تخطى إلى المحتوى

جائزة الدولة إعادة الفهم أم التقييم؟

جائزة الدولة.. إعادة الفهم أم التقييم؟
خليجية نعلم بأن جائزة الدولة للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية قد تم إقرارها من قبل الدولة بقانون عام 1988، وتهدف الجائزة إلى تشجيع المبدعين من الكويتيين في ثلاثة مجالات، الأول هو الآداب، وله أربع جوائز في القصة والرواية والنقد، ويليه المجال الثاني، وهو الفنون، وله سبع جوائز، ويشمل الفن التشكيلي والدراما والمسرح والموسيقى، والثالث هو مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية، وله خمس جوائز، لكن بعد ان مضى على إقرار جائزة الدولة أكثر من ثلاثة عقود من الزمن. نطرح سؤالا: هل نحن بحاجة لإعادة تقييم، أم بحاجة لإعادة فهم؟

نعم نحن بحاجة لإعادة التقييم والفهم، وكذلك التطوير، من اجل أن تحقق الجائزة مكانة ومستوى أفضل، لهذا أرى ان هناك جوانب بالجائزة تحتاج إلى إعادة النظر، بل ان هناك مثالب بالإمكان تلافيها، إذا أردنا من الجائزة أن تكون مساهما فاعلا في دفع الجانب الإبداعي والثقافي إلى الأمام، ومنها التالي كما أرى:

اللجنة العليا للجائزة

عند مراجعة أسماء أعضاء اللجنة العليا للجائزة، وهي لجنة تشرف على الجائزة وتعتمد نتائجها، نجد أن هناك تناقضا مع احد بنود قانون التأسيس، حيث يفترض وفق القانون ان يكون أعضاء اللجنة من «المثقفين والأدباء» كما نص القانون، لكن عندما ندقق في أسماء أعضاء اللجنة الحالية، كما نشر في خبر لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) في 14 نوفمبر 2024، نجد ان اللجنة تخلو من اسم إي شاعر أو فنان تشكيلي أو فنان دراما أو فنان مسرحي أو موسيقي، مِمّن لهم خبرة في تلك المجالات، وهكذا نكتشف ان تخصصات وخبرات أغلب أعضاء اللجنة الحالية تنحصر في مجالات عديدة بعيدة عن الفنون والآداب، حيث وفق ما ذُكر في خبر لـ«كونا»، ان تخصصات أغلبية الأعضاء العلمية والخبرة الحياتية تنحصر في المجال القانوني والعلمي والأكاديمي البحت والإعلامي والتربوي والإداري، وأربعة من موظفي المجلس، وكذلك بينهم وزراء سابقون، بهذا يخرج تعيين الأعضاء عن نص قانون الجائزة، ويكون اغلب أعضاء اللجنة من خارج مجال الفنون والآداب، وقد يمثلون نسبة %95، رغم ان قانون الجائزة، من دون أن يحدد النسبة، يفترض أن يكون عدد من لهم علاقة بالفنون والآداب من الأعضاء ما يقارب %70، لكن هذا لم يحصل، ولم تتحقق حتى نسبة %10.

السؤال المطروح

لهذا، السؤال المطروح: هل خلت الساحة في الكويت من أعضاء يحتلون مناصب في اللجنة العليا، لهم أنتاج وخبرة في مجال الفنون، وكذلك الآداب، عدا الدكتور سليمان الشطي، الذي هو عضو باللجنة، رغم ان خبر «كونا» لم تذكره بالاسم؟ لهذا، بعيداًعن الألقاب: أين د. خليفة الوقيان ويعقوب السبيعي في مجال الشعر؟ وأين غنام الديكان ويوسف المهنا في مجال الموسيقى؟ وأين سعد الفرج وعبدالعزيز السريع في مجال المسرح؟ وأين سامي محمد وجاسم بوحمد وفاضل العبار في مجال الفن التشكيلي؟ وأين أين وأين؟ أسماء كبيرة لا يمكن حصرها في تلك المجالات.

لهذا نجد هُنا مثلباً كبيراً يجب ان يُعالج عند اختيار الأعضاء عند انتهاء فترة اللجنة الحالية، ورغم ذلك فإن من يحتل تلك المناصب في اللجنة حالياً هم أساتذة أفاضل، لكن بُعد أغلبهم عن المجال، واعني الفنون والآداب، قد لا يمكنهم من أداء دورهم بشكل فاعل في مناقشة تقارير لجان التحكيم في الجائزة التشجيعية، وكذلك في جوائز الجائزة التقديرية بشكل اكبر، التي لا تعتمد على مُحكمين.

مجالات الجائزة

تم تحديد قيمة الجوائز لكل مجالات الجائزة من الناحية المادية، لكنه يفترض أن نُفرّق بين قيمة الجائزة الممنوحة في المجالين الأول والثاني، وهما المختصان في مجال الإبداع كالآداب، والفنون كالشعر والقصة والرواية، وكذلك بقية الفنون كالمسرح والدراما والموسيقى والفنون التشكيلية، وهذه آداب وفنون أبداعية وليست بحثية، بمعنى أنها تقدم صورة البلد بالخارج، لهذا تجد أعمال مُبدعينا على رفوف المكتبات خارج الكويت، وكذلك صدى الموسيقى والغناء والفن الدرامي والمسرحي الكويتي يشهد له كل الخليج بالتميز، لهذا يتوجب عدم مقارنتها مادياً بالجانب الثالث، والمختص بدراسات بحثية اجتماعية وإنسانية تعتمد على مراجع ولا علاقة لها بالإبداع رغم أهميتها، وهنا فرق كبير، لهذا يفترض أن تكون قيمة الجوائز للآداب والفنون اكبر من الجوائز لمجالات بحثية، قد لا تجد لها أي مكان على الرفوف أو حتى لا تخرج من الكويت.

أمر آخر قد يخفى على البعض، وهو ان المُحكمين يتم اختيارهم بسرية تامة، ونعلم أن البعض من خارج الكويت، لهذا نخشى أن يكون لبعض هؤلاء علاقة مباشرة بدور نشر خارجية، لهذا الأفضل أن توكل مهام التحكيم لأساتذة من داخل الكويت، واعتقد ان هناك من هو مؤهل لهذه المهمة في جامعاتنا وغيرها من مؤسسات أكاديمية.

إعلان النتائج

يجب أن يعطى أسلوب منح الجوائز أو طريقة الإعلان عنها اهتماما ومكانة أفضل، حيث المُبدع يطمح إلى الدعم المعنوي والإعلامي اكبر من الدعم المادي، لان هذه الجوائز هدفها التحفيز وليس الكسب المادي، وهنا نجد أن أسلوب الإعلان عن نتائج الجائزة المتبع حالياً ليس له جدوى، ونظام قديم لا يتماشى مع العصر؛ فالذي يحدث أن المجلس الوطني للثقافة والفنون يرسل خبر الفائزين ببيان الى وكالة الأنباء، تبثه من دون أن يكون هناك مؤتمر صحافي، لهذا قد ينشر البيان ببعض الصحف، وقد لا تنشره أخرى، وقد لا يعلم بفوز الفائز احد إلا أهله، وهذا مجحف بحقه أدبياً ومعنوياً، رغم أن الحفل الذي يقام لاحقا هو تحصيل حاصل ليس إلا.

ولو نظرنا إلى الأسلوب المتبع في جوائز أخرى عربية وخليجية وعالمية، نراه مختلفاً كلياً، وينتظره الجميع بفارغ الصبر، حيث لا يُعلن عن أسماء الفائزين في يوم واحد، انما على أيام متفرقة، ففي يوم يُعلن عن أسماء الفائزين في جوائز الآداب، وفي يوم آخر جوائز الفنون، وقبلها بفترة تكون هناك قائمة قصيرة للأعمال المرشحة في تلك الجائزة، لان دخول الكاتب قائمة الترشح له ثمن معنوي اكبر من الفوز ذاته، حيث يتم تسلط الضوء على عمله، لكن ما يحدث الآن هو أن يُعلن اسم الفائز في مجال ما، ولكن لا نعرف أسماء المتقدمين أو المنافسين له، لهذا نجد أن أعمالا متميزة تنشر لكتاب من الشباب الكويتي لها صدى في الأوساط الثقافية العربية، وتقدموا للجائزة ولكن لم يحالفهم الحظ، ولو كانت هناك قوائم ترشيح لكان ذلك أجدى.

اقتراح

لهذا ما نقترحه في هذا الشأن أن يكون الإعلان عن الفائزين لثلاثة أيام متباعدة خلال شهر كامل، في اليوم الأول تعلن جوائز الأدب من قصة ورواية ونقد، على أن يكون لكل جائزة ثلاثة مرشحين أو اقل، ويكون الاختيار لواحد أو اثنين مناصفة، وبهذا كما أسلفنا نعطي من لم يفز ميزة الترشح، وهذه لها مكسب معنوي للكاتب كما هو متعارف عليه عالميا، وفي يوم آخر تعلن جوائز الفنون مع حفل موسيقى، وينطبق عليها ما ينطبق على جوائز الأدب، ويكون هناك ثلاثة مرشحين لكل مجال، وفي يوم آخر تعلن جوائز العلوم الاجتماعية والدراسات الإنسانية، وان يوكل تنظيم تلك الحفلات للقطاع الخاص؛ وأعني القنوات التلفزيونية المحلية التي لديها خبرة في الزخم الإعلامي والإعلاني.

هذا ما نراه، وهو اجتهاد ليس إلا من أجل إعادة الفهم وإعادة والتقييم، وكذلك التطوير.

شروط الجائزة

من ضمن الشروط في النظام الحالي ان يكون بإمكان من فاز بالجائزة أن يتقدم مرة أخرى بعد سنتين من فوزه، ونعتقد ان الأفضل أن تكون الجائزة لمرة واحدة لكل متقدم، بما أنها جائزة تشجيعية، وان يتاح المجال لغيره، كما هو معمول بالجائزة التقديرية، وهناك شرط مُبهم، وهو ألا يتقدم للجائزة إلا بعمل واحد، وهذا حصل مع بعض المتقدمين، رغم ان هذا الشرط غير موجود فعلياً، وهناك شرط مُجحف، وهو انك إذا تقدمت مثلا لجائزة الرواية أو إي مجال آخر هذا العام، ولم يحالفك النجاح، هنا لا يجوز أن تتقدم مرة اخرى بنفس العمل، وهذا شرط غير منصف بحق الكثير من المتقدمين، ويعني ان عمله قُضي عليه. أيضا من يقدم إصداره للترشح لا يعلم أسماء المتقدمين، ولو عرف ووجد أن هناك زميلاً منافساً له لانسحب، وتقدم بإصداره في عام قادم، حيث ستكون الفرصة له اكبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.