تعاني الحامل منذ القدم من ما يسمى الدوخة الصباحية فتشعر الحامل برغبة بالتقيؤ و عدم الرغبة بالأكل، وبالرغم من أن هذه الدوخة تضايق الأم الا أنها في الحقيقة مفيدة للجنين ، فبهذه الطريقة تمتنع الأم عن تناول الأطعمة التي قد تضايق معدتها و والتي هي قد تؤذي الجينين أيضأ، فكأن هذه الدوخة توفر الحماية الطبيعي للجنين.
ويقول الأطباء أيضاً إن حالة الدوخان هذه ليست ظاهرة عادية وأنه لا بد من سبب وراءها. ويضيف أطباء آخرون إنها دليل على أن الحمل طبيعي وصحي ومنتظم، على الرغم من الإزعاج الذي تسببه للحامل.
لكن الطب الحديث الذي يرفض القبول بالمسلمات القديمة كما وصلتنا من الأجداد، ويبحث دائماً عن الدليـل العلمي الذي لا يقبل الشك، راح يتساءل عما إذا كانت "دوخة الصباح" تساعد الحامل بالفعل على إكمال حملها الصحي بصورة جيدة، أم أن هذه الدوخة، كما يقال في العديد من الدوائر الطبية، ليست سوى نتيجة جانبية مزعجة للحمل الصحي حيث الصراع على أشده بين جسم الأم والجنين المتنامي من اجل الحصول على المواد الغذائية الكافية واللازمة للحياة.
ومن أجل الوصول إلى الحقيقة، انشغل العشرات من الأطباء طوال السنوات الثلاث الماضية في تحليل المعلومات المأخوذة من عشرات آلاف الحوامل بهدف معرفة متى يحدث دوخان الصباح، ومتى لا يحدث.
وفي نهاية البحث راح الأطباء يتساءلون: إذا كانت "دوخة الصباح" هي بالفعل نتيجة جانبية للحمل الصحي، فمن المفروض أن تصاحب كل حالات الحمل الصحي. لكن هذا غير صحيح كما يقول عالم الأحياء الأميركي صاموئيل فلامان، الأستاذ في جامعة كولورادو.
ويشرح هذا العالم فيقول إن الدراسات التي أجراها وفريقه الطبي أثبتت أن "دوخة الصباح" رافقت ثلثي حالات الحمل فقط، في حين اكتمل حمل الثلث الباقي بصورة طبيعية ومن دون أن تعاني الحوامل من تلك الدوخة.
ومن النتـائج المثيرة للانتباه أن الأطباء لاحظوا أن بقية الثدييات في المملكة الحيوانية لا تعرف "دوخة الصباح"، الإنسان وحده يعرفها ويعاني منها.
والملاحظة الأخيرة وضعت الأطباء أمام سؤال أشبه بالمعضلة.. فإذا كانت دوخة الصباح ضرورية للحمل الصحي الصحيح، ونتيجة جانبية للحمل وحكاية الصراع على الغذاء بين جسم الأم وأعضاء الجنين المتكون، فلماذا لا تعرف بقية الثدييات هذه الدوخة؟
وبين النظريات والنظريات المضادة، ثبت للأطباء أن الظروف المناسبة للشعور بدوخة الصباح تتأثر بصورة كبيرة بكل من:
منظر أو رائحة أو طعم اللحوم أو بعض أنواع الخضراوات أو طعم أو رائحة المشروبات الكحولية والسجائر ، وهي جميعها مواد غذائية يمكن أن تحمل ميكروبات أو مواد كيماوية تؤثر على الحمل نفسه.
كذلك لاحظ الأطباء أن «دوخة الصباح» تبلغ الذروة عندما تصبح أعضاء الجنين سريعة التأثر بالعناصر الكيميائية المذابة في السوائل المحيطة، وذلك بين الأسبوع السادس والأسبوع الثامن عشر من الحمل.
وفي العودة إلى ملاحظة أن الإنسان وحده، دون بقية الثدييات، يعرف دوخة الصباح، يقول الأطباء المشاركون في هذه الأبحاث إن السبب قد يعود إلى التنوع الكبير في غذاء الإنسان، في حين أن غذاء بقية الثدييات يقتصر على أنواع قليلة لا تتغير من الطعام.
ويختم الأطباء بالقول إن دوخة الصباح أكبر من اختصارها في كلمات قليلة وتفسيرات محددة، وأن الموضوع في حاجة إلى مزيد من البحث والدراسة