الوكيل – في مطلع كل عام دراسي جديد، تتكرر شكاوى الأهالي من ارتفاع أقساط المدارس الخاصة، فيما تزداد حدة الشكاوى من قبل الذين قطع أبناؤهم شوطا كبيرا من دراستهم في هذه المدارس، ولم يعد بوسعهم التكيف مع أجواء مدارس أخرى، بينما تؤكد مصادر موثوقة في وزارة التربية والتعليم أن عدد الطلبة المنقولين من المدارس الخاصة إلى الحكومية هذا العام ‘يفوق التوقعات’، ما اضطر الوزارة إلى تمديد فترة التنقل إلى الخامس من الشهر الحالي.
وفي هذا الصدد، تروي منى عادل لـ’الغد’ قصة نقل ابنها إلى مدرسة خاصة تتناسب أقساطها مع الدخل السنوي للأسرة، موضحة أن ‘قلة الدخل، وارتفاع أسعار الاقساط، حالا دون إكمال ابني عمر دراسته في إحدى المدارس الخاصة’.
والسبب نفسه هو ما اضطر سلمى عايش للجوء إلى هذا الخيار، عندما نقلت ابنتها سارة إلى مدرسة حكومية هذا العام، بعد أن قامت مدرستها الخاصة بزيادة قسطها السنوي، لافتة إلى أن رفع الأسعار يتم بطرق ‘مباشرة وغير مباشرة’، منها ‘دفع أولياء الأمور بدل حجز مقعد للعام الدراسي الجديد، بدون أن يخصم من القسط المدرسي، فضلا عن استيراد كتب أجنبية غير مقررة بمبالغ خيالية، ودفع مبالغ كبيرة بدل أنشطة مدرسية، إضافة إلى أسعار الزي الرسمي المقرر’.
بدوره، أكد نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني أن بعض المدارس الخاصة ‘رفعت أقساطها هذا العام بنسبة تراوحت بين 5 % الى 10 %، في حين لم ترفع أخرى أقساطها’.
وبرر الصوراني لـ’الغد’ أسباب رفع الأقساط ‘بزيادة رواتب المعلمين، وارتفاع التكاليف التشغيلية، فضلا عن عدم تسديد أولياء أمور لأقساط أبنائهم مما يتسبب بعجز مالي لدى بعض المدارس’.
وأشار إلى أن النقابة ‘تنصح في اجتماعاتها مع أصحاب المدارس الخاصة، بعدم رفع الأقساط أو رفعها بشكل منطقي من 2 % إلى 3 % كحد أقصى مراعاة للوضع الاقتصادي لأولياء الأمور’، مؤكدا أن النقابة ‘لم تتلق أي شكاوى بخصوص رفع الأقساط المدرسية’.
من جانبه، أكد أيضا مدير ادارة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم فريد الخطيب أن الوزارة ‘لم تتلق أية شكاوى من أولياء الأمور تتعلق برفع الأقساط’.
وقال الخطيب إن الإدارة ‘ليس لها سلطة على الاقساط المدرسية بموجب القانون الحالي، ولكن نناشد أصحاب المدارس الخاصة ان تكون نسبة الرفع معقولة وليست كبيرة، ومراعاة الظروف الاقتصادية لأولياء الأمور’.
وأضاف أن الإدارة مددت الفترة المخصصة لنقل الطلاب من وإلى المدارس الخاصة حتى 5 أيلول (سبتمبر) الحالي، وذلك بسبب زيادة أعداد المنقولين، لافتا إلى أن أعداد المنقولين من المدارس الخاصة إلى الحكومية ‘كبيرة للغاية’.
وبين أن الوزارة رفعت المسودة النهائية للنظام الجديد للمدارس الخاصة إلى رئاسة الوزراء ليصار إلى رفعها إلى ديوان التشريع والرأي لإقرارها، متوقعا أن يتم الإقرار في غضون الأشهر الستة المقبلة، وفق ما أعلن عنه وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات.
وأشار الخطيب إلى أن النظام الجديد يصنف المدارس الخاصة إلى فئات، وفقاً لموقع المدرسة، والمرافق المتوافرة فيها، ونوعية البرامج الأساسية والإضافية التي تقدمها للطلبة، والمؤهلات والكوادر العاملة فيها.
ولفت إلى أن هذه المعايير تحدد حجم القسط للفصل الدراسي، بحيث يتناسب مع ما تقدمه المدرسة من خدمات للطلبة في العام الدراسي.
ولفت إلى أن النظام الجديد يتضمن بنوداً تحفظ حقوق العاملين في هذه المدارس، والحد الأدنى لرواتب المعلمين، وفق معايير خاصة يحددها نظام يصدر لهذه الغاية أيضاً.
وأكد الخطيب أن الإدارة عممت سابقا على المدارس الخاصة لتزويدها بموازناتها، وكشوفات الطلبة وأقساطهم المدرسية، اعتباراً من العام الدراسي الحالي.
وأوضح أن الهدف من ذلك، مراجعة زيادة أقساط المدارس سنوياً، وما تقدمه إداراتها من مبررات وأسباب لرفع الأقساط، مقارنة بحجم الواردات والنفقات.
وأشار إلى أن المادة 17 في نظام المؤسسات التعليمية الخاصة، رقم 27 لسنة 1966، تنص على ‘تزويد الوزارة بسجل خاص بموازنة المؤسسة التعليمية الخاصة، تثبت فيه بانتظام جميع الإيرادات من رسوم أو إعانات على اختلافها مع بيان مصادرها، وكذلك النفقات بموجب وثائق خطية، بحيث تسهل مراجعتها وتدقيقها’.
وأكد أن ما تقوم به الوزارة يهدف إلى تنظيم العلاقة بين المدارس الخاصة وأولياء الأمور، و’منع تغول أي طرف على الآخر، تزامنا مع ازدياد شكاوى المواطنين من ارتفاع الرسوم المدرسية سنويا بدون مبرر، على أن تكون أي عملية رفع لهذه الرسوم متوازية مع ما تقدمه المدارس من خدمات للطلبة’.
من جانبها، كانت رئيسة لجنة التعليم الخاص في نقابة المعلمين عبير الأخرس أوضحت في تصريحات لـ’الغد’ أن ‘النظام الجديد سيعالج غياب التشريع، الذي كان موجودا في الفترة الماضية’.
وأشارت الأخرس إلى أن هنالك تعليمات تحكم التعليم الخاص، صدرت العام 1965، عدلت نظيرتها للعام 1994، لكن التعليمات المطبقة حاليا ‘غير قادرة على مواكبة القضايا والمشكلات المستحدثة، مع اتساع دائرة التعليم الخاص، إضافة إلى عدم تعاملها مع المعلم على أساس مهني بل تعتبره عاملا’.
وقالت إن نص المادة 32 من قانون الوزارة النافذ للعام 1994، يتمحور حول وجود نظام يحكم عمل المؤسسات التعليمية الخاصة.
ولفتت الى أن المادة 32 (ب) تنص على أن ‘المؤسسات التعليمية الخاصة، تصنف إلى فئات، يحدد لكل منها الحد الأعلى لما تتقاضاه من رسوم وأجور، والحد الأدنى لرواتب المعلمين، وفق معايير خاصة، يحددها نظام يصدر لهذه الغاية’.
وأضافت الأخرس: ‘رغم أن قانون الوزارة جاء لحل هذه الإشكالية، لكنه أبقى على النظام القديم، وبالتالي تم تعطيل المادة القانونية الخاصة بهذا الموضوع لأكثر من 30 عاما’.
ورأت أن التشريع الجديد من شأنه أن يرتقي بالتعليم في الأردن، لافتة إلى أن المدارس الخاصة ‘لن تتأذى من النظام الجديد، إلا تلك الموجودة لاعتبارات غير تربوية بالدرجة الأولى’.
الغد