كونا – قال تقرير اقتصادي متخصص إن تراجع أسعار النفط خلال عام 2024 لم يأت كحدث مفاجئ بل كان نتيجة زيادة حجم المعروض النفطي بشكل منتظم منذ عام 2024.
وأوضح التقرير الصادر عن المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية أن إجمالي الإنتاج للنفط الخام والوقود السائل ارتفع بنسبة 10 في المئة في خمس سنوات بحسب وكالة الطاقة الأميركية ليرتفع من 83.3 مليون برميل يوميا مطلع عام 2024 إلى 91 مليون برميل يوميا منتصف 2024.
وأضاف أن قرار منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) الشهر الماضي إبقاء سقوف إنتاج الدول الأعضاء عند مستوياتها الحالية من دون تخفيضها أدى إلى خفض أسعار النفط اللحظية إلى أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات.
وذكر ان معظم الزيادة جاءت من دول خارج (أوبك)، خصوصاً من الولايات المتحدة الاميركية التي زودت السوق النفطية بـ 3.9 ملايين برميل يومياً، وهو معدل أعلى من أي بلد في «أوبك»، باستثناء السعودية.
وبين ان الزيادة السنوية في الإمدادات من السوق الأميركي بلغت 1.4 مليون برميل يوميا عام 2024 مقارنة مع عام 2024، وأسهمت تلك الطفرة في الانتاج في تراجع معدل تنامي الطلب العالمي على النفط «إذ إن الولايات المتحدة هي أكبر مستهلك للنفط في العالم».
ولفت الى انها ليست المرة الأولى التي تتراجع فيها أسعار النفط بمستويات قياسية، بل سجلت أسعار نفط برنت 128.14 دولارا للبرميل في 13 مارس 2024 بفعل التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، ثم ما لبثت الأسعار أن اتخذت مساراً تنازلياً إلى 88.68 دولارا للبرميل في 25 يونيو 2024 مع ارتفاع المعروض عن المطلوب في سوق النفط قبل أن تعاود الأسعار الى التعافي مع أحداث ليبيا وغياب 1.6 مليون برميل يومياً عن السوق لتسجل اعلى مستوياتها عند 117.48 دولارا في 14 سبتمبر عام 2024.
وأشار الى أن الشيء ذاته حدث عام 2008 بعد أن سجلت أسعار نفط خام برنت متوسطا 143.95 دولارا للبرميل في 3 يوليو 2024، ونتيجة لحالة الكساد والأزمة المالية التي عصفت في العالم آنذاك وانخفاض الطلب على النفط وارتفاع المعروض، فقد انخفضت أسعار النفط لتصل خلال أشهر إلى 34.16 دولارا للبرميل في 29 ديسمبر 2024. وقال تقرير المركز الدبلوماسي إنه بعد اجتماع «أوبك» آنذاك في الجزائر والنجاح في سحب 4.3 ملايين برميل يومياً من السوق استقرت أسواق النفط، في حين ظلت الأسعار ترتفع تدريجيا لكنها لم تصل الى 100 دولار للبرميل في المتوسط إلا بعد عامين من التقلبات والارتفاع التدريجي لتسجل 100.4 دولار للبرميل في 1 فبراير 2024، إثر اندلاع الثورات والاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط. وأشار الى أن أسعار النفط تتحرك وفق معطيات السوق وليست عوامل العرض والطلب فقط من تمتلك القدرة على تحديد الأسعار، بل هناك العوامل الاقتصادية الأخرى، خصوصاً معدلات النمو والعوامل الجيوسياسية التي كان لها الدور الأكبر في رفع أسعار النفط مع اندلاع التوترات في دول الشرق الأوسط منذ بداية عام 2024 وغير ذلك من العوامل الأخرى، لا سيما المضاربات في العقود الآجلة للنفط.
وذكر أنه بالنظر الى النمو الاقتصادي على المستوى العالمي «نجد أن القارة الأوروبية يقترب بعض دولها من نمو اقتصادي بمعدل صفر في المئة، وكذلك شهدت الصين انخفاضاً في الطلب على النفط بسبب تراجع النمو بها والنشاط الاقتصادي القطاعي بصفة عامة».
واوضح ان صندوق النقد الدولي خفض توقعاته للنمو العالمي عدة مرات خلال 2024 محذراً من ضعف النمو في الدول الرئيسية في منطقة اليورو واليابان والأسواق الناشئة الكبرى مثل البرازيل، وكذلك خفضت إدارة معلومات الطاقة الأميركية توقعاتها للطلب العالمي على النفط بواقع 1.24 مليون برميل خلال عام 2024.
وبين أنه في وقت كان ينتظر فيه أن ينمو فيه الاقتصاد العالمي بمعدلات تتجاوز حاجز الـ 4 في المئة خلال عام 2024، أتت تقديرات صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2024 لتشير إلى أن النمو المتوقع بنهاية هذا العام يبلغ 3.3 في المئة بانخفاض قدره نحو 0.2 في المئة عن التقدير السابق للصندوق.
وأشار التقرير الى إحصاءات وكالة الطاقة الدولية التي تتحدث عن اختلال معادلة العرض والطلب خلال الفترة المتبقية من عام 2024، لا سيما خلال عام2020 «فنسبة الزيادات في إنتاج النفط بالنسبة إلى الدول المصدرة تأتي بضعف حجم الزيادة اليومية في الطلب والبالغ 700 ألف برميل يوميا فقط». وبين أن توقعات السوق التي تعكسها الأسعار اليوم تشير إلى انخفاض الطلب وزيادة العرض مستقبلاً، في حين تشير التغيرات في الطلب والعرض إلى أن سعر النفط في المستقبل سوف يكون أقل من توقعات القائمين على الصناعة «ولعل بعض التغيرات الأخيرة في الطلب والعرض المتوقع مستقبلاً كان يمكن توقعها في وقت سابق لكن ليس هناك من سبيل لمعرفة متى قد تتغير المواقف والتوقعات».
وذكر ان انخفاض أسعار النفط يصب في مصلحة البلدان الصناعية التي لا تنتج كميات كبيرة من النفط بينما سوف يتسبب في تراجع إيرادات البلدان المنتجة للنفط التي اصبح بعضها يعيش مشاكل حقيقية بسبب تراجع أسعار النفط.