ذكر التقرير الذي صدر مؤخراً عن معهد التمويل الدولي أن ميزان الحساب الجاري للكويت في العام المقبل الأكثر تعرضاً لتداعيات تراجع النفط بنسبة %25 بين الدول جميعها المصدرة للنفط.
وأضاف التقرير أن تأثير هذا الانخفاض على ميزان الحساب الجاري للكويت في2020 سيبلغ أكثر من %12 كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما سيؤثر في ميزان الحساب الجاري للمملكة العربية السعودية بنسبة %11.
كما لفت معهد التمويل الدولي في تقريره الذي حمل عنوان: «بعد السقوط – تداعيات تراجع أسعار النفط» الى أن الكثير من منتجي النفط في العالم سيواجهون ضغوطا كبيرة تتعلق بميزانياتهم. بينما يصل سعر نقطة التعادل المالية في معظم الدول النفطية إلى أكثر من 80 دولارا للبرميل الواحد، باستثناء قطر والكويت والإمارات. وبالتالي يتوقع التقرير في حال تراجع متوسط أسعار النفط دون 80 دولارا للبرميل في العام المقبل، أن يزيد انخفاض إيرادات النفط بشكل كبير من الضغوط المالية على هذه البلدان.
من جانب آخر، قال التقرير ان الدول الأشد تأثراً تضم إيران وليبيا والعراق ونيجيريا وروسيا، التي تتراوح ما بين اعتماد كبير على إيرادات النفط، وعجز مالي موجود مسبقا، واحتياطيات محدودة. الكثير من هذه الدول كما يرى معهد التمويل الدولي بحاجة إلى خفض إنفاقاتها الحكومية بشكل حاد، على الرغم من أنه قد يتوافر لديها بعض الاحتياطي في حال خفضت فاتورة دعم الطاقة. وللاستفادة من تراجع أسعار النفط، قررت اندونيسيا تخفيض دعم الوقود، بينما ارتأت ماليزيا التخلي عن نظام دعم الوقود. على العكس من ذلك، تملك الكويت والسعودية وقطر والإمارات احتياطيات مالية كبيرة تمكنها من الاستمرار بخطط الإنفاق أقلها على المدى القصير. كما أضاف التقرير أن السعودية والكويت وقطر والإمارات والجزائر، على وجه الخصوص، تملك مصادر كافية للاستمرار في خطط إنفاقها الحكومية الحالية، مشيراً إلى أن النمو بشكل عام في هذه الدول من المتوقع أن يتراجع بمعدل بسيط من 4.1 في المئة في 2024 إلى 3.4 في المئة في2020. أما تراجع أسعار النفط فسيقضي إجراء تحول كبير في الميزان المالي المجمع لدول التعاون، من فائض بنسبة 11 في المئة في 2024 إلى عجز بحوالي 2 في المئة في2020. أما الميزان المالي للإمارات والكويت وقطر فسيظل يشهد فائضاً، ولو بمستوى أقل بكثير من السنوات الماضية، نظرا إلى نقطة تعادل الأسعار المالية المنخفضة نسبياً. كما توقع التقرير أن يستمر الفائض في الحساب الجاري لكل من الكويت والإمارات والسعودية وقطر في غضون العامين المقبلين، ولو بحصة أقل بكثير، ويتوقع أن تحافظ هذه الدول على ربط عملتها بالدولار.
من جهة ثانية، أشارت البيانات الصادرة في التقرير إلى أن الكويت تحتل المرتبة الثامنة عالمياً والثانية خليجياً بعد السعودية في دعم الطاقة على مستوى العالم، وتزيد النسبة على 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
في غضون ذلك، قال التقرير إن السبب الرئيسي وراء هبوط أسعار النفط هو تدفق العرض، إلى جانب القرار الاستراتيجي الذي اتخذته منظمة أوبك بعدم تقليص إنتاجها. وأضاف أن النتيجة هي تحول القوة الشرائية من المنتجين إلى المستهلكين الذين لا بد أن يقدموا دفعة كبيرة للطلب العالمي في وقت تشهد الأسواق طاقة فائضة. كما يوفر تراجع الأسعار فرصة أوسع أمام تقديم إجراءات سياسية نقدية داعمة في عدد من الاقتصادات، إضافة إلى تخفيض دعم الطاقة. وعلى فرض استمر انخفاض الأسعار بشكل كبير، تشير تقديرات المعهد إلى أن صافي تأثير ذلك سيكون على شكل ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحوالي نصف نقطة مئوية في عامين.
رابحون وخاسرون
يعتقد تقرير معهد التمويل الدولي أن أكبر المستفيدين من تراجع أسعار النفط هو الدول التي تعتمد على استيراد النفط، ولديها مكاسب تجاربة مثل منطقة اليورو واليابان. كما سيحصل الاقتصاد الأميركي على دفعة قوية هو الآخر نظرا إلى اعتماده الكبير على الطاقة. وبالنسبة إلى الأسواق الناشئة، ستكون الصين وكوريا وتايلند من بين كبار الفائزين.
على النقيض من ذلك، سيشهد كبار مصدري النفط الذين يعتمدون جلياً على إيرادات الطاقة مراكز حسابات جارية أضعف من السابق، وضغوطا كبيرة على ميزانياتهم. أما بالنسبة الى معظم دول التعاون فلديها أصول متكدسة تمكنها من امتصاص آثار تراجع الأسعار، لكن دولا أخرى ذات موجودات أقل ستجد نفسها مضطرة إلى تقليص إنفاقها، وستواجه ضغوطاً تتعلق بأسعار الصرف. أما أكثر الدول المعرضة لتداعيات النفط فهي إيران والعراق ونيجيريا وروسيا وفنزويلا.
بالنظر لاحقاً، يقول المعهد إنه خفض توقعاته لأسعار النفط، ويتوقع أن يصل متوسط سعر برميل النفط في النصف الأول من العام المقبل إلى 75 دولارا للبرميل، ليرتفع بعد ذلك إلى 85 دولارا للبرميل في نهاية2020.
ويعتمد التقرير في تقييمه الرئيسي هذا على أن «أوبك» ستستمر في نهجها بعدم الاستجابة بقوة إلى الاختلال الحاصل في سوق النفط، ففي الاجتماع الأخير أكدت المنظمة مجدداً على أن هدفها إنتاج 30 مليون برميل يوميا، مما أحبط بعض الأعضاء الذين أعربوا عن أملهم في تقليص الناتج لرفع الأسعار. هذا وينتج بعض أعضاء المنظمة، لا سيما إيران وليبيا حاليا، دون مستوى الأهداف المشار إليها مسبقا. وبالتالي هناك تخوف من أن تزيد هذه البلدان إلى جانب العراق إنتاجها، مما سيفاقم من ضغوط الأسعار.
ولفت التقرير إلى أن استراتيجية «لا للتخفيض الحاد» في إنتاج أوبك التي صاغتها السعودية، طغت على الاجتماع الأخير بشكل لم يثر الدهشة. والجدير بالذكر أن السعودية بعد مفاوضات مع فنزويلا وروسيا والمكسيك، ودول خليجية أخرى قبل الاجتماع، كانت مقتنعة بأن تراجع سعر البرميل هو اتجاه بحت للسوق مبني على أساسيات، هذه الأخيرة ستتغير في النهاية لمصلحة استعادة توازن الأسواق.