العقل في الإسلام
العقل في الإسلام
تعريف العقل لغة reason )) :
يعرف لسان العرب العقل ( أصل العقل مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا ، وهو حبل تثني به رجل البعير إلي ركبته تشد به ) لسان العرب
وسمي عقلا لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك أي يحبسه ، ولهذا فقد سمي ابن حزم العقل المنع ( الإحكام في أصول الأحكام ) .
تعريف العقل اصطلاحا :
يصعب تعريف العقل اصطلاحا أو وضع تعريف محدد له لان المفهوم الفلسفي للعقل يعكس بدوره الخلاف بين التيارات الفلسفية .
ونستطيع القول أن العقل هو ما يميز به الصواب من الخطأ ويطلق علي العمليات الذهنية من برهان واستدلال ولذلك عرف القاضي عبد الجبار العقل فقال ( اعلم أن العقل هو عبارة عن جملة من العلوم مخصوصة متى حصلت في المكلف صح منه النظر والاستدلال ( المغني في التوحيد والعدل ) .
ويتبني هذا التعريف ابن الفراء الحنبلي حيث قال ( هو بعض العلوم الضرورية ( المعتمد في أصول الدين )
ويذكر الفارابي عدة تعاريف للعقل معتمدا في ذلك علي كتب أرسطو ، فيذكر أن العقل عند الجمهور يقابل ما اسماه أرسطو ( التعقل ).
ويعرف العقل أيضا ( وأما العقل الإنساني الذي يحصل له بالطبع … فانه هيئة ما في مادة معدة لان تقبل صور المعقولات ( آراء المدينة الفاضلة ) .
ويختصر الكندي في رسائله الفلسفية تعريف العقل عند الفلاسفة المشائين بأنه ( جوهر مدرك للأشياء بحقائقها ) .
ويخلص التهانوي إلي تعريف العقل بأنه ( هو الجوهر المجرد في ذاته وفعله ، أي لا يكون جسما ولا جسمانيا ) (كشاف اصطلاحات الفنون ) .
ويطلق الفلاسفة علي العقل الإنساني في حالة الوجود اسم (العقل الهيولاني ) مثل العقل عند الطفل دلالة علي ان العقل صفحة بيضاء وهو مستعد لتلقي المعقولات .
ولذلك يعرف الشريف الجرجاني العقل بقوله ( العقل مجرد عن المادة في ذاته ) (التعريفات للجرجاني )
وفي هذا الاتجاه يقول ابن رشد في تعريف العقل ( ان العقل ليس قوة جسمية كالحس وإلا لما استطاع أن يدرك غير صورة عقلية واحدة في وقت واحد ولا يستخدم أي عضو جسماني وبهذا يتميز من الحس .( في النفس والعقل للفلاسفة الإغريق والإسلام ) .
وفي محمل رد ابن رشد علي الغزالي يؤكد ابن رشد علي دور العقل المعرفي فيقول ( العقل ليس هو شيئا .. أكثر من أدراك نظام الأشياء الموجودة وترتيبها وأسبابها ) تهافت التهافت .
وللعقل عند الفلاسفة مراتب ثلاث :
1 – العقل الهيولاني :
وهو العقل بالقوة ويعني استعداد العقل المحض لتقبل صور المعقولات كما هو الحال عند الطفل .
2 – العقل بالفعل :
ويعني العقل الإنساني وقد حصلت فيه المعقولات أو الكليات العقلية .
3 – العقل المستفاد :
يمثل أعلي مراحل المعرفة العقلية في العقل الإنساني بعد اتصاله بالعقل الفعال .
ويقسم العقل إلي قسمين عند الفلاسفة العقل النظري والعقل العملي ويرجع ذلك إلي الفلسفة اليونانية القديمة وأكد (كانت ) علي ذلك بنقده للعقل بشقيه النظري والعملي .
ويختص العقل النظري في المعرفة النظرية وتصنف العلوم الرياضية والفيزيائية تحت باب هذا الباب .
أما العقل العملي فوظيفته توجيه الجانب العملي والأخلاق وتصنف العلوم السياسية والأخلاق تحت هذا الباب .
ومع العلم أن هذا التنوع للعقل الإنساني لا يعني عند الفلاسفة سوي سلم المعرفة العقلية إذ لا ينفصل قسم عن الآخر أي لا تلغي وحدة العقل عندهم وهو ما عبر عنه ( دي بور ) بقوله ( إن وحدة العقل تتجلي مباشرة في شعورنا بأنفسنا أو إدراكنا لذاتنا إدراكا خالصا ) دي بور تأريخ الفلسفة في الإسلام .
وقد رفض الفلاسفة المسلمين ما يسمي (بالعقل الكلي) (والنفس الكلية) خارج النفس وتصوراتها .
ويعرف العقل عند المتكلمين والأصوليين بأنه (غريزة ) وان المعرفة عنه تكون .
وقد ذهب إلي هذا التعريف كل من المحاسبي والشافعي واحمد بن حنبل والغزالي وابن تيمية وغيرهم .
وخلاصة القولان تعريف العقل عند المتكلمين ( بأنه بعض العلوم أو المبادئ الضرورية اليقينية ).
اذن فالعقل والذي يسمي بالذهن عبر المعارف الضرورية يحصل علي المقدمات اليقينية التي لا تحتاج الي برهان بل هي مبادئ المعرفة والعلم .
مكانة العقل :
للعقل في الإسلام مكانة عالية اذ يقول الفخر الرازي ( إن فضيلة الإنسان وكماله لا يظهر إلا بالعلوم والمعارف ) كتاب النفس والروح .
وقد جعلت المعتزلة للعقل مكانة عالية فقال القاضي ألمعتزلي عبد الجبار واصفا العقل ( انه المعتمد في المعارف ) كتاب المغني .
وجعل النظّام العقل كسائر أعلام المعتزلة أصلا من أصول الدين إلي جانب الإيمان وربما يتقدمه إن عارض ظاهر النص العقل إلي الحد الذي جعل النظام يشكك في رواة الحديث مثل أبو هريرة وابن مسعود رضي الله عنهما ، فقد كان يزن الأحاديث بميزان العقل ليقبلها او يرفضها .
وخلاصة القول عند المعتزلة أنهم يقبلون من العقائد ما يقبله العقل ويطرح جانبا ما لا يتفق وأحكامه وذلك أول الطريق عندهم إلي اليقين في معرفة الله وتوحيده .
وقد خالف الغزالي وابن سينا ورفضوا قول المعتزلة في ذلك كأن يكون الله أمرنا بالصدق والعدل ونهي عن الكذب والظلم ونحوهما لان العقل يأمر بذلك ، وقد وضع الغزالي هذه الأحكام الأخلاقية تحت نوع من المقدمات الغير يقينية او المشهورات أو الذائعات ، وهي مقدمات وآراء مشهورة محمودة اوجب التصديق بها .
فما سماه المعتزلة واجبات عقلية واجبة التسليم في ذاتها ليست كذلك وإنما تقوم قيمتها في أنها واجبات شرعية أو اتفاقية اصطلاحا .
وقال ابن رشد أن العقل الفعال هو الجزء الإلهي في الإنسان ( تلخيص كتاب النفس ) .
ونستطيع القول أن ابن رشد وقبله الفارابي كانت لهما نظريات متكاملة أو شبه متكاملة في حين أن الصوفية والمعتزلة والأشاعرة ليس لهم بحوث في المعرفة إلا ما عرض لهم من مسائل توجب الإجابة عليها .
ونعتبر المعتزلة أنهم رواد العقلانية والاحتكام إلي العقل في الإسلام ، وهو بالاصطلاح الحديث عدم الثقة بالمعرفة الحسية والي ضرورة البدء بقضايا عقلية أولية نستنبط منها نتائج يقينية ، وتتمثل هذه القضايا العقلية في قواعد المنطق أو في أفكار فطرية جبل عليها العقل وعلي تصديقها ، كما نتمثل في البراهين الرياضية .
ومن جانب آخر فقد وضع الأشاعرة أحكام الإدراك الحسي والمقدمات التجريبية عن العام المحسوس وأحكام الاستبطان في قائمة القضايا اليقينية ، وان لم يكن ذلك علي أسس معرفية خالصة وإنما لمبررات من العقيدة فالقران الكريم يضع السمع والبصر مصادر يقينية .
وأخير نقول أن الفكر الإسلامي لم يصرح بثنائية العقل والوحي حيث استحالة الجمع بخلاف الفكر الفلسفي الأوروبي .
كما توجد بديهيات وهي مبادئ عقلية تتميز بالضرورة والشمول ولا تحتاج الي برهان . وهذه المبادئ هي ( المقدمات الكلية الصادقة الضرورية لا عن قياس ولا عن فكر بل الفطرة والطبع ) الفارابي مقالة في معاني العقل .
تعريف العقل لغة reason )) :
يعرف لسان العرب العقل ( أصل العقل مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا ، وهو حبل تثني به رجل البعير إلي ركبته تشد به ) لسان العرب
وسمي عقلا لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك أي يحبسه ، ولهذا فقد سمي ابن حزم العقل المنع ( الإحكام في أصول الأحكام ) .
تعريف العقل اصطلاحا :
يصعب تعريف العقل اصطلاحا أو وضع تعريف محدد له لان المفهوم الفلسفي للعقل يعكس بدوره الخلاف بين التيارات الفلسفية .
ونستطيع القول أن العقل هو ما يميز به الصواب من الخطأ ويطلق علي العمليات الذهنية من برهان واستدلال ولذلك عرف القاضي عبد الجبار العقل فقال ( اعلم أن العقل هو عبارة عن جملة من العلوم مخصوصة متى حصلت في المكلف صح منه النظر والاستدلال ( المغني في التوحيد والعدل ) .
ويتبني هذا التعريف ابن الفراء الحنبلي حيث قال ( هو بعض العلوم الضرورية ( المعتمد في أصول الدين )
ويذكر الفارابي عدة تعاريف للعقل معتمدا في ذلك علي كتب أرسطو ، فيذكر أن العقل عند الجمهور يقابل ما اسماه أرسطو ( التعقل ).
ويعرف العقل أيضا ( وأما العقل الإنساني الذي يحصل له بالطبع … فانه هيئة ما في مادة معدة لان تقبل صور المعقولات ( آراء المدينة الفاضلة ) .
ويختصر الكندي في رسائله الفلسفية تعريف العقل عند الفلاسفة المشائين بأنه ( جوهر مدرك للأشياء بحقائقها ) .
ويخلص التهانوي إلي تعريف العقل بأنه ( هو الجوهر المجرد في ذاته وفعله ، أي لا يكون جسما ولا جسمانيا ) (كشاف اصطلاحات الفنون ) .
ويطلق الفلاسفة علي العقل الإنساني في حالة الوجود اسم (العقل الهيولاني ) مثل العقل عند الطفل دلالة علي ان العقل صفحة بيضاء وهو مستعد لتلقي المعقولات .
ولذلك يعرف الشريف الجرجاني العقل بقوله ( العقل مجرد عن المادة في ذاته ) (التعريفات للجرجاني )
وفي هذا الاتجاه يقول ابن رشد في تعريف العقل ( ان العقل ليس قوة جسمية كالحس وإلا لما استطاع أن يدرك غير صورة عقلية واحدة في وقت واحد ولا يستخدم أي عضو جسماني وبهذا يتميز من الحس .( في النفس والعقل للفلاسفة الإغريق والإسلام ) .
وفي محمل رد ابن رشد علي الغزالي يؤكد ابن رشد علي دور العقل المعرفي فيقول ( العقل ليس هو شيئا .. أكثر من أدراك نظام الأشياء الموجودة وترتيبها وأسبابها ) تهافت التهافت .
وللعقل عند الفلاسفة مراتب ثلاث :
1 – العقل الهيولاني :
وهو العقل بالقوة ويعني استعداد العقل المحض لتقبل صور المعقولات كما هو الحال عند الطفل .
2 – العقل بالفعل :
ويعني العقل الإنساني وقد حصلت فيه المعقولات أو الكليات العقلية .
3 – العقل المستفاد :
يمثل أعلي مراحل المعرفة العقلية في العقل الإنساني بعد اتصاله بالعقل الفعال .
ويقسم العقل إلي قسمين عند الفلاسفة العقل النظري والعقل العملي ويرجع ذلك إلي الفلسفة اليونانية القديمة وأكد (كانت ) علي ذلك بنقده للعقل بشقيه النظري والعملي .
ويختص العقل النظري في المعرفة النظرية وتصنف العلوم الرياضية والفيزيائية تحت باب هذا الباب .
أما العقل العملي فوظيفته توجيه الجانب العملي والأخلاق وتصنف العلوم السياسية والأخلاق تحت هذا الباب .
ومع العلم أن هذا التنوع للعقل الإنساني لا يعني عند الفلاسفة سوي سلم المعرفة العقلية إذ لا ينفصل قسم عن الآخر أي لا تلغي وحدة العقل عندهم وهو ما عبر عنه ( دي بور ) بقوله ( إن وحدة العقل تتجلي مباشرة في شعورنا بأنفسنا أو إدراكنا لذاتنا إدراكا خالصا ) دي بور تأريخ الفلسفة في الإسلام .
وقد رفض الفلاسفة المسلمين ما يسمي (بالعقل الكلي) (والنفس الكلية) خارج النفس وتصوراتها .
ويعرف العقل عند المتكلمين والأصوليين بأنه (غريزة ) وان المعرفة عنه تكون .
وقد ذهب إلي هذا التعريف كل من المحاسبي والشافعي واحمد بن حنبل والغزالي وابن تيمية وغيرهم .
وخلاصة القولان تعريف العقل عند المتكلمين ( بأنه بعض العلوم أو المبادئ الضرورية اليقينية ).
اذن فالعقل والذي يسمي بالذهن عبر المعارف الضرورية يحصل علي المقدمات اليقينية التي لا تحتاج الي برهان بل هي مبادئ المعرفة والعلم .
مكانة العقل :
للعقل في الإسلام مكانة عالية اذ يقول الفخر الرازي ( إن فضيلة الإنسان وكماله لا يظهر إلا بالعلوم والمعارف ) كتاب النفس والروح .
وقد جعلت المعتزلة للعقل مكانة عالية فقال القاضي ألمعتزلي عبد الجبار واصفا العقل ( انه المعتمد في المعارف ) كتاب المغني .
وجعل النظّام العقل كسائر أعلام المعتزلة أصلا من أصول الدين إلي جانب الإيمان وربما يتقدمه إن عارض ظاهر النص العقل إلي الحد الذي جعل النظام يشكك في رواة الحديث مثل أبو هريرة وابن مسعود رضي الله عنهما ، فقد كان يزن الأحاديث بميزان العقل ليقبلها او يرفضها .
وخلاصة القول عند المعتزلة أنهم يقبلون من العقائد ما يقبله العقل ويطرح جانبا ما لا يتفق وأحكامه وذلك أول الطريق عندهم إلي اليقين في معرفة الله وتوحيده .
وقد خالف الغزالي وابن سينا ورفضوا قول المعتزلة في ذلك كأن يكون الله أمرنا بالصدق والعدل ونهي عن الكذب والظلم ونحوهما لان العقل يأمر بذلك ، وقد وضع الغزالي هذه الأحكام الأخلاقية تحت نوع من المقدمات الغير يقينية او المشهورات أو الذائعات ، وهي مقدمات وآراء مشهورة محمودة اوجب التصديق بها .
فما سماه المعتزلة واجبات عقلية واجبة التسليم في ذاتها ليست كذلك وإنما تقوم قيمتها في أنها واجبات شرعية أو اتفاقية اصطلاحا .
وقال ابن رشد أن العقل الفعال هو الجزء الإلهي في الإنسان ( تلخيص كتاب النفس ) .
ونستطيع القول أن ابن رشد وقبله الفارابي كانت لهما نظريات متكاملة أو شبه متكاملة في حين أن الصوفية والمعتزلة والأشاعرة ليس لهم بحوث في المعرفة إلا ما عرض لهم من مسائل توجب الإجابة عليها .
ونعتبر المعتزلة أنهم رواد العقلانية والاحتكام إلي العقل في الإسلام ، وهو بالاصطلاح الحديث عدم الثقة بالمعرفة الحسية والي ضرورة البدء بقضايا عقلية أولية نستنبط منها نتائج يقينية ، وتتمثل هذه القضايا العقلية في قواعد المنطق أو في أفكار فطرية جبل عليها العقل وعلي تصديقها ، كما نتمثل في البراهين الرياضية .
ومن جانب آخر فقد وضع الأشاعرة أحكام الإدراك الحسي والمقدمات التجريبية عن العام المحسوس وأحكام الاستبطان في قائمة القضايا اليقينية ، وان لم يكن ذلك علي أسس معرفية خالصة وإنما لمبررات من العقيدة فالقران الكريم يضع السمع والبصر مصادر يقينية .
وأخير نقول أن الفكر الإسلامي لم يصرح بثنائية العقل والوحي حيث استحالة الجمع بخلاف الفكر الفلسفي الأوروبي .
كما توجد بديهيات وهي مبادئ عقلية تتميز بالضرورة والشمول ولا تحتاج الي برهان . وهذه المبادئ هي ( المقدمات الكلية الصادقة الضرورية لا عن قياس ولا عن فكر بل الفطرة والطبع ) الفارابي مقالة في معاني العقل .