ربط محللون عراقيون بين توقف الجيش العراقي عن محاولاته لاستعادة تكريت، وخشية قيادته من موقف معاد للجيش من قبل العشائر في المدينة ذات الأغلبية السنية، ويستند المراقبون إلى ماقامت به ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية وعدد من الجنود العراقيين من مجازر بحق مدنيين سنة في مناطق سبق استعادتها من داعش.
ويأتي ذلك في وقت تضاربت فيه روايات قادة الجيش العراقي ومسؤولين بارزين، بشأن أسباب توقف الهجوم لاستعادة تكريت من قبضة داعش، بعد أسبوعين من انطلاق العملية العسكرية في محافظة صلاح الدين.
وبرر قادة الجيش قرار وقف الهجوم بخشيتهم من استخدام داعش لأسلحة كيميائية، ضد قوات الجيش ومليشيات الحشد الشعبي، وهو ما يتناقض مع تصريحات سابقة لنائب وزير الخارجية العراقي بأن الجيش استعاد مجمعات بقايا الأسلحة الكيمائية من قبضة داعش.
وكان محمد جواد الدوركي، ذكر لمندوبين في مؤتمر بشأن الأسلحة الكيماوية عقد في لاهاي في الثاني من ديسمبر الماضي، أن "الجيش العراقي استعاد من مسلحي داعش مجمعا كان يتم فيه تخزين بقايا الأسلحة الكيماوية التي تعود لصدام حسين في مخابئ حصينة".
وكان الدروكي قد أضاف آنذاك مؤكدا أن "متشددي الدولة الإسلامية الذين استولوا على مناطق بمحافظة صلاح الدين في هجوم خاطف في يونيو حزيران الماضي، لم يتمكنوا من اختراق الملاجئ الحصينة"، في تأكيد على أن التنظيم لم يتمكن من الحصول على أية أسلحة كيميائية من المحافظة.
ولم يتسن لـ "إرم" الـتأكد من حقيقة الأسلحة الكيميائية التي يمتلكها داعش حالياً، وهل هي نفس الأسلحة الكيميائية التي ذكر الوزير العراقي أن الجيش استعادها من داعش سابقا، أم هي أسلحة جديدة حصل عليها التنظيم مؤخرا من أماكن أخرى لم يتم التصريح عنها رسميا.
وعلى صعيد آخر نقلت وكالة رويترز للأنباء، اليوم، عن مصدر أمني في الجيش العراقي، تأكيده على أن "القوات العراقية لن تتقدم في تكريت حتى تصل تعزيزات من الجيش العراقي"، وأن القوات المساندة التي من المنتظر أن تنضم للقتال هي "قوات مدربة جيدا"، مما يزيد الغموض حول أسباب وقف الهجوم.
وفي رواية أخرى متناقضة مع بقية الراوية أكد وزير الداخلية العراقي، محمد الغبان، اليوم الإثنين، أن الحملة العسكرية لاستعادة مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، شمالي البلاد، توقفت نتيجة سعي الحكومة لتقليل الخسائر في صفوف القوات الأمنية والمدنيين من المفخخات (الألغام) التي زرعها تنظيم "داعش".
ولم يشر الوزير العراقي لاستخدام داعش أو امتلاكه لأية أسلحة كيميائية.
وبحسب مراقبين، فإن إمكانية الجيش العراقي على خوض حرب عصابات في بيئة تماثل مدينة تكريت، محدودة للغاية، في ظل عدم وجود قوات محترفة قادرة على خوض حرب شوارع، في أزقة المدينة الكثيرة والضيقة، بدون الاستعانة بالمدرعات والدبابات التي تشكل حماية للمشاة في بيئة مفتوحة خارج المدن، وهو ما يدفع باتجاه طلب عراقي لقوات التحالف بالقيام بقصف جوي للمنطقة قبل توغل قوات برية لتمشيطها وتطهيرها، بأقل الخسائر بين الجنود.
ويعزز هذا الاحتمال مطالبات برلمانيين عراقيين للتحالف الدولي الذي يشن عملية عسكرية ضد التنظيم، بالمشاركة في تحرير تكريت من خلال الضربات الجوية، معتبرين أن عدم مشاركة التحالف هي أحد أسباب توقف الهجوم، رغم أن مراقبين يقرون بصعوبة القصف الجوي على مركز مدينة تكريت بسبب كثافة السكان المدنيين في المدينة.
ومن جهة أخرى يرجح محللون أن توقف الهجوم العراقي على تكريت، يأتي من واقع أن العشائر السنية قد تقف ضد الجيش في عملياته في المدينة ذات الأغلبية السنية، بعد ما قامت به ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية وعدد من الجنود العراقيين من مجازر بحق مدنيين سنة في مناطق سبق استعادتها من داعش.
حيث أكد علي العكيدي أحد شيوخ قبائل المقدادية في اتصال هاتفي بـ”إرم” في وقت سابق ، أن “المئات من المليشيات التي نشطت في ديالى، مازالت تحاصر العديد من القرى السنية بالقرب من قضاء المقدادية، وتستخدم قذائف المورتر لترويع المدنيين وإجبارهم على الخروج من قراهم".
وأوضح العكيدي أن "ميليشيات الشيعية أقدمت على ارتكاب جريمة إعدام جماعي، طالت 72 مدنياً أعزل من أسر النازحين بدوافع طائفية، في قرية بروانة الواقعة شمال شرق مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى، حيث اقتحمت منازل المواطنين واعتقلت عشرات المدنيين بينهم نساء، قبل أن تقدم على إعدام (72) منهم بطريقة انتقامية".
وكان الجيش العراقي قد بدأ هجوما بمشاركة أكثر من 20 ألف جندي وعدد كبير من متطوعي الحشد الشعبي، على محافظة صلاح الدين على بعد نحو 160 كيلومترا إلى الشمال من بغداد، واستعادت القوات العراقية السيطرة على بلدات إلى الجنوب والشمال من مدينة تكريت.