الوكيل – بقيت أيام معدودة على الاستفتاء على انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، لكن مازالت هناك بعض الشكوك والتساؤلات بشأن الإمكانيات الاقتصادية والمالية التي تتيح للدولة الوليدة المنتظرة أن تصمد وتحافظ على سيادتها واستقلالها عندما تقول ‘نعم’ للانفصال.
ولا شك أن الاقتصاد هو العامل الحاسم في موضوع استقلال الدول، إلى جانب بعض الأمور الأخرى المتعلقة بالقومية والتقاليد واللغة.
ويرتكز اقتصاد اسكتلندا على صناعة المشروبات الروحية والسياحة والخدمات المالية، ولكن العامل الأهم في إنعاش استقلال الدولة الوليدة والإنفاق على برامج الخدمات العامة سيكون بالتأكيد النفط.
الناتج المحلي الإجمالي
ثمة مجال لمقارنة الاقتصاد الاسكتلندي بعدد من دول الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، مثل فنلندا واليونان والبرتغال وإيرلندا وسلوفاكيا وتشيكيا وبعض الدول الاسكندنافية، التي تتشابه حتى في مجالات أخرى مثل عدد السكان.
بنهاية العام المالي المنتهي في الربع الأول من العام 2024، بلغ إجمالي الناتج المحلي لاسكتلندا مقارنة مع الدول الشبيهة بها، 148 مليار جنيه استرليني، وهو أقل من نظيره في كل من فنلندا (159 مليار جنيه) واليونان (149 مليار جنيه)، وأكثر من البرتغال (136 مليار جنيه) وإيرلندا (135 مليار جنيه) بحسب إحصائيات العام 2024.
غير أن إجمالي الناتج المحلي الاسكتلندي يقل عن نظيره في إقليم كتالونيا الإسباني، الذي يطالب بالاستقلال عن إسبانيا والبالغ 159 مليار جنيه.
معدلات البطالة في اسكتلندا
بنظرة إلى عدد السكان، يبلغ عدد سكان اسكتلندا حوالي 5.3 مليون نسمة، مقارنة مع 5.4 لكل من فنلندا وسلوفاكيا، وحوالي 5 ملايين للنرويج و4.5 لإيرلندا.
وستكون معدلات البطالة في الدولة الجديدة أقل من نظيرتها في عدد من الدول الأوروبية، إذ تقدر نسبة البطالة في اسكتلندا بنحو 7.1 % مقابل 8.1% في السويد و7.3% في رومانيا و7% في الدنمارك و6.7% في هولندا، بحسب دراسة أجرتها صحيفة ‘غارديان’ البريطانية.
وبالنسبة لبطالة الشباب في الفئة العمرية بين 15 و24 سنة، فهي في اسكتلندا تأتي في موقع متوسط نسبياً، حيث يبلغ معدل البطالة بين الشباب الاسكتلدني 19.2 في المائة، بينما تصل هذه النسبة إلى 21.6 في المائة في سلوفينيا و19.9 في فنلندا و19 في جمهورية التشيك و16.9 في تركيا.
ومن الأسئلة التي تواجه مؤيدي الانفصال عن المملكة المتحدة مسألة ‘الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي’، وفي الواقع يمكن لاسكتلندا مستقلة الانضمام إلى هذه المنظمة الإقليمية، ولكن المسألة لن تكون سهلة، فهي تحتاج إلى موافقة 28 دولة في الاتحاد، ولكن ربما تجد معارضة من دول مثل إسبانيا وبلجيكا ودول أخرى، حيث توجد فيها أقاليم تطالب بالانفصال.
مشكلة ‘العملة’
هل تكون للدولة الجديدة عملة خاصة بها؟ رغم أن دعاة الانفصال يقولون إنهم سيستمرون في استخدام الجنيه الاسترليني، إلا أن الأحزاب الرئيسية في لندن تقول إنها ستمنع مثل هذه الوحدة النقدية وسترفض استخدام أدنبرة للجنيه الاسترليني.
ولكن تظل هناك خيارات أخرى، كالانضمام إلى منطقة اليورو، وهي المسألة التي تحتاج إلى وقت، أو إنشاء عملة خاصة وهي مسألة مكلفة مالياً أو استخدام الجنيه كجزء من اتحاد نقدي مع المملكة المتحدة، أو استخدام الجنيه من دون وحدة نقدية، وهو ما يعني التخلي عن إمكانية الحصول على القروض للحماية من الهزات المالية.
نفط بحر الشمال
بحكم الترسيم الحدودي بين اسكتلندا وإنجلترا، يمكن للأولى أن تحصل على 91 في المائة من العوائد الضريبية على نفط بحر الشمال.
ويقدر الإنتاج اليومي من حقول بحر الشمال من النفط بنحو 866 ألف برميل، بالإضافة إلى وجود نحو 36 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
وحققت اسكتلندا 54 مليار جنيه من عوائد النفط خلال السنوات الست التي تنتهي في العام 2024-2017.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد الخبراء، وعلى رأسهم السياسي البارز والزعيم القومي المطالب بالانفصال أليكس سالموند، وهو في الأصل خبير اقتصادي نفطي سابق، أن هناك ما مقداره 24 مليار برميل من احتياطي النفط مازالت تحت البحر ينتظر أن يتم استغلالها واستثمارها.