الوكيل – يتوقع ان يحتدم الجدل خلال الأيام القليلة المقبلة في الأردن بين نخب السياسة والأحزاب والبرلمان تحت عنوان «التعديلات الدستورية» التي التزم بها رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور علنا عندما كشف النقاب عن حسم مسألة الدورة الاستثنائية الصيفية للبرلمان والتي ستبدأ بإرادة ملكية صباح بعد غد الأحد.
المسوغ للاتجاه نحو تعديلات دستورية هو حصريا كما قال النسور ظهر الخميس على هامش لقاء مع رؤساء التحرير في الصحافة المحلية هو وضع هيكيلية جديدة لأول مرة في المملكة تضمن تنفيذ ما أمر به الملك الهاشمي عبدالله الثاني بخصوص إنشاء «وزارة للدفاع» ومعالجة خطأ دستوري سابق تمثل في تمديد ولاية هيئة الانتخابات لتشمل الانتخابات البلدية وليس البرلمانية فقط.
معنى ذلك عمليا أن الانتخابات البلدية دخلت دائرة الاستحقاق وستنظم قريبا وأن حزمة التعديلات الدستورية كلفت بها حكومة النسور مما يقلص من مساحة تكهنات التغيير الوزاري.
الهدف من تعديلات الدستور هو «حصر» صلاحيات تعيين قادة الأركان والأجهزة الأمنية المركزية في يد «القائد الأعلى» للقوات المسلحة وهو الملك شخصيا، الأمر الذي يعزل مجلس الوزراء عن هذه الصلاحية على أن يتولى شؤون مالية وإدارية تتطلبها وزارة الدفاع الجديدة بعد تشكيلها فعلا.
النسور وصف الخطوات القريبة بانها مقدمة للوصول إلى صيغة متكاملة من «الحكومات البرلمانية» بحيث لا يقف الأمر عند حكومات التشاور البرلماني.
وأفاد بأن التعديلات الدستورية هي خطوة في اتجاه الإصلاح الديمقراطي والسياسي بمعنى ان الانتقال لمستوى حكومة أغلبية برلمانية بالكامل يتطلب إبعاد الصلاحيات العسكرية والأمنية الأساسية عن سياقات الفعالية البرلمانية وأن المسائل «السيادية» الأساسية المتعلقة بالشؤون العسكرية والأمنية ستكون خلف الستارة وبضمانة ورعاية القصر الملكي وبعيدا عن الاعتبارات البرلمانية التي ستتابع بدورها وزارة الدفاع الجديدة كغيرها من الوزارات من حيث الرقابة والثقة وبقية صلاحيات البرلمان الدستورية.
هذا التفسير في خلفية الأجندة الدستورية الجديدة «لا يروق» لبعض النشطاء وأطياف المعارضة التي بادرت ومبكرا للتشكيك بخلفية إلتزام حكومة النسور بمسائل دستورية غير أساسية وعلى فرضية ان المناصب السيادية الكبيرة أصلا لا تقرر إلا بإرادة ملكية.
هؤلاء يحذرون من ان «تكاثر» التعديلات الدستورية في السنوات الماضية باعتبارها بين المؤشرات السلبية التي تهدد الاستقرار الدستوري فيما يرى غيرهم بانها من مؤشرات الحيوية التي يظهرها النظام للوصول إلى هدف ملكي معلن وهو حكومة أغلبية برلمانية غير منقوصة خصوصا وان البرلمانيين الحاليين لا يحظوون أصلا بثقة الرأي العام.
عمليا من المرجح أن تثور نقاشات سياسية حول جدوى وإنتاجية التعديلات التي أعلنت حكومة النسور أنها بصددها في الوقت الذي يشعر فيه الرأي العام بأنها خطوات ضرورية لمواجهة سلسلة مفاجئة من التحديات لم يتم الاستعداد لها سابقا بالصورة المناسبة.
بكل الأحوال لا يمكن عزل الأجندة المرحلية المثيرة الآن في الأردن عن سياقات العمل التقاطعي الإقليمي والأجندات المتفاعلة بالإقليم سواء أتعلق الأمر بالوضع الهيكلي الجديد للمؤسسة العسكرية أو بالتعديلات الدستورية سياسية الطابع.
الخطوات الأخيرة أعقبت نموا مباشرا في مخاوف القرار الأردني من الأخطار المحيطة بعنوان اتجاهات تنظيم الدولة الإسلامية»داعش» فيالعراقوسورية حيث عقدت مؤخرا «جلسات استماع» ونوقشت تقارير تطالب برفع مستوى الجاهزية لمواجهة أخطار محتملة ناتجة عن جماعات متشددة في الإقليم لها «أنصار» ومريدين في جبهة السلفية الجهادية المتسعة في العديد من المدن الأردنية.
لم تقل السلطات ان التعديلات الأخيرة لها علاقة مباشرة بالهواجس التي تثيرها «داعش».
لكن تلك الهواجس متواصلة منذ أسابيع في بنية وعمق الدولة الأردنية وانشغالاتها بعد سلسلة من التحديات المالية والأمنية التي لا يمكن إنكارها في الوقت الذي تراعي فيه التعديلات الدستورية الأردنية نمو آليات التنسيق بين دول صديقة وكبيرة مثلمصروالسعودية. القدس العربي