اللواء محسن الفحام
من حقنا .. أن نتمتع ببلادنا
إلي الأمان … اللواء محسن الفحام
قد يعتقد البعض ان ما سوف اتناوله في هذا اللقاء الاسبوعي مع حضراتكم يأتي خارج السياق الذي ندور حوله دائماًو هو الأمل في تحقيق الأمان الدائم و الشامل للوطن .. و هذا التصور قد يكون صحيحاً من الناحية الشكلية و لكنه من الناحية الموضوعية يرتبط ارتباطاً وثيقاً من حيث الهدف وهو تحقيق الامن النفسي و المعنوي للأنسان… فالامن هو الشعور بالسلام و الطمأنينة في المقام الأول و اذا لم يتحقق ذلك فاننا كاجهزة امنية نقوم بمواجهة من يتسبب في التأثير على هذا الشعور و نتكبد في سبيل ذلك الغالي و النفيس من ابناءنا الذين يستشهدون لتحقيق هذا الهدف لابناء وطنهم.
قمت مؤخراً بزيارة تعودت عليها كل عام لمسجد العارف بالله / ابو الحسن الشاذلي في اقصى نقطة على البحر الاحمر و قبيل حلايب و شلاتين و كما هي عادتي اراقب و اشاهد المتغيرات التي تحدث من العام لعام الذي يليه ، كما انني اتوجه إلي هذة المنطقة التي تسمى " حميثرة" و التي تحوطها سلسلة جبال تسمى " عيزاب " تطل من اعلاها على انوار المدينة المنورة اذا كان الجو صحواً وواضحاً..و بدأت رحلتي بالمرور على عدة مناطق تعتبر كل واحدة منها معلماً سياحياً متميزاً عن الأخر وتمثل نشاطاً سياحياً مختلف تماماً عن بعضه ..فهناك السياحة الدينية متمثلة في دير الأنبا بولا على مشارف مدينة العين السخنة و هو مكان تستطيع ان تقضي فيه يومك في العبادة و التأمل و التمتع بدفء الجو…ثم تتحرك في طريقك للغردقة حيث السياحة الترفيهية المتمثلة في القرى السياحية و المنتجعات المتطوره التي تطل على ساحل البحر الاحمر والتي من المفترض ان تمتلئ طوال العام بالباحثين عن الهدوء و الاستمتاع بالشمس الساطعة التي تطل على تلك المناطق..و بجوارها تمارس السياحة الرياضية متمثلة في ممارسة رياضة الغوص و الصيد و التي يمارسها الاجانب من مختلف الجنسيات ومن ابرزهم الايطاليين و الألمان ..ثم نتحرك في طريقنا لهدفنا حيث نمر على مدينة سفاجا و فيها بعض المنتجعات التي تحتوى على العديد من الاماكن التي حبانا بها الله و التي بها أرض طينية طبيعية تساعد في علاج العديد من الامراض الجلدية المستعصية من اهمها الصدفية و البهاق…ثم نصل إلي مدينة مرسى علم حيث نجد مجموعة من الفنادق و القرى السياحية الفاخرة التي من المفترض ايضاً ان تجتذب الالاف من السائحين الاجانب و المصريين طوال العام … إلي ان نصل إلي ذلك الوادي المحاط بالجبال من كل ناحية في مشهد مهيب تحوطه شمس الغروب و شمس الشروق بجلال و اكبار و الذي يضم المسجد و الضريح الخاص بهذا القطب الاسلامي ابا الحسن الشاذلي و الذي يفد إليه في ذكرى وفاته الالاف من الاجانب ذوي الاصول العربية من دول المغرب العربي للاحتفال بهذة الذكرى لانه اصلاً من اصول مغاربية يوم وقفة عيد الاضحي حيث انتقل إلي جوار ربه و هو في طريقه لاداء فريضة الحج في تلك المنطقة القريبة من المدينة المنورة كما سبق ان ذكرت.
اذن ففي عدة ساعات رأينا عدة انواع من السياحات لا تتوافر لاي دولة في العالم ترفيهية و رياضية و علاجية و دينية .. فماذا فعلنا لتفعيل تنشيطها داخلياً و خارجياً ..ناهيك عن أن الامن في تلك الاماكن متحقق على كافة المستويات سواء من خلال اجهزة الشرطة او شركات الامن الخاص و فوق كل ذلك الامن الألهي الذي يفيض به الله عليها..
لسنا أقل من دبي التي تعمل طوال العام على جذب السائحين حتي في أشد فصول العام حرارة حيث تقوم بتخفيض اسعار تذاكر الطيران و الفنادق و تتفنن في اساليب اجتذابهم اليها تارة من خلال شهر للتسوق و اخر لمهرجان السينما و ثالث لرأس السنة و هكذا طوال العام و اعتقد ان تلك المناطق مهيأة تماماً لذلك… و لسنا اقل من الاردن التي تعتبر البحر الميت احد المصادر الرئيسية للعلاج من الامراض الجلدية و الروماتيزمية و التي يفد إليها الالاف من المرضى للتدواى هناك … كيف لانستفيد من تلك الاعداد الهائلة التي تفد لتلك المنطقة لحضور ذكرى وفاة هذا العارف بالله من خلال توفير وسائل معيشية و لو على اشكال مؤقتة خلال فترة الاحتفال بدلاً من انتشارهم في الشوارع و الطرقات بدون مأوى او مخيمات يقيمون بها…و ان نوفر لهم المشروبات و الاطعمة و كذلك وسائل المواصلات المحترمة التي تنقلهم من المطارات القريبة للضريح و المسجد هما مطاري الغردقة ومرسى علم بدلاً من تركهم فريسة للمستغلين و المتاجريين بذلك من خلال وسائل مواصلات متهالكة تؤدي إلي إرهاقهم و معاناتهم حتى يصلوا إلي هذا الوادي.
انني على يقين ان المسئولين عن السياحة على علم كامل بكل ما ذكرته عن تلك المناطق الموجودة في محافظة واحدة من محافظات مصر و هي البحر الأحمر و لكن ماذا فعل هؤلاء لاستغلال هذا الكنز الألهي الذي وهبة الله لنا ليكون احد اهم مصادر الدخل القومي للبلاد . لابد من حلول غير تقليدية للجذب السياحي لتلك المناطق بدلاً من المهاترات و المؤتمرات التي لا طائل منها سوى اضاعة الوقت و الجهد ..تعلموا من الاخرين و هذا ليس عيباً …استفيدوا من خبرة دول أحدث منا في المجال السياحي و هذا ليس انتقاص من شأننا.
اما نحن المصريين و نحن على مشارف اجازة نصف العام فانني ادعوكم لزيارة تلك المناطق مع ابناءكم فهي رحلات للمتعة النفسية و الروحية و الجسدية..و هي رحلات للصفاء مع النفس و التأمل في ملكوت الله.. هي رحلات تشعرك بعظمة الوطن الذي نعيش فيه و بحب الله له ان حبانا به… نعم انه من حقنا ان نتمتع ببلادنا .