تخطى إلى المحتوى

الأفكار الخرافية والاعتقادات الخاطئة

  • بواسطة
الأفكار الخرافية والاعتقادات الخاطئة

أولاً: تعريف الخرافة :

خرافة اسم ، ومنها الفعل خَرَفَ ، ويُخَرِّفُ ومُخَرِفُ والمصدر منها الخَرَفُ .

وخَرَفَ كنَصَرَ وفَرَحَ ، ويُقَال خرف أي فسدَ عقله ، والخرافة لغة تشير إلى اسم رجل من بني عدرة استهوته الجن فكان يحدث بما رآى فكذبوا ، وقالوا : حديث خرافة ، ويشار إلى الخرافة بالخزعبلة .

( محمد محيي الدين ، 1959: 135- 176 )

والخرافة ، والتخريف ، ومخرف, كلمات يتداولها الناس بشكل مستمر وهم يرمون بها إلى الكذب والبعد عن الحقيقة واللا معقول , كما يشير البعض عندما يقول انه سمع خبر خرافة , أي أنه خبر كاذب وغير منطقي ومن نسج الخيال , فيقال على كبير السن عندما يشتد به الكبر ويفسد عقله بأنه ((شيخ خرف )) أو أنه أصبح يخرف , أي يهدى في القول , ولا يصح أن يؤخذ قوله على محمل الجد , والخرافة تشير بجميع مفرداتها إلى البعد عن الواقع الموضوعي , وعلى هدا فأن البعد عن الحقيقة الموضوعية يعد من الصفات الأساسية التي تميز الخرافة .

( فريدة محمود إلهامي , 1982: 1)

ويذهب كل من هوراس انجلش وأنا انجلش English & English (1958 : 536 ) فيعرفان الخرافة بالرجوع لمصدرها أو منبعها فيقولان : (( أنها عقيدة شبه دينية أو هي نشاط أو سلوك شبه ديني وعلى وجه العموم هي إما منحدرة من عقيدة دينية سابقة ، أو هي فساد لمثل هده العقيدة ))

أما دوجلاس هل (hill.d ) ( 1968 : 11 ) يعرف الخرافة بأنها (( فلكلور شعبي ، وهي في نظره فرع غير شرعي من التاريخ الديني ويعتبر الخرافات عبارة عن طرق للتنبؤ والتجنب أو التحكم في بعض الأزمات عن طريق وسائل فوق طبيعية وغير عقلية ))

ويعرفها بوشان بوشان Bhushan and Bhushan ( 1987: 11 ) بأنها عبارة عن معتقدات غير منطقية تفتقر إلى الدليل الموضوعي والتجريبي ولكنها تستمر في المجتمع لفترة طويلة .

ويعرف جيمس دريفر (JamesDriver) ، الخزانة ( بأنها عقيدة أو نسق من العقائد قائمة على أساس صلة خيالية بين الأحداث ، وغير قابلة للتبرير على أساس عقلي Rationalgrounds وأرجع كارل يونج الخرافة إلى اعتقاد راسخ في القوى فوق الطبيعية وفي الإجراءات السرية أو السحرية المنحدرة من التفكير الخيالي ، والتي أصبحت مقبولة اجتماعيا) .

( كارل يونج ، 1960: 200 )

أما عبد الرحمن عيسوي فيعرفها بأنها ( بأنها الأفكار والممارسات والعادات التي لا تستند إلى أي مبرر عقلي ولا تخضع إلى أي مفهوم علمي ، سواء من حيث النظرية أو التطبيق )

المفهوم العلمي للخرافة :

هي اعتقاد أو فكرة لا تتفق مع الواقع الموضوعي بل تتعارض معه وليس كل اعتقاد أو فكرة تتعارض مع الواقع الموضوعي تعتبر من الناحية العلمية خرافة ، ولكن يشترط في هدا الاعتقاد أن يكون له صفة الاستمرار .

فهو ليس مجرد خاطر طارئ لموقف وقتي أو تفسير عارض لظاهرة عرضية بل له وظيفة في حياة من يؤمنون به ويستخدمونه في مواجهة بعض المواقف وفي حل بعض المشكلات الحياتية .

( محمود يحيي فهمي : 1995 : 14 )

والخرافة بشكل عام ، يتوفر لها صفات تميزها عن مفاهيم أخرى ومصطلحات مختلفة ، ومن تلك الصفات كما أشير سابقًا أ البعد عن الموضوعية والمنطق ، وسعيها لتحقيق أهداف الفرد بأساليب بعيدة عن العلم والعقل وكذلك احتماءها وراء بعض المفاهيم الدينية والعقائدية وتسترها خلفها، مع التأكيد على أن التفكير الخرافي عندما يصبح مظهرًا أو سمة لشخص ما ؛ فإنه عادة ما يكون مستندًا لقاعدة إيجابية تعزز من التمسك بالتفكير الخرافي لما يؤديه من وظيفة نفسية ، يلجأ إليها الأفراد عندما لا يجدون وسيلة مُثلى لتفسير الأشياء من حولهم تفسيرًا منطقيًا ، فيتصورون مثلاً أنه إذا ما قرأ أحدهم برجه في إحدى المجلات أو الصحف ووجد أن طالعه أو حضه نبأه بمفاجأة سارة في الأيام المقبلة فإنه يمتلئ بهجة وسرورًا ، ويصبح أكثر نشاطًا وحركة لمجرد قراءته لتلك الأسطر ، ويضل كذلك حتى وإن لم تحدث المفاجأة السارة . فالإنسان سريع التأثير نفسيًا سواء في إيجاد بعض الخرافات بالفال الحسن والشؤم أو سرعة الشفاء من المرض أو تفاقمه .

والإيحاء هو التصديق والإيمان بالشيء الذي يقال أو يوحى به بغير براهين تساق ، وبغير أدلة يستعين بها الموحي ؛ فهو سيطرة وجدان على وجدان آخر ، وهو عبارة عن غرس فكرة أو أفكار في ذهن الفرد دون تقديم الأدلة والبراهين .

الفرق بين الخرافة والاعتقاد الخاطئ :

الخرافة تعتبر تفسيرًا غير منطقي يزود من يؤمن به بوسيلة لمواجهة مشكلة لا يعرف صاحبها طريقًا أفضل منها لمواجهة المشكلة .

(شريف يحيي فهمي ، 1995 : 14 )

في حين أن الاعتقاد الخاطئ فكرة أو توجه غير صحيح اتجاه موقف معين يحاول الفرد إيجاد تبريرًا أو تفسيرًا له .

إذا فالخرافة تتميز بعدم المنطقية والبعد عن الموضوعية أما الاعتقاد الخاطئ يتميز بعدم صحته . وهكذا تبدو الخرافة أكثر شذوذًا من الاعتقاد الخاطئ رغم أن الكثير يضمنها معناه . ولكنها في الحقيقة وإن كانت تضمنت دلك المعنى ، فإنها علميا لها استقلالها كمصطلح وكمعنى فهي تشير عادة للتفكير الخرافي الأسطوري ؛ لاقترانها بالقصص والحكايات الأسطورية القديمة .

وهدا ما يدعو لظهور وجهًا آخر للاختلاف بين المصطلحين( الخرافة والاعتقاد الخاطئ ) وهو بأن الخرافة قد تكون أقدم منشأً من الاعتقاد الخاطئ الذي ينشأ مع كل موقف مبهم أو مشكلة جديدة كمثل دلك الاعتقاد الخاطئ الذي ظهر فجأة مع بداية الإعلان لتسويق الهواتف المحمولة لشركة ( ليبيانا ) والقائل بأن ( هواتف ليبيانا للناس التعبانة ) والاعتقاد عادة ما يكون نتيجة تخمينات على أساس غير صحيح وغير واقعي فتكون النهاية اعتقادًا خاطئًا .

… إذن وكأن الخرافة والاعتقاد الخاطئ ينشآن في البداية لتفسير ظاهرة ما تفسيرًا غير منطقيًا ، ولكن الغرض منه آنذاك توفير الأمن والقناعة للنفس ، ليتم التصرف عقب دلك بثقة أكيدة حيال تلك الظاهرة ، إلا أن احتمالية الاستمرار أكثر تكون لصالح الخرافة عنه لصالح الاعتقاد ، لأنه قد ينتهي بانتهاء الظاهرة التي ينشأ من أجلها .

وكذلك قد تتشابك المعاني ما بين ( الخرافة ومفاهيم أخرى كالشائعة والأساطير والعادات والتقاليد وغيرها …. إلخ ) ، فقد تختلف الخرافة عن الشائعة من حيث أن الأخيرة تصدر لتفسير موقف غامض كما هو الحال في حالات الحرب ، وسرعان ما تختفي الشائعة بظهور الأسباب الحقيقية واتضاح الرؤية … والمشيع غالبًا ما يتعمد إصدار شائعته لخدمة أغراض معينة يعلم أنها باطلة ، أما الخرافة فهي تفسير لظاهرة مستمرة يتكرر حدوثها في حياة الناس

(عبد الرحمن عيسوي 18:1984)

والحدود بين الخرافة والأسطورة ليست دائمًا على ما نشتهي من الوضوح وقد تشبه بعض الخرافات الأساطير في الشكل والمضمون إلى درجة الإلتباس ، والتفريق بينهما لا يكون إلا بمعيار القداسة فالأسطورة هي حكاية مقدسة يؤمن أهل الثقافة التي أنتجها بصدق روايتها إيمانًا لا يتزعزع .

( فراس السواح د: ت: 8)

ثانيًا: نشأة الخرافة

لقد كانت بداية نشأة الخرافة مع بداية وجود الإنسان على هده الأرض ، فلقد كانت تنتاب الإنسان البدائي انفعالات وأحاسيس ودوافع متغيرة ومتقلبة تدفعه إلى القيام بأنماط سلوكية متعددة ، فتارة ينزع إلى الجانب العدواني فيميل إلى الاقتتال والمخاطرة ، والهجوم ، وتارة ينتابه شعور عاطفي انفعالي سلبي أو إيجابي فيحثه على الاقتراب أو الابتعاد عن بقية أفراد جنسه ، مما يجعله يعاني من حالة عدم التوازن التي تنتاب النفس البشرية عندما تعايش مواقف نفسية لا تجد لها تفسيرًا .

ولقد حاول الإنسان البدائي قديمًا ، أن يفسر الظواهر النفسية ، مسخرًا لدلك جميع قدراته العقلية البسيطة وتجاربه الحياتية المحدودة ، فأوجد تفاسير تبدو سطحية ،وغير منطقية على الأقل لإنسان هدا العصر ، ولكنها تعتبر تفاسير إبداعية بمنظوره آنذاك ، فكان يعتقد أن كل الحالات الانفعالية التي تنتابه ، يتحكم بها كائن حي آخر ، يوجد بداخله ، قد يكون شريرًا أو خيرًا ، وقد ساعد ذلك التفسير الخرافي للإنسان البدائي في فهم وتفسير ظاهرة الأحلام والموت . فقد كان يعتقد لهدا الكائن الحي القدرة على ترك الجسم والتجول في أماكن بعيدة ثم العودة إليه مجددًا وفي هدا تفسير للأحلام . كما أن له القدرة على المغادرة لجسم الإنسان وعدم العودة إليه ثانية ، وفي دلك تفسير للموت .

( أحمد علي الفنيش وآخرون : د.ت:73)

ومع تقدم الحياة البشرية للأمام وظهور الحضارات ظهرت الكثير من الخرافات والاعتقادات التي تعددت بتعدد جوانب الحياة الإنسانية ( الاجتماعية ، السياسية ، الاقتصادية ، النفسية …. الخ ) الخاصة منها والعامة ، فظهرت الخرافات والاعتقادات الغيبية وما تشمله من مفاهيم { كالأرواح الشريرة ، الأشباح ، الغول ، وقراءة الطالع والأبراج ، وقراءة الفنجان والكف … الخ } وكذلك الخرافات المتعلقة بصحة الإنسان ومرضه فربطت هده الخرافة بين صحة الإنسان وتأثير بعض القوى الوهمية لأشياء عدة، كتأثير الأحجار الكريمة ، وقرون الخروف والغزال ، والخرز الأزرق وما يطلق عليه في اللهجة الدارجة ( الحويتة ، الخميسة ، القرين ) والثمائم ( الأحجبة ) …. الخ فكانت كل هده الأشياء . تبعده عن الحسد والمرض والعين والموت أيضًا ، وتوفر له الحماية من كل سوء . ولكن بتتبع الخرافة وأنواعها ونشأتها يلاحظ أن لكل خرافة نشأة خاصة أو تكوين خاص ، يرجع لأسباب محددة وفقًا للتفسير الذي وضعه الناس لها ، فمثلاً { كان الإنسان قديما يفسر ظاهرة الزلازل على أساس أن الأرض محمولة على قرن ثور ، وأنه كلما شعر الثور بالتعب تولى نقل الأرض من قرن إلى القرن الآخر فتحدث الهزة الأرضية أو الزلازل التي يشعر بها الناس } .

وكذلك هو الأمر إذا ما نظرنا لتلك الخرافة القائلة بالتشاؤم من البوم ، إذا يرجع إلى أن البوم يسكن الأماكن الخربة ، وأنه يختفي نهارًا ويظهر ليلاً .. وكذلك لأن له صوتًا يختلف عن باقي الطيور إذ هو غريب ومزعج أيضًا .

وفي كثير من الأحيان تعمل الصدفة دورًا كبيرًا في نشأة الخرافة ، فنرى مثلاً قارئة الفنجان تقص قصصًا تنسجها من خيالها الواسع تكون بديهية في حياة الإنسان تصدف وتتحقق تلك القصص والمفاجآت ، وقد تخيب أيضًا ، مما يدفع المرء للتصديق والتشبث بلحظة أمل أو بلحظة سارة ، دون التركيز في قدرية وغيبية مثل هده الأحداث وفي واقع الأمر أن الإنسان يبحث عن أي مخرج لينفد منه ويخفف عن نفسه حتى وإن كان مخرجًا خرافيًا .

والتمسك بخرافة ما في حياة بعض المجتمعات قد يكون بسبب أن هده الخرافة أو عديد من الأفكار الخرافية والاعتقادات الخاطئة قد تؤدي دورًا أو وظيفة اجتماعية أو نفسية أو سياسية أو اقتصادية ، والخرافة والسحر والأسطورة ونسق المعتقدات الشعبية عامة ، هو ما يميل إليه علماء الأنثروبولوجيا لتسميته بالنسق الأيديولوجي والمقصود به نسق المعتقدات التي تفسر طبيعة علاقة الإنسان بالكون الممارسات والشعائر المتصلة بهذه المعتقدات ، فالنسق الأيديولوجي هو إذًا نوع من الاستجابة للحاجة التي يشعر بها الناس جميعًا لتحديد معنى وجودهم في الحياة.

( أحمد أبو زيد ، 1979: 534 : 535 )

ثالثًا: انتشار الخرافة:

إن الكثير من المعتقدات والأفكار الخرافية سواء ما كان منها بدائيًا أو ما اتخذ شكلاً آخر ، أصبحت وكأنها واقع يستخدم أحيانًا في مساندة بعض الأوضاع أو النظم الاجتماعية المتبعة في مجتمع ما لتنظيم العلاقة بين الأفراد.

( محمد الجوهري 1978: 300)

ولا يخلو تراث أي شعب من الشعوب من الخرافات سواء كانت هذه الخرافات ضمنت أساطيره أو ممارساته الشعائرية والدينية والسحرية الغير صحيحة ، وقد يرجع استمرار هذه الخرافات إلى أن الجوانب اللا مادية لأي حضارة من الحضارات لا يتم تغييرها بسهولة عند عملية التغير الحضاري.

( فريدة محمود إلهامي 1982: 1 )

ويزداد انتشار الخرافات كلما زادت ظروف الحياة صعوبة ، وكلما زادت الأخطار التي تهدد كيان الجماعة ، أي أن الخرافات والمعتقدات الخاطئة تكثر وتعم وتنتشر بانتشار حالات القلق والاضطراب والشعور بالضعف والعجز عن مواجهة المشكلات الحياتية ومخاطرها.

( نجيب اسكندر إبراهيم، رشدي فام منصور 1962: 21 )

ولا شك أن انتشار الأفكار الخرافية والمعتقدات الخاطئة تشير إلى تخلف المجتمع في الجوانب التي تتناولها تلك الأفكار الخرافية والمعتقدات الخاطئة ، فانتشارها وشيوعها في الوقت الحاضر يرجع إلى الأصل التاريخي الذي تنحدر نته تلك الأفكار وانتقالها من جيل إلى جيل ، ويرجع كذلك إلى عدم الإلمام بالتفكير العلمي وعدم القدرة على دراسة الظاهرة موضوع الأفكار الخرافية والمعتقدات دراسة علمية تجريبية ، وتخص الأفكار الخرافية والمعتقدات الخاطئة إذا اختفت الظروف التي جاءت بهذه الأفكار والمعتقدات الخاطئة لتفسيرها.

( شريف يحيي محمود فهمي ، 1995: 29 )

ومن ذلك يمكن التعرف على أهم الأسباب التي تؤدي إلى انتشار الخرافة وهي كالآتي :

أسباب الخرافات والاعتقادات الخاطئة :-

إن أسباب الخرافات في كثير من المجتمعات تحظى بتأكيد العرف والعادات والتقاليد ، وفي هذه الحالة تحظى الخرافات من شرط التمحيص والنقد كالخرافات التي تكسب تأييدًا بسبب تحريف الدين أو التوسع في كلام العلماء وأهل الرأي ، ونجد من أهم أسباب الخرافات هو عدم قدرتنا في التعامل مع الكثير من مشاكل الحياة سواء كانت هذه المشاكل اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية ، والإيحاء النفسي ودوره في التأثير على المؤمنين بها .

فالخرافات والمعتقدات الخاطئة أصبحت مرتبطة بالتراث الاجتماعي الذي ورثناه عن الأجيال السابقة والذي أثر على أفكارنا وعواطفنا وشخصياتنا وأساليب في الحياة.

( شريف يحيي محمود فهمي 1995.ص19 )

ومن أهم العوامل التي تسبب انتشار الخرافات والمعتقدات الخاطئة:-

الجهل والأمية :-

نرى أنه كلما غرقت قرية من القرى في الجهل كثرت فيها الخرافات ، كما أن أفراد المجتمع القروي يسودهم الاعتقاد في الخرافات والاستسلام للمعتقدات المتوارثة شأنهم في ذلك شأن أي فرد قلق جاهل لا يعرف لماذا تهب الرياح ويعللها بأنها غضب من عند الله تعالى .

( محمد طلعت عيسى 1957 : 18)

وإن للجهل دخلا كبيرًا في التمسك بالخرافات والمعتقدات الخاطئة كما أنها لا يمكن أن تزول بزوال الجهل بل أن لها جذور تاريخية عميقة ، كما ترجع إلى عدم الاستقرار النفسي الذي يعتبر من أقوى الدوافع النفسية .

( حكمت أبو زيد – د.ت.: 28)

أما العلم فإنه يقوم على أساس الملاحظة الدقيقة والتجربة الموضوعية وتقليل الأحداث والظواهر ومعرفة مسبباتها وعلاقتها بغيرها من المتغيرات وتفاعلها مع بعضها البعض ، فالعلم يحاول أن يقضي على الخرافة والمعتقدات الخاطئة وعلى الرواسب المتبقية فينا. فالعقلية الخرافية لا تختفي بمجرد الانتقال من بيئة حضارية متخلفة إلى بيئة حضارية متقدمة بل هي جزء أساسي من التركيب العقلي والنفسي للفرد لذلك يجب علينا الاهتمام بتربية الأطفال في المدارس تربية علمية منذ الصغر.

( حسن صعب 1972: 177 )

وبذلك نتمكن من حماية أنفسنا من عواقب التفكير الخرافي الغير منطقي التي قد نقع فيها كنهاة متوقعة للجهل بحقائق الأمور .

2. الشعور بالخوف والتوتر الانفعالي:-

معناه الفرد من التوتر الانفعالي والصراع والشعور بالتعب والإرهاق والتهيج واضطرابات المعدة والكوابيس الليلية ومن التذبذب الانفعالي والشعور بالنبذ والعزلة والوحدة والبعد عن الحياة والشعور بالقلق والتهديد ، كذلك الاعتقاد بأن الناس الآخرين سيئون وأشرار وأنانيون وعدوانيون والشعور بالغيرة والكراهية والعدوان إزاء الآخرين ، وتوقع أسوء الاحتمالات وعدم الرضا وعدم السعادة … كلها مظاهر للشخصية العصابية والتي تكون أميل إلى التفكير الخرافي . فالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات شعورية وانفعالية تخلف مجالا واسعًا للتأويلات والتفسيرات الخرافية لما يواجههم ويصادفهم في حياتهم .

( عبد الرحمن محمد عيسوي 1974 : 2 )

3. الإيحاء النفسي :-

في الحقيقة أن الخرافة تؤثر في المؤمنين بها عن طريق الإيحاء النفسي بصرف النظر عن التأثير الفعلي للخرافة في حد ذاتها فالشخص الذي يؤمن بالتشاؤم من البوم ، فبمجرد رؤيته للبوم يتشائم لما يحدث له من تغيرات انفعالية . كما قد يقبل الفرد تأثير الخرافات من قبيل التقليد ، عندما يجد أن المحيطين به يؤمنون بها ، وكذلك نجد أن هنالك خرافة شائعة في مجتمعنا مؤداها أن القط له سبعة أرواح ، والمتأمل في هذه الخرافة يجد مرجعها في الغالب إلى أن حركة القط تبلغ درجة كبيرة من المرونة ، بحيث يستطيع التكيف سريعًا مع الصدمات ….

( شريف يحيي محمود فهمي 1995: ص24 )

4. الدور السلبي لوسائل الإعلام:-

حيث أن من العوامل المسببة للخرافات الدور السلبي لوسائل الإعلام المختلفة ولأن التلفزيون هدف فعال ذا تأثير قوي ، ويخاطب كل الفئات والمستويات والعقول سواء كانت متعلمة أو أمية أو ذات مستوى اقتصادي مرتفع أو منخفض ، أما وسائل الإعلام الأخرى ( الصحف والمجلات ) فهي تتجه وتخاطب جماهير متخصصة.

ونوضح هنا دور الإذاعة المرئية على وجه الخصوص نظر لأن الإذاعة المرئية تعتبر وسيلة من الوسائل التعليمية غير المباشرة ولها نتائجها الفعالة نضرًا لقدرتها على تقديم المضمون بحيوية وواقعية مما يزيد من تأثيرها على السلوك والعلاقات الاجتماعية والثقافية .

فالإذاعة المرئية لها تأثيرًا سلبيًا على الفرد بصفة عامة وعلى النشء بصفة خاصة ، فكثير من المسلسلات والأفلام والبرامج التي تعرض من خلالها تحتوي على العنف والجريمة والأنماط السلوكية الخاطئة والعادات والمعتقدات الخرافية وتدعم تلك الأفكار والمعتقدات وهي كافية لخلق السلوك المنحرف ، حيث أن التقليد والمحاكاة واستيعاب المادة الإعلامية الميتوثة إذاعياً تأثيرًا كبيرًا على الناشئة .

( عبد الرحمن عيسوي 1974 : 118 )

ونجد أيضًا أن وسائل الإعلام تتحدث عن تحضير الأرواح والسحر والدجل ومعرفة الطالع واستشارة الفلكيين وقراءة الفنجان والكف والأبراج فأجهزة الإعلام والثقافة تتعرض فقط للفكر الأسطوري و لا تحاول تصحيحه أو إحلال الفكر العلمي محله.

( عبد المحسن صالح 1979 : 362 )

5. تبرير السلوك والدفاع عن النفس:-

حيث أن التأثيرات المؤدية للخرافات تعضد السلوك الذي تفضله ، فإنها تؤيد السلوك الذي نرغب في إصداره على أية حال ، فبعض الناس يبررون اقتناعهم بزيارة الأولياء الصالحين بأنهم يبحثون عن الشفاء وطلب البركة بل يشعرون بالراحة والاطمئنان لما يفعلون . فالناس لا يعدمون حيلة في تبرير ما يرغبون في فعله ، وتبرر الخرافة أيضًا انعدام الفعل أو السلوك إذا كان ذلك مرغوبًا ، فمثلاً عدم إخاطة الملابس فوق صاحبها يبررونها أنهم يرغبون في الحياة أكثر .

رابعًا: التفكير الخرافي والتفكير العلمي:-

التفكير من العمليات العقلية العليا التي تتدخل في كثير من العمليات الأخرى ويتخذ التفكير كثيرًا من الأنماط . وتتضمن هذه العملية الحكم والتجريد والإدراك والاستدلال والخيال والتذكر والتنبؤ كل هذه العمليات أشكال من التفكير ، كما تتضمن أيضًا عملية حل المشكلات التي تعتمد على الأفكار أكثر من اعتمادها على الإدراك وعلى المعالجات الظاهرية.

ويبدو في الظاهر أنه لا يوجد فرق بين وظائف كل من التفكير العلمي والتفكير الخرافي ، إذ أن كليهما يسعى إلى تفسير الظواهر التي تحيط بالإنسان بهدف التحكم فيها وضبطها ، ويؤدي ذلك إلى إزالة حالة القلق والتوتر التي تنتج من الغموض.

ولكن التفكير الخرافي يختلف عن التفكير العلمي أو المنطقي ، ذلك لأنه لا يقوم على أساس إدراك علاقة العلية أو السببية العلمية ، وإن كان يقوم على أساس علية أخرى غير العلية العلمية ، فالتفكير الخرافي يرجع الظواهر الطبيعية إلى أسباب غير طبيعية .

( عبد الرحمن عيسوي 1982 : ص36-37 )

ومن مظاهر التفكير الخرافي لجوء كثير من الناس للمنجمين وقراء الطالع ، يستشيرونهم في أمورهم ، ويطلبون إليهم أن يكشفوا لهم حجب الغيب وما يخبئه المستقبل لهم ، وتنشر الصحف وكثير من المجلات الأسبوعية ما تتنبأ به النجوم عن مستقبل كل فرد . فالتفكير الخرافي يقف عند مستوى الربط بين ظواهر الأشياء المباشرة ، أي بين بدايات ونهايات الأحداث ويرجع ذلك إلى فكرة الحركة الذاتية التي ظلت تكمن في الأشياء وإلى القوة الغيبية التي تفسر أي شيء وتوحي للإنسان بأنه مجرد الالتقاء أو التتابع بين الظواهر يشكل صفة علية وهذا يعني أن السبب ( العلة ) قوة وقدرة علة خلق أو إحداث شيء آخر أو ظاهرة أخرى ( المعلول ) . أما التفكير العلمي فإنه يقوم على تتبع الأحداث في الزمان والمكان ، وتنظيم الملاحظة ، وتسجيل كافة العلاقات التي تحيط بالظاهرة موضوع البحث . ولا يذهب التفكير العلمي إلى تحديد العلة بالمعنى البسيط الساذج الذي ينطوي عليه التفكير الخرافي ، وإنما العلية في التفكير العلمي تعني إدراك الظاهرة في علاقاتها المختلفة المتغيرة ؛ ومعنى هذا أن التفكير العلمي لا يكتفي بربط المظاهر المباشرة للظواهر ولا بين البدايات والنهايات في الأحداث وإنما يهتم بتشبع العمليات والتغيرات التفصيلية التي تنطوي عليها الظواهر موضوع البحث.

( الدمرداش سرحان ، منير كامل 1909 39، 40)

وبالنظر إلى التفكير نجد أنه يبت في الأمور بشكل حاسم ونهائي وإن كان خاطئًا . أما الاتجاه العلمي فإنه يمتاز بإمكان تأجيل الحكم والنظر للمشكلات من جميع جوانبها وزواياها ، وجمع المعلومات والأدلة والشواهد والتمحيص ، وعدم القفز في إصدار الأحكام .

وإن تطور التفكير البشري يعبر في الواقع عن تزايد في إدراك الإنسان للترابط بين الحوادث ، والتداخل بين الظواهر المختلفة في الطبيعية وقد أدي هذا الاتجاه إلى تراجع المفهوم الساذج للعلية ، ونعني بالعلية المعنى الخرافي . ومعنى هذا أن تقدم التفكير العلمي تزايد في إدراك الإنسان للعلاقات في الكون ، ويعني هذا بدوره تراجعًا للتفكير الخرافي . والتقدم العلمي يؤدي إلى تراكم الحقائق العلمية مما يؤدي إلى انزواء المعتقدات الخرافات واختفائها تدريجيًا.

( نجيب اسكندر إبراهيم – رشدي فام منصور 1962: 48)

سادسًا: مجالات الخرافة

إن التفكير الخرافي يأخذ طابعًا محددًا حسب الموقف الذي صدر عنه أو الظاهرة التي يفسرها وهو بذلك يتوقف عند طبيعة حياة الإنسان ومواقفها وأحوالها .

وفي محاولة بسيطة من الباحثات سعت لوضع خط سير تسير وفقه خطوات البحث التالية وتسهل بعد ذلك عملية تصنيف الفقرات ، إذ تم تصنيف الخرافة والاعتقاد الخاطئ إلى ستة مجالات تضمنت أهم جوانب حياة الفرد وبصفة عامة في المجتمع المحلي وبصفة خاصة وتلك المجالات كالتالي :

الخرافات والاعتقادات الخاطئة المرتبطة بمجال ( الحياة الاجتماعية )

هنالك بعض الخرافات التي تتعلق بالحياة الاجتماعية والتي تؤثر على علاقاتنا مع الآخرين ونتعامل مع هذه الخرافات على أنها منزلات أو معطيات مطلقة فتعامل مع الظواهر والعلاقات الاجتماعية على أنها تجيء وتحدث اعتباطًا أي أنها قدرية ومنزلة وأصبحت وكأنها واقع يستخدم أحيانًا في مساندة بعض الأوضاع والنظم الاجتماعية المتبعة في مجتمعنا لتنظيم العلاقة بين الأفراد فيما يخص بالعلاقات النوعية بين الذكر والأنثى وبقدر ما تكون هذه العلاقات جامدة بقدر ما تتجه للاستناد إلى الأفكار الخرافية الغير منطقية.

مثال/

الحسد يسبب المرض للإنسان:

حيث يرجع البعض المرض لعين حاسده ولكن الحسد ليس سببًا في إصابة الإنسان بالمرض لأن مسببات الأمراض معروفة طبيًا وتعتمد على الفحوص والتدليلات وليس عين حاسدة ، حيث أن الحسد يعود إلى الغيرة من عدم امتلاك أو عدم الوصول إلى الغاية التي وصل إليها الآخرون أي حالة من الشعور بالنقص المادي والمعنوي الذي سبب العجز للحاسد فلا يستطيع أن يتغلب عليه فهو لا يرى وسيلة لتعويض نفسه ليصل إلى درجة التساوي بالآخرين أو التفوق عليهم بأن يتمنى لهم الشر وفقدان ما يمتلكون وهو بذلك يحسدهم .

الخرافات والاعتقادات الخاطئة المرتبطة بمجال ( الغيبيات )

في الحقيقة أن كل إنسان يسلم بأن كل شيء في هذا العالم يخضع لإرادة الله ولكنه يعتقد مع ذلك أن كل شر أو خير يمكن أن يصيب الإنسان يرجع إلى العلاقة بين الإنسان والجن والعفاريت والأسياد والأرواح الشريرة أو أي قوة خفية أخرى دون التفكير الإيجابي والواقعي بصحة هذه الأشياء أو عدمها مهما بدت في تفسير الظواهر الطبيعية وفي حل مشكلات الحياة اليومية.

مثال/

الاعتقاد السائد عند بعض الناس بإمكان الاطلاع على المستقبل من خلال قراءة الكف والفنجان.

نجد الكثير من الناس يهتمون بقراءة الأبراج والكف والفنجان ويقتنعون بما ينتج عنها من خير أو شر، كذلك تأكيدة من قبل المجلات والجرائد أن تكون الأبراج أحد المواد التي تعرض فيها ولذلك فهم يؤمنون بدور الحظ في حياتهم و يستطلعون ذلك عن طريق الأبراج ولكن هذه الخرافة ليس لها أساس منطقي وهي أمور تتعلق بعلم الغيب ) وما يعلم الغيب إلا الله ( وكما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( كذب المنجمون ولو صدقوا )

الخرافات والاعتقادات الخاطئة المرتبطة بمجال(الصحة والمرض)

إن أغلب الخرافات المتعلقة بالصحة والمرض وطريقة العلاج أيضًا ، يرجع تاريخها إلى الأفكار التي راودت عقل الإنسان القديم الذي عاش قبلنا آلاف السينين ، ولقد اعتقد أن ما يصيب الإنسان من أضرار وأمراض ليس إلا نتيجة عين شريرة أو روح خبيثة ، أو من الجن أو انتقام من آلهة بسبب ذنوب وأعمال ظالمة ، أو عدم توافق أفلاك البروج واختلال مطالع النجوم ، أو أي قوى خفية أخرى كانت لها في خياله مفاهيم كثيرة .

( عبد الحسن صالح . 1988: 390)

كما يرجع اعتقاد الإنسان الخاطئ فيما يخص حاله من حيث الصحة والمرض إلى عدم معرفته بطبيعة الأمراض وكيفية علاجها العلاج العلمي المناسب .

مثال/
لبس سلسلة من المعدن تشفي من مرض الروماتيزم

يوجد اعتقاد سائد حتى الآن أن لبعض المعادن والأحجار الكريمة قدرة تؤثر على جسم الإنسان فيصدر بعضها دبدبات لها فاعليتها في علاج بعض الأمراض الجلدية وأمراض العظام وخاصة تلك التي تحتاج إلى وقت طويل ليتم الشفاء والروماتزم هو إحدى هذه الأمراض المزمنة ، وعدم مواظبة المرضى على أخذ الدواء يدفعهم للتصديق بقدرة سلسلة من المعدن ( تفكير خرافي ) على الشفاء من مرض يدوم طويلاً كالروماتيزم

الخرافات والاعتقادات الخاطئة المرتبطة بمجال ( التفاؤل والتشاؤم)

تصنف بعض الخرافات في مجال التفاؤل والتشاؤم حيث أن العقلية الخرافية غالبًا ما تعتاد رؤية بعض الأشياء التي تعطيه صبغة تشاؤمية كربطها بالسواد مثلاً بحيث يصبح أي شيء حالك السواد مدعاة للتشاؤم ( كالتشاؤم من قط أسود أو غراب أسود ) كما يرجع التشاؤم أحيانًا من شيء معين لربطه بخبرة انفعالية بيئية كالتشاؤم من يوم معين حدث فيه حادثة غير سارة أو رقم معين لتاريخ حادثة مؤلمة أو غير سارة)

كما يلاحظ أن الأفراد ينتقون بعض الأشياء التي يجعلونها رمزًا للتفاؤل وربطها بخبرات مفرحة ومرغوبة كالاستعانة بحجر كريم أو معدن ثمين والاعتقاد بمدى قدرته على إحداث خبرات سارة في حياة الفرد أو دفع الضرر عنه ( كارتداء الخرزة الزرقاء للحماية من العين والحسد ).

الخرافات والمعتقدات الخاطئة المرتبطة بمجال ( الخطبة والزواج )

هناك الكثير من الخرافات التي نجدها في فترة الخطوبة وفي الحياة الزوجية ، حيث نجد بعض النساء في تعاملهن مع أزواجهن وفي تنشئة أطفالهن تلجأ إلى بعض الخرافات والاعتقادات الخاطئة وذلك نتيجة جهلها بالأساليب العلمية والمنطقية الصحيحة بما يخص الخطبة و الحياة الزوجية لتلافي المشاكل ودرء الخطر المتوقع بالطرق المنطقية .

مثال /
عدم زواج البنت سببه سحر
حيث يعتقد بعض الناس أن تأخر زواج بناتهم قد يكون سببه السحر، ولكن في الواقع هناك أسباب أخرى كأسباب اجتماعية كغلو المهور وأسباب اقتصادية كمشكلة السكن , وثقافية كالفروق في المستوى التعليمي والفارق العمري .هده الأسباب قد تؤدى إلي تأخر سن الزواج أو عدم حدوثه .

الخرافات والمعتقدات الخاطئة المرتبطة بمجال ( الحمل والولادة )

حيث يفتقر العديد من الناس للأساليب الصحيحة لمواجهة معالجة مشكلة أو أمر ما يهمهم في مجال الحمل الولادة ويكون أكثر استعدادًا لقبول الخرافات التي تساعدهم في مواجهة المشكلة وحلها والذي يرجع إلى عدم الاطلاع على مثل هذه الأمور التي هي جزء مهم جدًا من حياة الإنسان .

مثال/
المزار يفيد في علاج العقم عند السيدات

فالمرأة مثلاً التي تشعر بالقلق لعدم قدرتها إلى الإنجاب قد تلجأ إلى المزار أو السحر أو الأحجبة لتحقيق بغيتها خاصة إذا كانت تجهل الحقائق العلمية الخاصة بالحمل والولادة وقد تلجأ للأساليب الخرافية إذا عجز الطبيب عن تقديم العلاج المناسب لها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.