وبحسب مراقبين، فإنه لم تعد مهمة الجيش الجزائري على الحدود الجنوبية للجزائر التي تمتد على مسافة 2800 كلم محصورة في حماية الحدود ضد الجماعات الجهادية التي تنشط في شمال مالي فقط، فقد دخلت قوات الجيش الجزائري منذ سنتين في حرب جديدة ضد مهربي الوقود إلى دول الجوار الإفريقية مالي والنيجر وموريتانيا.
وأشارت بيانات صحفية أصدرتها وزارة الدفاع الوطني بين شهري يوليو/ تموز 2024 ومارس/ آذار2020 إلى 21 عملية عسكرية استهدفت قوافل مهربي الوقود عبر الحدود البرية الجنوبية للجزائر.
وأوضح أحد هذه البيانات نُشر على موقع وزارة الدفاع الإلكتروني مؤخرا إلى أن "فرقة للجيش الوطني الشعبي تابعة للقطاع العملياتي لتمنراست (جنوب) بإقليم الناحية العسكرية السادسة، قامت في يوم 12 مارس (آذار)2020 بتوقيف ثلاثة مهربين وحجز شاحنة وكمية من الوقود تقدر بـ(14200) لتر وجهاز اتصال عن طريق الأقمار الصناعية".
وتتشابه البيانات الـ 17 في موضوع حجز كميات كبيرة من الوقود على الحدود الجنوبية للجزائر فيما يظهر وكأنها حرب غير معلنة يشنها الجيش الجزائري ضد مهربي الوقود.
وقال بوغزيل علام الله وهو محام يرافع في قضية يتهم فيها 6 مواطنين جزائريين بممارسة التهريب من قبل محكمة تمنراست (2000 كلم جنوب الجزائر) إنه "ألقي القبض على موكلي في موقع صحراوي على الحدود مع دولة مالي من قبل قوة تتكون من الجيش الوطني الشعبي والدرك الوطني، ويواجه موكلي عقوبة تصل إلى السجن سنتين".
وأضاف المحامي في تصريحات صحفية له عن قضايا تأسس فيها للدفاع عن متهمين بممارسة التهريب "في إحدى قضايا تهريب الوقود أدين المتهمون من قبل محكمة ورقلة (جنوب) بالسجن 15 سنة حيث ضبط لديهم الجيش الجزائري أسلحة حملوها من أجل التصدي لقوات الجيش".
وتابع بوغزيل "يستعمل المهربون سيارات رباعية الدفع يابانية تحمل عبوات وقود وفي بعض الأحيان شاحنات".
وقال عبد العالي بن محمد، تاجر يعمل في الاستيراد والتصدير بمحافظة تمنراست: "قبل اندلاع الحرب في شمال مالي عام 2024 كانت قوات الجيش الوطني الشعبي والأمن أقل تشددا مع مهربي الوقود إلا أن الحرب في عام 2024 ثم التدخل العسكري الفرنسي في عام 2024 دفع الحكومة (الجزائرية) إلى اتخاذ قرار بغلق الحدود الجنوبية مع كل من مالي والنيجر".
ومضى بالقول "تم هذا (غلق الحدود) في أبريل (نيسان) 2024، ثم إلى تشديد الرقابة على الحدود بعد التدخل العسكري الفرنسي في شمال دولة مالي".
وتسبب قرار غلق الحدود البرية مع دولة مالي عام 2024 في متاعب كثيرة لتجار أقصى جنوب الجزائر كما بن محمد "لقد اضطر بعض المواطنين نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة للعمل لدى المهربين".
ويستغل المهربون الفرق الكبير في سعر الوقود بين الجزائر وجيرانها في الجنوب للتربح حيث يعد سعر الوقود في الجزائر أقل ب5 مرات منه في النيجر ومالي وموريتانيا، ولا يزيد سعر 1 لتر من وقود الديزل في الجزائر عن 13 دينارا (0.13 دولار أمريكي)، بينما يبلغ سعر 1 لتر من البنزين 23 دينارا (ربع دولار) تقريبا.
فيما يبلغ سهر 1 لتر من البنزين قرابة 2 دولار في مالي وسعر 1 لتر من وقود الديزل قرابة 1.5 دولار، بحسب بن محمد.
وقال علول جعفر، صاحب محطة لبيع الوقود في مدينة تمنراست: "فرضت شركة نفطال الحكومية المكلفة بتوزيع الوقود في شهر فبراير (شباط) عام 2024 بأمر من الحكومة مجموعة من الإجراءات لمنع تهريب الوقود وأهمها تحديد كمية من الوقود لكل سيارة أو شاحنة في أقصى الجنوب، بالإضافة إلى منع بيع الوقود لمن لا يملك سيارة أو شاحنة".
وتابع "لكن التهريب تواصل".
وقال عضو المجلس المحلي في محافظة تمنراست، مزهد عطاء الله،: إن "السلطات تعتبر تهريب الوقود إلى دول مالي والنيجر وموريتانيا عملا عدائيا بسبب وصول الوقود المهرب في النهاية إلى الخارجين عن القانون في شمال مالي وهم مهربو السلاح والجماعات الجهادية، وهو ما يعني الإضرار بالأمن القومي للجزائر".