حالة جديدة من التراشق بالتصريحات بين أنقرة وطهران؛ حيث تبادل الطرفان الاتهامات بخصوص موقف كليهما من الأزمة السورية، ومساعدة المتضررين من جراء الأعمال القتالية هناك. فبدوره، ندد المتحدث باسم الخارجية التركية طانجو بيلجيج، بتصريحات المسؤولين الإيرانيين ضد أنقرة، قائلاً: "على إيران أن تلتزم الصمت من باب الخجل على الأقل حيال دعمها نظام دمشق المسؤول الحقيقي عن الإرهاب". وجاءت هذه التصريحات ردًّا على تصريحات نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، التي اتهم فيها تركيا بـ"السعي نحو فكرة العثمانية الجديدة" في المنطقة، فضلاً عن تصريح رئيس الأركان الإيراني الذي زعم فيه أن تركيا -دون أن يسميها- "تعرقل وصول المساعدات إلى مدينة كوباني". وأضاف بيلجيج أن هذه التصريحات تضمنت ادعاءات "لا أساس لها من الصحة بحق تركيا"، مؤكدًا أن أنقرة "ليست مضطرة إلى أخذ إذن من أحد عند اتخاذ التدابير اللازمة حيال ما يهدد أمنها القومي، في ضوء القانون الدولي"، وفقًا لوكالة أنباء الأناضول التركية. يذكر أن العلاقة كانت قد تأزمت بين البلدين حيال الشأن السوري، على خلفية احتجاج إيران على تركيا بسبب دور الأخيرة في الوضع السوري؛ حيث قال مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان، السبت الماضي: "سبق أن حذرنا الولايات المتحدة، وصديقتنا تركيا التي بيننا وبينها نقاط لا نتفق عليها بخصوص الأزمة السورية، إلى ضرورة أن يقرر الشعب السوري بنفسه مسألة بقاء النظام أو رحيله". وكانت إيران قد أبلغت، قبل أيام، المسؤولين الأتراك رسميًّا بقلقها من قرار البرلمان التركي مؤخرًا السماح للجيش بدخول مسرح العمليات العسكرية في سوريا والعراق. يأتي هذا فيما اعتبر عدد من المراقبين أن اتهامات إيران لتركيا بالسعي إلى إحياء العثمانية الجديدة، تأتي في سياق التبرير لما قيل عن سعيها إلى مشروع توسعي في المنطقة العربية يشبه مشروع "الدولة الصفوية" في إيران، التي كانت تنافس العثمانيين على النفوذ في المنطقة لبضعة قرون. وعلى الجهة المقابلة، فإن كثيرًا من المراقبين يؤكدون أن إيران تسعى جاهدة إلى إقحام نفسها في مشكلات داخلية بعدد من دول المنطقة، في محاولة لخلق مناطق نفوذ تمكنها من فرض وجهة نظرها، وتحقق لها مصالح اقتصادية وسياسية عديدة، وهو ما ترفضه كافة القوانين والأنظمة الدولية، فضلاً عن الرفض الشعبي في المنطقة العربية.
بعد قرون.. عودة التراشق بين "الدولة الصفوية" و"العثمانية الجديدة"