تخطى إلى المحتوى

الشريط الثقافي

الشريط الثقافي
يتداول أشخاص لا ينتمون الى الإبداع الأدبي أو الفكري «شريطا ثقافيا»، يحمل كلاما قيل في ندوة عامة من مبدع حقيقي وأكاديمي عميق، وإنسان نقف خجلا أمام أخلاقه، يتهمونه فيه بخيانة البلد، والمطالبة بعقابه وتأليب مسؤولين عليه، ليصوبوا سلاحهم نحوه، العبارة التي قيلت هي «المسرح السياسي مرفوض في العالم الثالث، لأنه يدعو للتغيير»، وهي عبارة لا تحمل غير معناها الواضح، الذي لا يحتمل أي تأويل، لكن الغريب أن يدور «الشريط الثقافي» على بعض الفنانين والمثقفين ليسمعوه وينددوا بما جاء فيه، لحشد مؤيدين في تحريف الحقائق، في تصرفات تخلو من بُعد أخلاقي وإنساني، بينما الواقع أن المقصود بالشريط الثقافي ليس الدكتور المتحدث بالندوة، وإنما استُخدم «الشريط الثقافي» كجسر لمحاربة غيره، وزج الدكتور ككبش فداء، من أجل تصفية حسابات.

الشريط الثقافي تم تفريغه، وأخذ حكم البراءة ممن سمعوه، ولم يفت الامر على وزير الإعلام، فأوراقهم مكشوفة أمامه.

المؤلم أن يكون من ضحايا ألغام الحرب الباردة على المناصب والكراسي رجل شريف ومبدع حقيقي، المؤسف أن الثقافة في البلد تشهد احتقانا يشبه الاحتقان السياسي، لأن الوضع العام يشجع على ذلك، حتى تثبت براءتك أو لا تثبت، وإن لم تكن تحمل شريطاً يثبت براءتك فربما سيجدون لك شريطا يزعم إدانتك، وعلى كل منا أن يحمل شريطه بيده يوم لا ينفع فكر ولا إبداع في دفع تهمة الخيانة العظمى عنك.

وهذه حال الثقافة في البلد، يراد لها من غير المبدعين ومن تجار شنطة الأدب، ومن ليس لهم منصب رسمي ولا صوت مسموع فيها، أن تنشغل بعيدا عن همومها الحقيقية وهواجسها المتشابكة وقضاياها الشائكة، واقحامها في قضايا الخصومات الثقافية، وارسال أحكام ناقصة لجرها إلى مستنقع السياسة الآسن، لأن أحدهم ربما كان له مصلحة من ذلك، حيث الغاية تبرر الوسيلة.

هذه الفيروسات بحاجة إلى مبيدات من الوعي البالغ لمكافحة انتشارها، وإلى وقفة حازمة تسألهم «من أنتم؟»، وإلى حصارها في بيانات ترفض نهجها وتكذبه، ولا تقابل بسلبية من المبدعين المنتمين إلى الحقل الأدبي والفني.

هؤلاء يريدون أن يحولوا البلد برمته إلى ساحة لتصفية حسابات شخصية، لأن الكرسي استعصى عليهم، وبلغت العداوات أوجها في سعار «عداوة الكار».

منى الشمري

@monaalshammari

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.