مارلين خليفة
دخل اليمن مرحلة دراماتيكية جديدة بعد إعلان عبد الملك الحوثي بأنّ سيطرة جماعة "أنصار الله" ستمتدّ من صنعاء الى عدن ما ينذر بحرب إقليميّة لن تكون منحصرة بإيران والسّعودية والخليج فحسب وإنما أيضا بدول أخرى مثل مصر. هذا الهدف الحوثي بالسيطرة على الجنوب الذي لجأ إليه الرئيس اليمني المخلوع عبد ربّه منصور هادي كان أشدّ ما يخيف الدول الخليجيّة، لأنّه في حقيقته سعي إيراني للسيطرة على باب المندب، وهو المضيق الإستراتيجي المؤدّي الى البحر الأحمر والمحيط الهندي، وهو من أهمّ الممرات المائية لناقلات النفط الخليجي الى الدّول الأوروبيّة، كما أنّه مرتبط ارتباطا وثيقا بأمن الخليج ابتداء من قناة السويس التي تعتمد عليها مصر في دخلها القومي.
والواضح أنّ ثمّة ترابط بين حركة الحوثيين والتصريحات الإيرانية، إذ لم تكد تمرّ 10 أيام على كلام مساعد وزير الخارجيّة الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بأنّ إيران تؤكد على دعمها وحدة اليمن واستقلاله والحوار، وأن صنعاء هي العاصمة الرسمية والتاريخية لليمن وهؤلاء الذين في عدن يؤيدون تفكيك البلاد أو الحرب الأهلية، حتى سارع عبد الملك الحوثي الى الإعلان عن زحف حوثي الى الجنوب "لتطهيرها من الجماعات التكفيرية ومن يتعامل معها".
هكذا يكون الحوثيون قد أسقطوا أيّ حوار متجدد حول اليمن في الرياض، كما سبق واسقطوا المبادرة الخليجية التي أوصلت عبد هادي منصور ربه الى الحكم إثر "الربيع اليمني" الذي بدأ عام 2024 وأسقط علي عبد صالح، كذلك ضرب الحوثيون عرض الحائط الحوار الوطني الذي استمرّ 9 أشهر متواصلة والذي أوصى بيمن فيديرالي.
في ظلّ هذه التطوّرات تقفز أسئلة عدّة حول ردّة فعل الخليج وخصوصا السعودية التي يقع اليمن على حدودها وماذا عن حلفائها الخليجيين لا سيما الإمارات العربية المتّحدة وقطر؟
وهل سيتمكّن "مجلس التعاون الخليجي" من إقناع مجلس الأمن بالتدخّل في اليمن عبر "درع الجزيرة" كما فعل في البحرين؟
وما الذي ستفعله مصر المتأثّرة إقتصاديا وخصوصا وأنها أعلنت قبيل أيام من انعقاد القمّة العربية نهاية هذا الشهر عن أنّها لن تقبل المساس بالأمن القومي العربي وأن أمن منطقة الخليج يشكّل خطّا أحمر؟
ولعلّ السؤال الأهمّ هو الآتي: هل تحوّل الحوثيون المتحدّرين عقائديا من المذهب الزيدي ويعدّون أحد فرق الشيعة الى "حزب الله" ثان يمتدّ هذه المرّة على حدود السعودية والخليج؟
أسئلة ممضّة وسط العاصفة اليمنية الجديدة التي حوّلت "اليمن السعيد" الى "يمن حزين".