تخطى إلى المحتوى

تعرف على أنعم الله الظاهرة والباطنة

تعرف على أنعم الله الظاهرة والباطنة

تعرف على أنعم الله الظاهرة والباطنة

قسَّم الله عز وجل النعم إلى قسمين: نعم ظاهرة ونعم باطنة ، نعم محسوسة وملموسة ، ونعم لا تراها العيون ولا تطَّلع عليها القلوب والأبصار ولكن يحسّ بها العبد المؤمن بنور في قلبه أودعه فيه الواحد القهار

أما النِّعم الظاهرة فهي نعم الأكل بما يشتمل عليها من ألوان المطعومات من خضروات وفواكه وحبوب وغيرها مما تنبته الأرض ، وأصناف المشروبات وأنواع الملبوسات والمساكن والمباني والأراضي والعقارات وكل ما تراه العين أو تسمعه الأذن أو تلمسه الحواس فهي نعم ظاهرة يتمتع بها جميع الناس ، فالكافر يتمتع بها كالمؤمن بل ربما يكون نصيبه فيها أكبر من المؤمن وهذا ما نراه وما نلمسه

فلا يوجد فينا جماعة المؤمنين من يتمتع بظاهر الدنيا كما يتمتع بها أهل أوربا وأمريكا في المساكن والمفروشات والمأكولات والمشروبات لأن الله عجَّل لهم ذلك في الدنيا وقال في ذلك: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} الأحقاف20

أما النعم الباطنة ، فنعمة الإيمان ونعمة الإسلام ونعمة الحب لله ونعمة الخشوع بين يدي الله ونعمة الرضا عن الله ونعمة التسليم لقضاء الله وقدر الله ونعمة تفويض الأمور كلها لله ونعمة التوكل على الله ونعمة الإيمان بالغيوب التي غابت عن حياة الناس كالإيمان بالجنة والنار والإيمان بالملائكة الأطهار والإيمان بيوم البعث والنشور والإيمان بأحوال القبور من عذاب ونعيم وسؤال للملكين

هذه النعم الباطنة خص الله بها عباده المؤمنين وأولياءه المسلمين وحرَّمها على الكافرين ، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنَّا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، ونحن في أيام ذكرى ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا يجب علينا في شأن هذه الذكرى؟

أول واجب علينا أن نتدَّبر فضل الله علينا بالإيمان والهداية، فأي امرئ منَّا لو مَلَك الدنيا كلها من أولَّها إلى آخرها وحرمه الله من نعمة الإيمان بالله ، ماذا يكون موقفه يوم السَّفر من هذه الحياة؟ وكيف يكون حاله يوم يُقبْل على الله؟ إنَّ هذا يقول فيه وفي أمثاله الله: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ{11} وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ{12} وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ{13} وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ{14} كَلَّا إِنَّهَا لَظَى{15} نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى{16} تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى{17} وَجَمَعَ فَأَوْعَى{18} المعارج

فلا ينفعه ما جنت يداه ولا يشفع فيه شئ من مُتع الدنيا لينجِّيه من عذاب الله ، لأنه لا ينفع بعد الكفر حتى الأعمال الخيرة التي فعلها في هذه الحياة ، فمن كفر بالله وظن أنه يفعل الخير: فيبني مستشفيات أو يقدِّم معونات أو يسوق عروضاً في الخيرات ، فإن مثله مثل عبد الله بن جدعان الذي قالت فيه السيدة عائشة للرسول صلى الله عليه وسلم:

{إن عبد الله بن جدعان كان يطعم الطعام ويواسي الضعفاء وينصر الغرباء فهل ينفعه ذلك يوم القيامة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هل نطق بالشهادتين؟ قالت: لا، فقال صلى الله عليه وسلم: لو نطق بهما لنفعه ذلك}{1}

فالذي لم ينطق بالشهادتين لا ينفعه شئ قدَّمه في دنيا الناس ، ولذلك فالذين يزعمون أنهم يقدمون الخير للناس في أي صورة من الصور ولكن الله لم يهدي قلوبهم للإيمان ولم يفتح ألسنتهم بمفتاح الجنان وهو لا إله إلا الله محمد رسول الله ، لا ينفعهم ذلك يوم لقاء الله

أما المسلم الذي نطق بالشهادتين فقد نال مفتاح الجنة حتى ولو عصى الله وأبعده حظَّه وهواه ، فإنه يوم القيامة يَمْثُل في محكمة الله ويصدر عليه حكم من الله يقضيه في جهنم كما أمر وحكم الله ، ولكنه سيأتي وقت يخرج منها ويدخل الجنة بسر لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فلا يمكث في جهنم أبداً ، لأن الذي يقضي عليه بأن يمكث في جهنم خالداً فيها أبداً هم الكافرون وعن ذلك يقول الله: {رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ} الحجر2

ويكون ذلك عندما يأذن الله يوم القيامة للحَبيب صلى الله عليه وسلم بالشفاعة في من دخل جهنم من أمته فيقول الله له صلى الله عليه وسلم: بعد أن يخرّ تحت العرش ساجداً ويحمد الله بمحامد يلهمه الله بها في تلك الساعة: يا محمد ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تُشفَّع ، فيقول صلى الله عليه وسلم: يا ربَّ ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله فيأذن له فيخرجهم من النار حُطمه متفحِّمين ويُلْقيهم في نهر الحياة فيُنْبت الله لهم أجسادهم وأعضائهم ، ثم يُدْخلهم جنَّته ولكن بعد أن يكونوا قضوا بعض ما عليهم في نار جهنم

ثم يرجع صلى الله عليه وسلم إلى العرش فيخرّ ساجداً لله ويحمد الله بمحامد يُلهمه الله بها في تلك الساعة ، فيقول الله تعالى – يا محمد ارفع رأسك وسَلْ تعطى واشفع تُشفَّع ، فيقول صلى الله عليه وسلم: يا ربَّ ائذن لي فيمن في قلبه مِثقال حبَّة من شعيرة من الإيمان، فيأذن الله له فيُخْرجهم ، ثم يطلب منه الإذن في إخراج من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله ولو مرة واحدة فيأذن الله فيخرجون{2}

وعندما يخرج آخر الموحدين من النار ويدخلون الجنة ، ويُؤْتي بالموت في صورة كَبْش أمْلح فيُذْبح بين الجنَّة والنَّار، ويُنادي مُناد من قِبل الله: يا أهل الجنة خُلود بلا موت ويا أهل النَّار خُلود بلا موت فيتحسَّر أهل النار حَسْرة لا يدري بها الأولون ولا الآخرون ويقولون: يا ليتنا قُلناها ولو مرَّة واحدة ، إذا لنجونا من عذاب الأبد في النار ونلنا نعيم الواحد الأحد في الجنة

فالمسلم الذي يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله تنفعه يوم لقاء الله لأنه على الأقل لا يُخلد في نار الجحيم مع أهل الشقاوة من الكافرين والجاحدين والمشركين ، أما المؤمن المطيع الذي استقام على طاعة الله فإن الله يرفعه في الدنيا والآخرة ببركة هذا الإيمان ، وهذا ما بشَّر به الله في قوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} النحل97

فالذي يعمل الأعمال الصالحة يعينه الله أن يحيا في الدنيا حياة طيبة ، لا يُقاسي عناء ولا يَشْكو من غلاء ولا يُصيبه ومَنْ معه وباء ولا يتعرَّض لشقاء وفي الآخرة يكون في جوار السُّعداء ، وهذا ما نحتفل به في يومنا هذا ، نُراجع حالنا على حال نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام فنقول لأنفسنا: نحن مؤمنون وأصحابه مؤمنون ونبينا ونبيهم واحد وإلهنا وإلههم واحد وكتابنا وكتابهم واحد وقبلتنا وقبلتهم واحدة

ماذا جرى لنا؟ وما الذي جعلنا كأننا نعيش في جحيم مُسْتعر من الأمراض والغلاء وسوء الأخلاق ومن الشقاق والنفاق وكانوا كأَنَّهم في جنَّة وهم في الأرض أعدَّها لهم الكريم الخلاَّق عز وجل ماذا حدث لنا وجعلنا لا ينطبق علينا قرآن ربنا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.