الوكيل – بعد طول انتظار، وبضغط مباشر من هيئة الأوراق المالية، أفصحت شركة مصفاة البترول الاردنية عن بياناتها المالية لعام 2024.كانت المفاجأة الأكبر من معاينة البيانات المالية المعقدة والمتشابكة، قيام الحكومة بتعويض شركة مصفاة البترول المملوكة من القطاع الخاص عن الخسائر الناجمة عن رفض دخول شحنة اسطوانات الغاز المخالفة للمواصفات والمقاييس. أي أن قرار الحكومة رفض دخول الشحنة الى البلاد واعادة تصديرها الى الخارج، قد ترافق مع قرار حكومي آخر بتعويض شركة مصفاة البترول عن أية خسائر يمكن أن تترتب على القرار الحكومي الأول! أي أن المصفاة تخطئ، والحكومة تدفع الثمن! واذا كانت شركة مصفاة البترول قد أخطأت أو تعرضت لخسائر غير متوقعة نتيجة استيرادها اسطوانات مخالفة، أو أن عقودها مع البائعين والموردين لم تحمها من الغش والتلاعب، فهل يكون الحل أن تتحمل خزينة الدولة وأموال دافعي الضرائب تلك الخسائر المنوطة بشركة خاصة هي شركة ‘مصفاة البترول الاردنية المساهمة العامة’ ؟؟ولماذا لا تتحمل ‘المصفاة’ هذه الخسارة التي لا ذنب للمواطن والحكومة فيها؟، وهل تنقص الحكومة أولويات الانفاق العام حتى تذهب نحو تحمل خسارة ناتجة عن خطأ لا يتحمل مسؤوليته سوى ادارة شركة مصفاة البترول الاردنية ؟باستعراض المعطيات السابقة، تكون قضية اسطوانات الغاز قد تحولت من قضية تمس الأمن الوطني والسلامة العامة، الى قضية تمثل اعتداء على المال العام، وخسارة مباشرة لخزينة الدولة وما تمثله من جيوب رعاياها المواطنين.الوصول الى نتيجة أن الحكومة تحملت خسارة الاسطوانات لا يحتاج أكثر من تصفح ومعاينة البيانات المالية الصادرة عن شركة مصفاة البترول، حيث يظهر بوضوع قيام الحكومة بدفع مبلغ 136 مليون دينار للشركة بغية وصولها الى الربح السنوي المستهدف بواقع 15 مليون دينار.حيث أن اتفاقية التسوية بين الحكومة والشركة تنص على أن الربح المستهدف للشركة يجب أن يصل الى 15 مليون دينار، بحيث تحول المصفاة أي فائض فوق الـ 15 مليون دينار الى الحكومة، بينما تعوض الحكومة الشركة في حالة الخسارة بمبلغ مالي يوصل ربحية المصفاة الى 15 مليون دينار.السنة الماضية 2024، حققت شركة مصفاة البترول خسارة مقدارها 104 ملايين دينار تضمنت مخصصات اسطوانات الغاز غير المطابقة للمواصفات والمقاييس بواقع 5 ملايين دينار. الحكومة من جهتها غطت مجمل الخسارة السابقة بالاضافة الى الـ 15 مليون دينار التي يجب على الشركة الوصول اليها كأرباح صافية حسب اتفاق التسوية مع الحكومة. أي أن المصفاة لم تتكلف قرشا واحدا نتيجة استيرادها اسطوانات الغاز المخالفة وعدم قدرتها على تحصيل حقوقها من المورد بعد بيان المخالفة في المواصفات والمقاييس الفنية.كان الأجدر بالحكومة هذا العام، وبهدف حماية أموال الخزينة، أن تعدل اتفاقية التسوية السنوية مع شركة مصفاة البترول وبحيث تستثنى خسائر اسطوانات الغاز المخالفة من الخسائر التي تغطيها الحكومة للشركة.هذا مع العلم بأن تحقيق المصفاة ربحا بواقع 10 مليون دينار بعد استثناء خسارة الاسطوانات، يبقي معدل ربحيتها مقارنة بحقوق ملكيتها عند مستوى مرتفع جدا بواقع 20 %.بالمقابل، تأتي خسارة الحكومة لـ 5 ملايين دينار، على حساب خدمات اجتماعية واولويات وطنية لا تقدر بعائد، مثل دعم البنية التحتية ومكافحة الفقر وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية لذوي الدخل المحدود.الحكومة مطالبة بتصحيح الموقف لمصلحة المال العام وعموم الاردنيين.
الحكومة تعوض «المصفاة» عن خسارة اسطوانات الغاز المخالفة