عدن – تم إنزال عشرات الجنود بحرا في مدينة عدن اليمنية فيما يبدو أنها محاولة أخيرة يبذلها تحالف تقوده السعودية للحيلولة دون سقوط المدينة الجنوبية في أيدي المقاتلين الحوثيين بعد أن سيطروا على وسطها اليوم الخميس.
ووصل الجنود في سفينة واحدة بعد بضع ساعات من دخول الحوثيين المتحالفين مع إيران وأنصارهم إلى وسط عدن رغم حملة جوية تقودها الرياض منذ أسبوع لوقف تقدمهم.
ومدينة عدن الساحلية الجنوبية هي آخر معقل كبير للمقاتلين الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي الذي فر من عدن قبل أسبوع ويتابع الموقف من الرياض مع تداعي ما تبقى من سلطته.
ولم يتسن على الفور تحديد جنسية الجنود لكن التحالف يقول إنه يسيطر على المنطقة البحرية قبالة سواحل عدن. وإذا تأكد أن الإنزال خطوة من جانب التحالف فإنه سيكون أول انتشار لقوات برية منذ بدء العملية قبل أسبوع.
وسيطر الحوثيون المتحالفون مع أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح على العاصمة صنعاء قبل ستة أشهر وتحركوا صوب عدن الشهر الماضي وحافظوا على تقدمهم رغم التدخل العسكري السعودي الذي يستهدف إعادة هادي إلى السلطة.
وقال سكان بمنطقة كريتر في وسط عدن إن الحوثيين وحلفاءهم سيطروا على المنطقة بحلول منتصف النهار اليوم الخميس ونشروا دبابات ودوريات مترجلة في شوارع المدينة الخاوية بعد اشتباكات عنيفة في الصباح.
وهذه هي المرة الأولى التي تصل فيها الاشتباكات على الأرض إلى هذا العمق داخل وسط عدن. ويوجد في كريتر الفرع المحلي للبنك المركزي اليمني والعديد من الأعمال التجارية.
وقال ساكن يدعى فاروق عبده لرويترز عبر الهاتف من كريتر "الناس خائفون ومذعورون بسبب القصف. لا يوجد أحد في الشوارع.. الأمر أشبه بحظر تجول."
وذكر ساكن آخر أن قناصة من الحوثيين انتشروا فوق الجبل المطل على كريتر ويطلقون النار على الشوارع. وأضاف أن حرائق نشبت في عدة منازل بعدما تعرضت لقصف صاروخي فيما حثت مكبرات الصوت السكان على الانتقال إلى مناطق أكثر أمنا بالمدينة.
وقالت وزارة الداخلية السعودية في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية إن جنديا من حرس الحدود السعودي قتل وأصيب عشرة آخرون بجراح حين أطلقت نيران من منطقة جبلية في اليمن على موقع المراقبة الذي كانوا به.
وأضافت "نتج عن تبادل إطلاق النار استشهاد العريف سلمان علي يحيى المالكي… وإصابة عشرة من رجال حرس الحدود بإصابات غير مهددة للحياة حيث تم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج والرعاية الطبية اللازمة."
والمالكي هو أول قتيل من القوات السعودية يعلن عن سقوطه في الحملة العسكرية التي بدأت قبل أسبوع وتقودها المملكة ضد المقاتلين الحوثيين في اليمن.
وطالبت حكومة هادي بإرسال قوات برية دولية للتصدي للحوثيين. وقال وزير الخارجية رياض ياسين عبد الله إنه لا يمكنه تأكيد إنزال قوات من التحالف في عدن لكنه قال لرويترز إنه يأمل بشدة أن يكون هذا قد حدث.
وقال متحدث باسم الحوثيين في وقت متأخر أمس الأربعاء إن القتال في عدن أظهر فشل التدخل العسكري السعودي.
وأضاف المتحدث محمد عبد السلام لقناة المسيرة التلفزيونية التي تديرها الجماعة إن "الانتصارات" في عدن تربك تلك الحملة وتسكت الدول "المعتدية".
* القاعدة تحرر سجناء
وقتال الحوثيين ليس سوى أحد الصراعات في اليمن الذي يواجه أيضا حركة انفصالية جنوبية واضطرابات قبلية كما يتمركز فيه فرع قوي لتنظيم القاعدة.
وأجبر القتال واشنطن على إخلاء موظفين أمريكيين من البلاد وهي إحدى ساحات حرب سرية تخوضها الطائرات الأمريكية بلا طيار ضد القاعدة.
وكانت احتجاجات حاشدة في الشوارع عام 2024 قد أجبرت صالح على ترك السلطة لكنه أصبح لاعبا قويا بعد تحالفه مع الحوثيين.
وينحدر الحوثيون من الأقلية الزيدية الشيعية التي ظلت تحكم مملكة في شمال اليمن لمدة ألف عام حتى 1962. وينتمي صالح لهذه الأقلية لكنه حارب لسحق الحوثيين عندما كان رئيسا.
وفي مدينة المكلا الساحلية المطلة على بحر العرب والواقعة على بعد 500 كيلومتر إلى الشرق من عدن قالت مصادر في الشرطة والإدارة المحلية إن مقاتلين يشتبه بأنهم من تنظيم القاعدة اقتحموا السجن المركزي وحرروا 150 سجينا بعضهم من القاعدة.
وذكرت مصادر أمنية أن أحد السجناء المحررين يدعى خالد باطرفي وهو قيادي إقليمي في القاعدة اعتقل قبل أربع سنوات. وقال سكان إن جنودا موالين لهادي اشتبكوا مع مقاتلين يشتبه بأنهم من القاعدة في وقت مبكر اليوم الخميس.
وقال سكان إن مقاتلين جنوبيين يقاتلون الحوثيين منذ عدة أيام في مدينة الضالع سيطروا على المدينة الواقعة على بعد مئة كيلومتر إلى الشمال من عدن لكن الحوثيين يطلقون نيران القناصة من فوق الأسطح.
وذكر سكان أن ضربات جوية نفذت أيضا الليلة الماضية في بلدة شقرة الساحلية التي يسيطر عليها الحوثيون وتقع على الساحل بين عدن والمكلا.