الوكيل – تجلس معظم وقتها على مقعد في شرفة مطلة من بيت اسرتها تارة تغني بصوت مرتفع وتارة اخرى تصدر اصواتا غير مفهومة المعنى… تترك وحيدة لساعات في هذا المكان.
هي فتاة تعاني من اعاقة عقلية كل عالمها يدور في ذاك المكان الذي تبقى جالسة فيه لساعات متاخرة من الليل كنوع من هروب اسرتها منها ومن اعاقتها لكن الجانب المؤلم في قصة هذه الفتاة ليست الاعاقة فحسب التي يعاني منها عدد من افراد المجتمع لكن بتعامل اسرتها معها الذي لا يخرج عن اطار العنف الجسدي.
يعلو صوت صراخها وبكائها وهي تستنجد بوالدتها بعد ان كانت تتعرض لضرب شديد من قبل احد افراد اسرتها ويستمر بكاؤها وصراخها لدقائق بعد ان يتم اسكاتها بطرق اعتادت عليها الاسرة كاعطائها المهدئات التي تنقلها من حالة الالم الجسدي والنفسي الى حالة السكون التي لا تلبث ان تنتهي لتعود من جديد الى حياتها المؤلمة.
هذه الفتاة التي تعيش مع اسرتها في احدى البلاد العربية تاتي في عطلة الصيف برفقة اسرتها الى الاردن ويدرك كل من يراها حجم معاناتها الجسدية والنفسية.
وهي قد لا تكون الوحيدة التي يمارس عليها العنف الجسدي والنفسي من قبل الاسر التي لها ابناء وبنات معاقون فهناك من هذه الفئات من يعاني بصمت كونه غير قادر على التعبير عن ما يتعرض له بسبب الاعاقة.
فاساءة المعاقين ليست مقتصرة على المراكز التي ترعاهم سواء كانت ايوائية او نهارية فبعض الاسر تنتهج هذا العنف مع افرادها خاصة الذين يعانون من اعاقات عقلية وهو العنف الاخطر كون التبليغ عنه امر صعب لانه مرتبط بخصوصية الاسرة التي تحاول اخفاء اي سلوك عنف تنتهجه مع ابنائها على خلاف المراكز الايوائية فامكانية اكتشاف حالات الاساءة ضد المنتفعين ممكنة وقد حدثت في الاونة الاخيرة مرارا
وترى الاخصائية الاجتماعية منال المصري ان تقبل الاسرة لفكرة وجود احد ابنائها بينها وهو يعاني من اعاقة تحتاج لوعي فكري واجتماعي وقدرة على رعايتهم قد لا تتوفر عند الكثيرين
واضافت: القضية الاساسية التي لا تتوقف عند كثير من الاباء والامهات هي حاجة المعاق الى الجانب العاطفي واشعاره بالحب فاعاقته ليست سببا في حرمانه من هذه المشاعر التي خلقها الله عزوجل في قلوب الامهات والاباء اتجاه ابنائهم
واشارت ان العنف الجسدي الذي يمارس عليهم من قبل افراد اسرتهم عنف مؤلم لا يقتصر على الضرب فقط بل ان هناك اسرا قد تلجا الى حبس ابنها او ابنتها المعاقة في غرفة خاصة ومنعه من الاختلاط بالاخرين او السماح لاي زائر او قريب برؤيته لانه بنظرهم وصمة عار يجب ان تبقى بمناى عن حياتهم الطبيعية
واكدت المصري اهمية توعية الاسر بمكانة المعاق داخل الاسرة ووجوب معاملته معاملة حسنة فان لم تكن الاسرة قادرة على رعايته ومعاملته معاملة حسنة عليها ان تلحقه بالمراكز الايوائية التي تتولى رعايته مع الابقاء على التواصل الاسري والعاطفي معه وعدم تركه او التوقف عن زيارته بين فترة واخرى للاطمئنان على وضعه خاصة وان هناك حالات من العنف الجسدي تحدث بالمراكز ويزيد من تكرارها تجاهل الاسر للمتابعة
واشارت ان النظرة السائدة بالمجتمع اتجاه المعاق لا زالت ذاتها بالرغم من محاولات التوعية بحقوقه الا ان هذه الحقوق قد يحصل عليها من يعاني من اعاقات حركية او سمعية او بصرية الا ان الاعاقة العقلية لا تزال حقوقها منقوصة عند كثير من الاسر والمجتمع ومن يشرف على رعايتهم بالمراكز
واكدت على ان هناك اسرا تحاول الكثير مع ابنائها المعاقين ولا تلحق الاذى بهم وتسخر قدراتها المادية والفكرية لمساعدتهم قدر الامكان ايمانا منهم بان هذا هو حقهم الطبيعي فاعاقتهم ليست مسؤولياتهم انما قدرهم بالحياة
فتعريض المعاق للضرب والاهانات المستمرة وابقاؤه يحيا على المهدئات اساليب تلجا اليها بعض الاسر التي لا تجد وسيلة للتخلص منهم سوى بهذه الاساليب التي تسبب لهم الاما نفسية وجسدية
فان تستنجد تلك الفتاة المعاقة بوالدتها وصوت صراخها وبكائها يعلو ليلفت انتباه كل من حولها امر يطرح اسئلة عديدة حول العنف الاسري داخل الاسر بحق الابناء والبنات الذين يعانون من اعاقات عقلية لن تنتهي بالعنف الموجه ضدهم لكنها تلحق بابائهم وامهاتهم واشقائهم وصمة عار كبيرة لاقدامهم على هذا الامر بحقهم.
الراي