوسة أنهم سيؤذونني بأية طريقة، وأصبحت عصبية وأخاف من المستقبل والمرض.

تعبت يا دكتور، تعبت وقد وضعت بيني وبين الناس حاجزاً لدرجة أنهم يقولون لي أنت مريضة نفسية، وفعلاً لاحظت هذا الشيء، يا دكتور أنا كنت إنسانة طبيعية جداً، ولكن موت طفلتي أتعبني وأثر علي، وقد مضت الآن ثلاث سنوات وأنا على هذا الحال، لعل كلمة منكم تريحني، مع العلم أنني قد عانيت من وسواس الصلاة أيضاً، ولكن -والحمد لله- تغلبت عليه، وجزاك الله كل الخير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الشوق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الفكرة التي سوَّقتها لك هذه السيدة التي تحدثت معها، وهو أنه يمكن أن يُوضع لك شيء في الطعام، لا شك أنها فكرة سخيفة ومخيفة، ولذا رسخت في كيانك وتفكيرك، وأدت إلى نوع من الشك الوسواسي الظناني، ثم بعد ذلك تُوفيتْ الطفلة – نسأل الله تعالى أن يجعلها فرطًا لكم – وظهرت هنا أحزان، إضافة للوسواس، والشكوك، أدت إلى الوضع النفسي الذي أنت فيه، الأمر يمكن تخطيه من خلال أن تسألي الله -تعالى- أن يرزقك الذرية الصالحة، يجب أن تكون قناعاتك بالدعاء ثابتة وقوية ومتواصلة.

وبالنسبة للشكوك والظنان: هذا يجب أن تحقّريه، وتكوني متوكلة على الله، وأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك، ومن حيث المنطق: لا يمكن أن يضع لك أحد شيئاً يُؤذيك في الطعام، هذا ليس كلامًا صحيحًا، يجب ألا يُعتبر، يجب ألا يُصدَّق، يجب ألا تقبلي مثل هذه الأفكار وهذه المشاعر، وإصرارك على رفضها هو الوسيلة الأساسية في علاجها.

وبما أنك عانيت من وساوس الصلاة فيما مضى، هذا يدل أنه لديك قابلية للوسواس من خلال الهشاشة النفسية، وعدم التثبت من الأمور، مما يؤدي إلى الشكوك.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: هذا كله فكرٍ يجب أن يُرفض، وأنا أعتقد أن العلاج الدوائي سيكون مهمًّا جدًّا لك، سيفيدك كثيرًا، تحتاجين لدواء أو لدوائين لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، فأرجو أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي حتى ترتاحي تمامًا من هذه الوساوس والمخاوف الش****ة.

من أفضل الأدوية التي يمكن أن تُوصف لك، جرعة بسيطة من عقار زيروكسات cr، 12.5 مليجرام يوميًا سوف تكون كافية جدًّا، يتم تناولها لمدة ثلاثة أشهر، ثم 12.5 مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم يتم التوقف عن تناوله.

أما الدواء الآخر فهو رزبريادون، يتم تناوله بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم واحد مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم يتم التوقف عن تناوله.

هذه من الأدوية المفيدة وفاعلة جدًّا، وغير إدمانية، ومدة العلاج كما تلاحظين قصيرة، فاذهبي إلى الطبيب – أيتها الفاضلة الكريمة – حتى تكتمل الصورة وتشفين -بإذنِ الله تعالى-.
———————————————————-
انتهت إجابة: د. محمد عبدالعليم – استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-،
وتليها إجابة: د. أحمد الفرجابي – مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
———————————————————-
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونؤكد لها أن هذا الكون ملك لله، وأنه لن يحدث فيه إلا ما أراده الله، وأن الأمة لو اجتمعت وخططت وكادت ورتبتْ ليُضرُّوك لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليها، وإن اجتمعوا على أن ينفعوك لن ينفعوك إلا بشيء قدَّره الله لك، كما جاء عن رسولنا –عليه صلاة الله وسلامه-.

والمؤمنة إذا قيل لها (سيُفعل بك) تُردد {قل لن يُصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} وتردد: {حسبنا الله ونعم الوكيل} وكم أساءت تلك المرأة في كلامها غير الصحيح أبدًا، وأنت أيضًا صدقت ما تقول، ونسيت أن الأمر لله من قبل ومن بعد.

اعلمي أن الناس الأصل فيهم أن فيهم الخير، وأن الذي يريد الشر والسوء للناس لا يصل إلى مراده إلا إذا كان الله قد قدَّر، والمكر السيء لا يحيق إلا بأهله، وما حصل لك قضاء وقدر، ولذلك ينبغي أن تكون هذه المسألة واضحة، ومسألة العقيدة هي الأساس، وبالعقيدة الصحيحة يحصل الاطمئنان، {أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} فالأمن الفعلي لا يتحقق إلا لمن كملتْ عنده العقيدة، كملت فيه الثقة في الله، وأيقن أن الكون ملك لله، وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله.

فأقبلي على الحياة بأمل جديد وبثقة في الله المجيد، ولا تفكري تلك الأفكار السالبة، لأن لا حقيقة لها، وظني بمن حولك من الناس خيرًا، واعلمي أن هذه الأمور نحتاج فيها – كما قلنا – إلى أن نركز على ثوابت العقيدة، واعلمي أن الذي يُذكرك بهذه الأمور هو الشيطان، وهم الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان، وليس بضارهم شيئًا إلا بما قدَّر مالك الأكوان.

حاولي أن تشغلي نفسك بذكر الله وطاعته، وابحثي عن الصالحات واقتربي منهنَّ، ولا تبكي على ما حصل، وتوجهي إلى الله الذي رزقك وسيرزقك، ونسأل الله أن يُقدِّر لك الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونسعد بدوام تواصلك مع الموقع، وندعوك إلى اغتنام فرصة الصيام بالدعاء واللجوء إلى الله -تبارك وتعالى-، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعوضك عمَّا فقدت خيرًا، فالجئي إلى الله وثقي به، واقتربي بمن حولك من الصالحين من محارمك والصالحات من النساء، ونسأل الله لك الهداية والتوفيق والسداد.

منقووووووووووول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.