القدس المحتلة – ذات سنة في مطلع الانتفاضة الأولى كنت في القدس الغربية وأوقفت سيارة أجرة للعودة إلى القدس الشرقية، كان السائق ذا سحنة شرقية يتحدث العربية بلهجة مغربية وأثناء سيره أشارت له امرأة بدينة، بملابس محتشمة وقد لفت على رأسها منديلا، بالوقوف، فلم يستجب، وتمتم قائلا: "قرفتونا في عملنا أنتم وأزواجكم". فلم أفهم ما يعنيه، فأوضح قائلا: "إن هذه المرأة من فئة المتدينات يخرجن في النهار للتحرش بالسائقين وفي الليل يظهر رجالهن المتدينون وينغصون علينا العمل وهم يبحثون عن عاهرات في أماكن معينة". قلت ولماذا؟. فقال "المتدينون محرومون من لمس أجساد زوجاتهم والنساء كذلك ولا يرون بعضهم عراة بل تتم تغطية جسد المرأة بغطاء له ثقب سفلي ولا يجوز للزوج أن يلمس جسدها أثناء المعاشرة الزوجية ولهذا تخرج النساء صباحا بحثا عن مغامرة جنسية دون قيود دينية والرجال يترددون على بيوت الدعارة للهدف نفسه، فحسب تعاليمهم فإن الجنس فقط للإنجاب وليس للمتعة فيبحثون عنه خارج البيت".
وقد لفتت نظري قبل فترة فتوى للشيخ "رشاد حسن خليل" العميد السابق لكلية الشريعة في الأزهر، مفادها أن التجرد من الملابس أثناء المعاشرة الزوجية يبطل الزواج. وكأن الشيخ استقى فتواه من مصادر يهودية، ولعل مواقف بعض الفتاوى الإسلامية التي يطلقها شيوخ عن تقليد أعمى أو تعصب أو استقاء من مصادر يهودية حاخامية تنسجم روحا ونصا مع الفتاوى اليهودية خاصة فيما يتعلق بالمرأة.
فقد أصدر الحاخام الأكبر لمدينة حولون جنوب تل أبيب، إبراهيم يوسف، في يناير/كانون الثاني 2024 فتوى تحرم قيادة النساء للسيارات، خاصة داخل المدن الإسرائيلية التي تقطنها أغلبية يهودية متدينة.
وبرر الحاخام إبراهيم يوسف فتواه، قائلاً إن "قيادة المرأة للسيارة في الشوارع والمدن لا تدل على الحشمة ولا العفة، خاصة في المدن التي تقطنها أغلبية متدينة"، وطالب الحاخام بعدم تعليم النساء قيادة السيارات، وعدم السماح لها بالقيام بذلك إلا في "حالات الضرورة القصوى".
وفي سبتمبر/أيلول2011 أصدر الحاخام الإسرائيلي الأكبر، يونا ميتزجر، فتوى أخرى تميز ضد المرأة، جاءت تحت عنوان "صوت المرأة عورة"، وصاغ الفتوى في وثيقة جاء فيها أن صوت المرأة عورة وفقاً للشريعة اليهودية، محرماً استماع المجندين اليهود بالجيش الإسرائيلي لغناء المطربات.
أما الحاخام إسحاق طوبيا، فأفتى بفرض النقاب على المرأة وتغطية جسدها كله بعباءة واسعة لإخفاء كل أجزاء الجسد.
وأصدر الحاخام تسفي تاو، فتوى عن المرأة تقول بأن "البيت هو مكان المرأة الطبيعي" وأن "حصولها على تعليم جامعي عالٍ ألحق ضررًا كبيرًا بمستوى حياة الأمة". وأصدر أيضا كتيبًا للفتاوى بعنوان "خلقني وفق مشيئته"، ووزعه سرًا على طلابه، ووصفته صحيفة "هآرتس" بأنه "أشد تطرفًا من الحاخامات الحاريديم".
وأشار "تسفي" في هذا الكتاب إلى أن "النساء لم يخلقن للعمل أو الاهتمام بخبايا العلوم والأخلاق، نظرًا لطبيعتهن النفسية، وإنما خلقن لإنجاب الأبناء وإرضاعهم وتربيتهم".
وكان رئيس المحكمة الدينية في القدس، الحاخام إلياهو أبرجيل، وهو من أبرز المرشحين لتولي منصب الحاخام الأكبر لليهود الشرقيين، أصدر فتوى بأنه "يجوز للمتزوج معاشرة عشيقته في حالات خاصة، كعجز زوجته عن إنجاب الأطفال، وباستطاعة العشيقة أن تعيش في البيت الذي يجمع الزوجين"، كما صدرت فتاوى تبيح لليهودية ممارسة الجنس مع الأعداء بهدف الحصول على معلومات، فقد أصدرت الحاخامية العليا في إسرائيل فتوى تبيح للنساء اليهوديات العاملات في "الموساد" إقامة علاقات جنسية مع العرب "الأعداء" إذا كان ذلك في مصلحة وطنية.
وجاء في نص الفتوى: "يحق لكِ أيتها اليهودية التنازل عن شرفك ومضاجعة الأعداء إن كان ذلك سيصب في صالح إسرائيل"، وهو يشبه ما يسمى الآن بجهاد النكاح ولكن مع العدو.